الإمارات : المواطنون يدفعون ثمن السياسة الداخلية والخارجية لجهاز الأمن

يُصاب الإماراتيون بفواجع ونوازل بتدخلات أبوظبي الخارجية وانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام المال العام بشكل سيء داخلياً، يتضرر المواطن بشكل مباشر وتتضرر عائلات بأكملها من النهج الأمني المعتمد على أجانب يحددون ما هو التهديد والمباح وفق رؤيتهم ومصالحهم لا رؤية الوطن والمواطنة.

يُصاب الإماراتيون بفواجع ونوازل بتدخلات أبوظبي الخارجية وانتهاكات حقوق الإنسان واستخدام المال العام بشكل سيء داخلياً، يتضرر المواطن بشكل مباشر وتتضرر عائلات بأكملها من النهج الأمني المعتمد على أجانب يحددون ما هو التهديد والمباح وفق رؤيتهم ومصالحهم لا رؤية الوطن والمواطنة.

وخلال شهر يناير/كانون الثاني تشكلت خارطة واسعة للثمن الذي يدفعه المواطن بسبب الخارج، وخارطة أوسع داخلياً بتفشي الانتهاكات واللامبالاة بالقانون والدستور الإماراتي الذي رفع من قيمة المواطنة وأقرّ محاسبة المتورطين في انتهاك الهوية الجامعة.

 

المحاكمات وملاحقة حرية الرأي

حيث نقل جهاز أمن الدولة في الإمارات، مؤخراً، المدون أسامة النجار من سجن “الوثبة” إلى سجن “الرزين” سيء السمعة في مخالفة قانونية واضحة بدلاً من الإفراج عنه لانقضاء محكوميته.

وقال المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، إن سلطات الإمارات تعمّدت نقل النجار بقصد مزيد التنكيل به والتضييق عليه خاصة وأنّ سجن الرزين هو سجن سيئ السمعة الذي يكتظ بالمساجين ويشتهر بشدّة القائمين عليه وقسوتهم وحرصهم الشديد على التضييق على مساجين الرأي والمعتقلين السياسيين بشتى الأساليب اللاإنسانية والمهينة والحاطة من الكرامة وعلى انتهاك حقوقهم في الزيارة وفي ما يضمن لهم آدميتهم.

في وقت كشفت عائلات السياسيين والناشطين الحقوقيين المعتقلين في سجن الرزين، عن تعمّد المسؤولين عن السجن منعهم من الزيارة بمبررات واهية ولا تحمل أي منطق. وقالت العائلات إن المسؤولين عن السجن الموجود بمنطقة صحراوية بإمارة أبو ظبي منعهم من الزيارة متعللين بأنّ الهواتف التي يتخاطب بواسطتها الزائرون مع السجناء من خلف حاجز بلوري معطّلة ولا تعمل.

 

حدود انتقاد السلطة

وتضخمت الانتهاكات التي يقوم بها جهاز أمن الدولة في الإمارات لتستهدف أبسط انتقاد للدولة حتى ولو كان المُنتقد جزءً ممن يوصفون براسمي ومنظري سياسات البلاد، وأحد أعمدتها الأكاديمية والسياسية.

يأتي ذلك في وقت تتفاقم سوداوية المناخات الحقوقية والإنسانية في البلاد، واعتقل جهاز أمن الدولة الأكاديمي الإماراتي البارز عبدالخالق عبدالله، حسب ما نشره ناشطون حقوقيون داخل الدولة. ما يثير مخاوف بشأن حدود انتقاد السلطات الإماراتية. والذي أفرج عنه بعد عشرة أيام من اختفاءه.

 

ناصر بن غيث

وتشبه التهم التي كانت ستُغلق على عبدالخالق عبدالله تلك التي يحاكم بسببها الأكاديمي الإماراتي ناصر بن غيث المعتقل منذ أغسطس/آب 2015م، “التطاول لفظياً على قيادة دولة أجنبية”. وجلسة محاكمته القادمة في فبراير/شباط.

ودعا المركز الدولي للعدالة إلى تحقيق جدي  ونزيه  وشفاف  في  خصوص  انتهاكات  حقوق  الإنسان  التي تعرض  لها  الدكتور بن غيث  ومحاسبة  كل من  ثبت  تورطه  في ذلك  وتقديمهم للمساءلة،  وتعويض  الدكتور  ناصر  بن غيث  عن جميع  الانتهاكات  التي تعرض لها.

