تمكين الشباب في بيئة قمعية مقيدة للحريات..الحلم المستحيل في الإمارات؟
برغم أن خطوة إقالة تسع قيادات حكومية لإتاحة الفرصة للأجيال الشابة في الإمارات في محاولة لتمكين القيادات الشابة والجيل الجديد تعد خطوة إيجابية إلا أنها تثير تساؤلات حرجة، أهمها هل تكفي لتمكين الأجيال الشابة في ظل بيئة قمعية وقبضة أمنية مشددة
برغم أن خطوة إقالة تسع قيادات حكومية لإتاحة الفرصة للأجيال الشابة في الإمارات في محاولة لتمكين القيادات الشابة والجيل الجديد تعد خطوة إيجابية إلا أنها تثير تساؤلات حرجة، أهمها هل تكفي لتمكين الأجيال الشابة في ظل بيئة قمعية وقبضة أمنية مشددة ورقابة صارمة وتقيد حرية استخدام الانترنت ووسائل الاتصال والملاحقات القضائية للناشطين والمغردين والإصلاحيين وتراجع حرية الرأي والتعبير والإعلام، وتغلغل الأجانب في مناصب وهياكل الدولة، وقوانين قمعية لا تسمح حتى بمجرد تغريدة أو تدوينة، وخطة إصلاح اقتصادي تفتقر حتى الآن للشفافية بحسب مراقبين.
القيادات الشابة
في إطار تأكيد سعي الدولة لتمكين الشباب أمر حاكم إمارة دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، بإجراء تعديلات إدارية في بلدية الإمارة، شملت إحالة 9 من كبار المسؤولين للتقاعد بعد زيارة مفاجئة لمكاتب الحكومة، واكتشاف غياب عدد كبير من الموظفين، وقال إنه يرغب في إتاحة المجال لجيل جديد من القيادات الشابة القادرة على تحمل مسؤولية التطوير خلال المرحلة المقبلة.
وتحاول حكومات في منطقة الخليج جعل أجهزتها البيروقراطية أكثر كفاءة، في الوقت الذي يضغط فيه انخفاض أسعار النفط على الموارد، والتحرك الذي قام به الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم يعد أحد أبرز الجهود في ذلك الاتجاه حتى الآن.
وذكرت وكالة الأنباء الإماراتية (وام)، أن الشيخ محمد أمر بإحالة 9 للتقاعد من قيادات بلدية دبي، منهم مديرون، ومساعدون للمدير العام في إدارات مثل الشؤون القانونية والتخطيط.
ونشرت حكومته، الأحد، تسجيلاً مصوراً له على الإنترنت، يتحدث فيه عن زيارة لم يعلن عنها من قبل لأحد المكاتب الحكومية، ووجده خالياً من الموظفين، وقال مسؤول إعلامي في دبي إن الهدف من الزيارة كان “توجيه رسالة”.
وقالت الوكالة إن الشيخ محمد وجه الشكر، الاثنين، للمسؤولين التسعة الذين أحيلوا للتقاعد على ما قدموه من جهود خلال فترة عملهم، لكنه قال إنه يرغب في إتاحة المجال لجيل جديد من القيادات الشابة القادرة على تحمل مسؤولية التطوير خلال المرحلة المقبلة، وتقديم أرقى مستويات الخدمة للجمهور.
التمييز لصالح الأجانب
تعاني الإمارات من تمييز لصالح الأجانب فقد اعتبر “مركز الإمارات للدراسات والإعلام” “إيماسك” في تقرير نشر في 13/8/2016 أن “التمييز العنصري مفتعلاً بالتأكيد وللسلطة جزء كبير فيه وبالرغم من صدور قانون مكافحة التمييز والعنصرية في الدولة الإماراتية إلا أن هذا القانون فقط جرى تصميمه على المطالبين بالإصلاحات وحدهم أو المواطنين فيما التمييز يبدأ من سلطة اتخاذ القرار، وغالبية هذه السلطة تخضع لاستشارات من الأجانب (أوروبيون أو عرب)، فيما جرى إقصاء المواطنين عن تلك المناصب بل إن مستشارين ومسؤولين حكوميين وضعوا في السجون بسبب مطالبتهم بالإصلاح التي من بينها “المواطنة المتساوية”، وعلى العكس يمنع هؤلاء بعنصرية مشبعة بالحقد أي تقارب بين المواطنين الإماراتيين من جهة وبين المواطنين وحكام وشيوخ الإمارات.
ولإصلاح هذا الخلل الذي يهدد الإمارات يجب أن يبدأ من السلطة أولاً وتصحيح الأخطاء وإصلاح ما تدهور في علاقات المواطنين وبعضهم إلى جانب علاقتهم بالمواطنين والتذكر دائماً أن الدول تهتم بمواطنيها أولاً ثم القادمين من خارج البلاد، بحسب “إيماسك”
عمليات تجسس ضد مواطنين
في مؤشر على مساحة الحرية الممنوحة بالدولة نشرت مجلة “فورين بوليسي” الأمريكية أن دولة الإمارات قامت بعمليات تجسس سرية ضد مواطنيها من المعارضين السياسيين والحقوقيين والإنسانيين، باستعمال برنامج تجسس إسرائيلي نادر.
