«حقوق الإنسان في الخليج».. الملف الغائب عن أجندة قمة المنامة
رغم مرور عامين على إعلان حقوق الإنسان لدول الخليج في القمة الخليجية بالدوحة، لا تزال نصوص حيوية فيه معطلة وبحاجة إلى تفعيل، بل إن ملف حقوق الإنسان نفسه تم تغييبه ولم يتصدر أجندة القمة الـ37 التي تنطلق اليوم في العاصمة البحرينية المنامة
رغم مرور عامين على إعلان حقوق الإنسان لدول الخليج في القمة الخليجية بالدوحة، لا تزال نصوص حيوية فيه معطلة وبحاجة إلى تفعيل، بل إن ملف حقوق الإنسان نفسه تم تغييبه ولم يتصدر أجندة القمة الـ37 التي تنطلق اليوم في العاصمة البحرينية المنامة، بحسب منظمات حقوقية، حذرت من تراجع حزمة من الحقوق والحريات العامة، منها حرية الرأي والتعبير والمعارضة السلمية والتجمع السلمي والحق في الجنسية، والحماية من التعذيب والاعتقال التعسفي، أما الواقع فهو الاعتماد على قوانين الأمن الوطني، الغامضة الصياغة والفضفاضة لإدانة النشطاء السلميين.
وأكدت منظمات حقوقية أن ظهور «داعش» ليس مبررا لسحق كل مظاهر المعارضة السلمية، وأن دول الخليج شنت حملة لا هوادة فيها استهدفت نشطاء حقوق الإنسان وقادة المعارضة والصحافيين والمحامين والأكاديميين.
القمة الخليجية الـ37 في المنامة
انطلقت في البحرين اليوم، أعمال الدورة الـ37 لقمة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فيما أكدت البحرين أن القمة ستبحث ملف الاتحاد والتكامل الشامل بين دول المجلس، وستخرج بقرارات تعزز العمل الخليجي المشترك. وتستضيف البحرين اليوم القمة الخليجية الـ37 بحضور رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، رغم تناول القمة لجميع ما يؤرق الشعوب الخليجية فلم يتصدرها ملف حقوق الإنسان في الخليج رغم أولويته.
عامين بلا تفعيل.. حقوق منتهكة
رغم مرور عامين على صدور الإعلان الخليجي لحقوق الإنسان، فلا تزال نصوص محورية منه منتهكة وتنتظر التفعيل بحسب منظمات حقوقية دولية.
وفي 9 ديسمبر (كانون الأول)، 2014 أصدرت دول الخليج في ختام القمة الخليجية في الدوحة إعلان حقوق الإنسان لدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واستندت فيه إلى الالتزام بما ورد في ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والميثاق العربي لحقوق الإنسان، وإعلان القاهرة لحقوق الإنسان في الإسلام، والمواثيق والاتفاقيات الدولية والإقليمية ذات الصلة.
مواد حيوية.. أين التطبيق؟
عن حرية الرأي نصت المادة «9» فيه على أن «حرية الرأي والتعبير عنه حق لكل إنسان، وممارستها مكفولة بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية والنظام العام والأنظمة (القوانين) المنظمة لهذا الشأن.
عن حق الجنسية، نصت المادة «13» على أن: «الجنسية حق لكل إنسان ينظم منحها النظام (القانون)، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدوده».
ضد القبض والحبس، المادة «32» تنص على أن: «الناس سواسية أمام القضاء وحق التقاضي مكفول لكل إنسان في ظل استقلالية كاملة للقضاء» والمادة «34» تقول: «لا يجوز القبض على أي إنسان أو تقييد حريته أو حبسه تعسفًا، وله الحق في المعاملة الإنسانية أثناء التحفظ عليه، ويُفصل المتهمون عن المُدانين مكانيًا ويعاملون معاملة تتفق مع وضعهم».
عن حظر التعذيب نصت المادة «36» على أنه: «يُحظر التعذيب (بدنيًا أو نفسيًا) أو المعاملة القاسية أو المُهينة أو الحاطّة بالكرامة الإنسانية».
إلا أنه لم تفعل هذه النصوص التي ألزمت حكومات الخليج نفسها بها، بحسب انتقادات منظمات حقوقية وازنة منها منظمة العفو الدولية، وتذكر بحقوق الإنسان المنتهكة في عدة دول والمنسية على أجندة القمة الخليجية المنعقدة اليوم وغدا.
ملف غائب عن جدول الأعمال؟
من جهتها، أعلنت منظمة العفو الدولية في بيان نشرته مساء أمس الاثنين، قبيل انطلاق القمة الخليجية في المنامة، أن السجلات المروعة لحقوق الإنسان في دول الخليج يجب ألا تُكنس تحت السجادة عندما يجتمع القادة الخليجيون، هذا الأسبوع.
وشددت المنظمة الحقوقية الدولية، على أن ملف حقوق الإنسان سيكون غائبا عن جدول الأعمال عند اجتماع قادة دول الخليج وهم يناقشون التعاون الأمني وتعزيز التجارة، إذ لن يتم التطرق إلى الحملة واسعة النطاق التي تشهدها دولهم لأسباب أمنية.