محاكمة تيسير النجار

وقد تكون متهماً حتى الساعة الأولى لاختطافك كما حدث مع الصحافي الأردني تيسير النجار الذي مثل أمام محكمة استئناف أبوظبي الشهر الماضي لأول مره بتهمة الإساءة لرموز الدولة.

وأشارت الصحافة الرسمية إلى أن نيابة أمن الدولة أحالت قضيته -للمرة الأولى- للمحكمة متهمة إياه: “أنه بتاريخ 13 – 12 – 2015م وتاريخ سابق عليه نشر على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، ومن خلال حسابه عبارات من شأنها الإضرار بسمعة وهيبة ومكانة الدولة، كما نعت الدولة بعبارات مشينة وذلك على النحو المبين تفصيلاً بالأوراق”.

ومن العجيب أن الاتهام بمنشور لـ”النجار” كان في نفس اليوم الذي تم اعتقاله فيه في 13 ديسمبر/كانون الأول 2015، لكن استهدافه تم في وقت مبكر حيث منعت سلطات مطار دبي النجار في 3 ديسمبر/كانون الأول 2015، من ركوب طائرة متجهة إلى الأردن لزيارة زوجته وأطفاله.

وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إن الصحفي النجار تعرض للاعتقال التعسفي والتعذيب وإهدار حقه في المحاكمة العادلة في الدولة منذ حوالي العام، مطالبة بإطلاق سراحه.

 

ملاحقة المدونيين

كما أظهر الشهر الأول لعام 2017 استمرار جهاز أمن الدولة الإماراتي في ملاحقة الناشطين وإحالتهم إلى المحاكم، في وقت يشعل حملات على شبكات التواصل في محاولة لإخراسهم وتمهيداً لاعتقالهم.

 يأتي ذلك فيما دخلت الدولة منعطفاً جديداً هذا العام مع الزيادة في فواتير الكهرباء والمياه، ومرور عامين ونيف على رفع الدعم على المشتقات النفطية، إلى جانب فرض رسوم جديدة على المواطنين والمغتربين تتعلق بالإيجار والتأمين.

أظهرت تغريدة على شبكة التواصل الاجتماعي “تويتر” لوزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبدالله بن زايد استعدادات جديدة لجهاز أمن الدولة لملاحقة ناشطين ومدونين الكترونيين معارضين في الدولة يتخذون من شبكات التواصل متنفساً للتعبير عن آرائهم.

 وتعيد هذه الحملة الهمجية الفترة التي سبقت الحملة ضد الجمعية عام 2012م، والتي اعقبها اعتقال العشرات من قيادات جمعية الإصلاح والذين ظلوا شهوراً في سجون سرية يتعرضون للتعذيب قبل عرضهم على محاكمة في دائرة أمن الدولة في أبوظبي والتي جرى الحكم عليهم بالسجن في أكبر محاكمة سياسية عرفتها الإمارات فيما عُرف بـ”الإمارات 94″ والتي تلقت اتهامات وإدانات واسعة بصفتها محاكمة سياسية فاضحة وطالبت الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عنهم.

 

محاكمات الربع الرابع

إلى ذلك نشر مركز الإمارات للدراسات والإعلام (ايماسك) إحصائية بالمحاكمات السياسية خلال الربع الرابع للعام الماضي، حيث جرى محاكمة (50) شخصاً، حُكم فيها على (25) بالسجن والبقية تستمر محاكمتهم أو انقطعت أخبارها! من بين هؤلاء (32) يحملون الجنسية الإماراتية ومن ضمنهم (اثنين من البدون تصفهم الدولة بكونهم من جزر القمر)، جرى الحكم على (13) منهم فقط وتستمر محاكمة البقية. و(3) يحملون الجنسية المصرية جرى الحكم على واحد فقط.

كما تم الحكم على (3) لبنانيين، ومحاكمة (2) يحملون الجنسية الباكستانية جرى الحكم على أحدهم، فيما تم الحكم على واحد لكل جنسية من(العراق-كندا-تركيا-عُمان-السودان) وتستمر محاكمة واحد من كل جنسية (سوريا- الهند- إيران-فلسطين).