وأوردت المجلة الأمريكية، في تقرير لها، في نهاية أغسطس الجاري أن الإمارات قامت بتوظيف برنامج التجسس النادر الذي يسمح لها باستغلال الثغرات في الأجهزة الإلكترونية لشخصيات معروفة، مثل الناشط الإنساني أحمد منصور من أجل تحويلها إلى آلات قوية للتجسس حول كل تحركات المعارضين للسلطة، أو الذين يشكلون أي نوع من أنواع الخطر المحتمل عليها.
وقالت المجلة إن الناشط الإنساني أحمد منصور تلقى رسالة هاتفية من طرف مجهول على هاتفه، وقد تضمنت الرسالة رابطا مموها بعنوان “أسرار جديدة لعمليات تعذيب في السجون الإماراتية”، وقد قام منصور بفتح هذا الرابط الذي أرسلته له السلطات الإماراتية في شهر آب/ أغسطس الجاري، فتحول هاتفه إلى أداة للتجسس في يد السلطات الإماراتية.
ولفتت المجلة إلى أن البرنامج الذي وظفته الحكومة الإماراتية يدعى “بيجاسوس”، ويسمح لها هذا البرنامج باعتراض المكالمات الهاتفية وتسجيل الرسائل الهاتفية، حتى تلك التي يقوم بها الشخص من خلال تطبيقات مشفرة، مثل “واتس آب” و”فايبر”، أو قراءة رسائل البريد الإلكتروني أو تعقب تحركات الشخص المستهدف، بالإضافة إلى قدرته على التحكم في الكاميرا أو مضخم الصوت.
وقالت إن تفاصيل تجسس الحكومة الإماراتية على الناشط أحمد منصور كشف عنها مركز أبحاث “سيتيزن لاب”، ومقره في جامعة تورنتو في الولايات المتحدة الأمريكية، ويهتم هذا المركز بتتبع وتوثيق حالات الاختراق الإلكتروني والقرصنة التي تقوم بها الحكومات حول العالم من أجل التجسس.
تقييد حرية الانترنت
برغم أن الانترنت هو المتنفس الأبرز بحياة الشباب تستخدم الإمارات وعلى نطاق واسع وبأساليب “غير شرعية” الانترنت ضد خصومها والناشطين، ففي يونيو الماضي، نشر الباحث”مارك زاك بيل”، وهو زميل بارز في “سيتيزن لاب” في جامعة مونك للشؤون العالمية في تورنتو، تحقيقا علميا يكشف هجمات التجسس التي شنها جهاز الأمن في الإمارات ضد الناشطين والصحفيين في الإمارات منذ عام 2012 وحتى يومنا هذا.بحسب مركز “إيماسك”.
وقال الباحث، قد تم “إرسال” برمجيات خبيثة، مثلا، أُرسلت 31 تغريدة أوقعت 27 ضحية، وقد حصلت الحكومة على معلوماتهم الشخصية (الصور، الموقع)، وبموجب هذا الاختراق تم اعتقال عدد من المغردين ومحاكمتهم.
نظام رقابة ينتهك الخصوصية
أما موقع “ميدل إيست آي” فرصد في (31|7) أن الإمارات بصدد تأسيس نظام رقابة وتجسس في كل مكان وعلى أي جهاز وأي شخص حتى ولو لم يكن مشتبها به، لذلك، فإن حق الإماراتيين في الخصوصية منتهك في اتجاهين. الأول: ما تمنع به السلطات الإماراتيين من استخدام الانترنت والاتصالات بصورة تتفق مع حقوقهم وحرياتهم كما في حظر استخدام (VNP). أما الاتجاه الثاني، فهو اقتحام السلطات خصوصية الإماراتيين ببرامج رقابة وتجسس وفق ما كشفه الموقع البريطاني. والاتجاهان يعتبران انتقاصا كبيرا للحقوق والحريات رغم التطور التكنولوجي المتعاظم في الدولة.
حظر الصوت
التقييد في الإمارات بلغ أيضا حظر الصوت عبر الانترنت فقد أكدت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات في الإمارات في 24 أغسطس 2015 أن “المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت تعد من الأنشطة المنظمة في الدولة، وأنه يحظر إجراء المكالمات الصوتية عبر هذا البروتوكول إلا من خلال الشركات المرخص لها.ويشمل الحظر برنامج خدمة “سكايب” للاتصال المجاني، وكذلك الاتصالات الهاتفية عبر برنامج “واتساب” وبرنامج “فايبر”، وأي برنامج آخر يعتمد المكالمات الصوتية عبر بروتوكول الإنترنت.
قوانين قمعية ..جرائم تقنية المعلومات
تستخدم أبو ظبي قوانين فضفاضة، للتضييق على المواطنين، حيث حذر ناشطون من أن جهاز أمن الدولة يسخر قانون جرائم تقنية المعلومات سيئ الذكر للتضييق على الآراء المعارضة وقمعها وتبرير إخفاء معتقلي الرأي قسريا ولو بسبب تغريدة كما حصل في قصص اعتقال كثيرة، فيما يعد إصدار قوانين هو الأداة الأبرز في تقييد الحريات في الإمارات، مبكرا ومنذ صدوره أثار قانون “مكافحة جرائم تقنية المعلومات في الإمارات” قلق وانتقادات المعنيين بالدفاع عن حرية التعبير وحقوق الإنسان، خاصة أنه يجرّم ما يعتبره كثيرون مجرد تعليقات ساخرة أو تبادل للمعلومات أو نكت بريئة.
المصدر : الخليج العربي