ملاحقة المعارضين
ودللت «أمنستي» بالقول: «في السنوات الأخيرة في منطقة الخليج، رأينا نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين السياسيين ومنتقدي الحكومة المسالمين، قد تم استهدافهم بشكل منهجي باسم الأمن». ونسبت المنظمة، لرندا حبيب، المدير الإقليمي لمنظمة العفو الدولية، توثيقها لمئات من الناشطين تعرضوا للمضايقات وحوكموا بصورة غير مشروعة، وجردوا من جنسيتهم، فضلا عن تعرضهم للاعتقال التعسفي أو في بعض الحالات للسجن أو حتى الحكم بالإعدام إثر محاكمات جائرة، وذلك كجزء من جهود متضافرة لترويع الناس وإجبارهم على الصمت».
تكتيكات قاسية
وأكدت المنظمة قائلة: «إن استخدام مثل هذه التكتيكات القاسية والتي تدوس كل حقوق الناس في دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تنتهي الآن».
بدورها، تقول رندا حبيب: «لسنوات كان الحلفاء الغربيون لدول الخليج بما في ذلك المملكة المتحدة والولايات المتحدة يرغبون في التحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان الواسعة في منطقة الخليج». مشيرة إلى أن الوقت قد حان لهؤلاء الحلفاء للتوقف عن بحث العلاقات الاقتصادية والتعاون الأمني قبل بحث ملفات حقوق الإنسان في الخليج، وتيريزا ماي «يجب ألا تهدر هذه الفرصة لإثارة قضايا الحقوق الأساسية».
قوانين لتقييد النشطاء
ونبهت المنظمة إلى كثير من الانتهاكات، قائلة: «في السنوات التي تلت الربيع العربي2011، وضع عدد من دول الخليج قوانين قمعية من قبيل قوانين (مكافحة الإرهاب)، و(الجريمة الإلكترونية) وحظر (التجمعات السلمية)، في محاولة لتقييد حرية التعبير ومعاقبة أولئك الذين ينتقدون سياسات الحكومة.
وحذرت المنظمة الدولية، من بروز نمط واضح في جميع أنحاء دول الخليج من الاعتماد على قوانين الأمن الوطني، غامضة الصياغة والفضفاضة لإدانة النشطاء السلميين بعد محاكمات جائرة بشكل صارخ.
سحق المعارضة السلمية
وفندت رندا حبيب التذرع بمواجهة تنظيم داعش للقمع الأمني في الخليج، قائلة: «التوتر المرتفع جراء ظهور داعش ليس مبررا لسحق كل مظاهر المعارضة السلمية». وطالبت «أمنستي» حكومات دول الخليج بالتوقف عن استخدام الأمن كقناع لقمع الناشطين.
وقالت «حبيب»، إن دول الخليج شنت حملة لا هوادة فيها استهدفت نشطاء حقوق الإنسان وقادة المعارضة والصحافيين والمحامين والأكاديميين وغيرهم. ومن بينهم السعودي المدافع عن حقوق الإنسان وليد أبو الخير، وهو يقضي حاليا عقوبة 15 سنة سجنا، بعد إدانته في محاكمة غير عادلة، وفقا لقانون 2014 لمكافحة الإرهاب. كما قضت محكمة الاستئناف في الرياض على المدافع عن حقوق الإنسان عيسى الحامد، من 9 إلى 11 عاما في السجن بزعم قضايا إرهابية.
أما عن دولة الإمارات، فأشارت المنظمة الحقوقية لقضية الـ«94»، وذكرت المدافع عن حقوق الإنسان محمد الركن والذي يقضي حكما بالسجن 10 سنوات إلى جانب نحو 70 آخرين في أعقاب محاكمة جماعية غير عادلة بشكل صارخ.
سحب الجنسيات
أما الناشط البحريني نبيل رجب فهو من بين النشطاء الخليجيين الذين يحاكمون بطريقة غير مشروعة لتغريدات نشرها على موقع «تويتر». وبعد الإشارة إلى علي سلمان في البحرين، قالت المنظمة إن مئات في الإمارات والبحرين والكويت انتزعت جنسياتهم بشكل غير قانوني في السنوات الأخيرة، ما يجعلهم من عديمي الجنسية ويؤدي إلى حرمانهم من حقوقهم الأساسية، وقد غدا سحب الجنسيات شكلاً من أشكال التوجهات الإقليمية المقلقة المستخدمة في معاقبة المعارضة.
اعتقالات وتعذيب
وتحذر المنظمة، من أن انتهاكات حقوق الإنسان في دول الخليج تتجاوز قمع حرية التعبير لقضايا مثل الاعتقال التعسفي والتعذيب وغيره من أشكال إساءة المعاملة أثناء الاحتجاز، والمحاكمات الجائرة، وعدم توفير الحماية الكافية لحقوق العمال المهاجرين واستخدام عقوبة الإعدام.
خنق الإنترنت والسجن عبر التغريدات
في سياق متصل، نددت منظمة «هيومن رايتس ووتش»، في 1/11/2016 بقمع المعارضين في دول الخليج، وخصوصا من خلال مراقبة نشاطهم على الإنترنت، ودعت الحكومات إلى إجراء إصلاحات بدلا من اللجوء إلى سجن المعارضين السلميين لا سيما في الإمارات.
ونبهت المنظمة إلى لجوء عدد كبير من المعارضين في هذه الدول التي تحظر غالبيتها الأحزاب السياسية والتجمعات، إلى شبكات التواصل الاجتماعي مثل «تويتر» و«فيسبوك» و«يوتيوب» للتعبير عن آرائهم المعارضة. وتعرض المعارضون للتوقيف والمحاكمة أو للإدانة خلال السنوات الست الأخيرة، بعدما عبروا عن آرائهم على الإنترنت.
المصدر :الخلج العربي