قوانين كارثية

وفي سياق متصل قال المركز الدولي للعدالة إن التعديلات على قانون العقوبات الإماراتي تشير بشكل واضح إلى تجريم حرية الرأي والتعبير وتقر الإعدام بلا أي ضمانات لمحاكمة عادلة.

وبدلاً من مناقشة المجلس الوطني للتقارير الدولية، والرد على الانتقادات الدولية لواقع حقوق الإنسان في الإمارات واستمرار سياسة الاعتقالات السياسية وانتهاك حرية الرأي والتعبير، يواصل المجلس الوطني تجاهل تلك الانتقادات والعمل على تسويق صورة غير حقيقية لواقع حقوق الإنسان في الدولة.

وخلال جلسة المجلس الوطني في الثاني من يناير أعلنت لجنة حقوق الإنسان في لمجلس الوطني، أنها ناقشت خلال اجتماعها من دور الانعقاد العادي الثاني للفصل التشريعي السادس عشر، “خطة عمل” اللجنة خلال الفصل التشريعي السادس عشر.

وعلاوة على ذلك استكمل المجلس الوطني تجميل قانون يتعلق بتقنية الاتصال عن بعد في الإجراءات الجزائية من أجل إقراره. وتعيش الإمارات مناخاً سوداوياً فيما يتعلق بحقوق الإنسان بالرغم من الحديث عن التقدمية والحداثة الاقتصادية وتعابير جذابة عن السعادة والتسامح.

وتزامن ذلك مع إعلان الشيخ منصور بن زايد آل نهيان وزير شؤون الرئاسة رئيس دائرة القضاء في أبوظبي، عن إنشاء نيابة ومحكمة السياحة بأبوظبي، في بادرة تعد الأولى من نوعها عالمياً.

ولم يعرف بعد تفاصيل وقوانين هذه النيابة والمحكمة، التي يبدو من تصريحات مسؤولين في دائرة القضاء بأبوظبي- للصحافة الرسمية- أنها تخدم “السياح” و “استدامة” بقاءهم بقوانين جديدة التي يظهر أنها امتيازات يلقها السُياح الأجانب في الدولة.

وفي إطار التضييق وزيادة الرقابة أفادت الهيئة العامة لتنظيم قطاع الاتصالات، بأن تعديلات أجرتها تشمل إضافة مادة جديدة تلزم المرخص لهما (شركة اتصالات و دو) بزيادة الرقابة والتحكم في التطبيقات والخدمات المقدمة من الطرف الثالث، مثل تطبيقات الألعاب، أو النغمات، أو المحتوى، والتي تقدم من طرف ثالث شريك للمرخص لهما، وذلك عن طريق إلزام شركائهما (الطرف الثالث) بالامتثال لمتطلبات تفعيل وتعطيل المنتجات والخدمات التي تخصهما.

وتؤكد العديد من التقارير الحقوقية الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان غياب حرية الإنترنت في الإمارات، وفق ما أكدت عليه منظمة فريدوم هاوس التي أشارت في تقرير لها عن مؤشر حرية الانترنت في العالم  أن ترتيب الإمارات جاء في (68) من دولة في العالم جرى قياس حرية الأنترنت فيها، فيما يستمر تدهورها في هذا المجال منذ عام 2013م.

انتقادات دولية

وقالت “هيومن رايتس ووتش”، في التقرير العالمي 2017 إن السلطات الإماراتية ضايقت منتقدي الحكومة ولاحقتهم قضائيا طوال عام في 2016، وعززت بشكل كبير قدرتها على المراقبة الإلكترونية في إطار جهودها لقمع حرية التعبير.

وقال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة الدولية: “تلاحق السلطات الإماراتية كل شخص لا يلتزم بتوجهاتها، والفضاء الافتراضي أصبح مكانها المفضل لاصطياد المنتقدين والمعارضين. الانتهاكات المتعلقة بحرية التعبير، ومعاملة السلطات للمحتجزين، تُعدّ أسبابا كافية للشعور بقلق كبير”.

المصدر : http://emasc-uae.com/news/view/7738

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى