السعادة والتسامح في الإمارات خيوط واهية.

مرَّ 12 شهراً على التعديل الحكومي في الإمارات، بوجود وزارتين للسعادة والتسامح التي أنشئت لأول مرة في تاريخ الإمارات، كتعويض للخسائر الفادحة والصدمات المتلاحقة التي يتعرض لها نظام العدالة وحق الرأي والتعبير في الدولة، فكيف يعيش المواطن الإماراتي بعد عام على انشاء الوزارتين.

مرَّ 12 شهراً على التعديل الحكومي في الإمارات، بوجود وزارتين للسعادة والتسامح التي أنشئت لأول مرة في تاريخ الإمارات، كتعويض للخسائر الفادحة والصدمات المتلاحقة التي يتعرض لها نظام العدالة وحق الرأي والتعبير في الدولة، فكيف يعيش المواطن الإماراتي بعد عام على انشاء الوزارتين.

هل الإماراتيون سعداء وهل المقيمون سعداء؟ ما الذي تغير على مستوى الخدمات وكيف يتأثر المواطن والمقيم؟ وهل الدولة تتسامح مع حرية الرأي والتعبير؟ وهل جهاز الأمن يسمح للجميع بحرية الانتماء الفكري والعقدي؟

الإجابة هي لا! والأسباب ستتضح مع إنجازات العام الماضي للوزارتين أو للحكومة باعتبار الوزارتين انعكاس لأداء الحكومة والأجهزة الأمنية.

ومنذ الإعلان عن التعديلات والتشكيلة الجديدة انصب التركيز والزخم الإعلامي حول المناصب المستحدثة، خصوصاً ما تم تسميته بوزارة السعادة إلى جانب وزارة التسامح، والتي كان هدفها دعائياً وترويجياً بالدرجة الأولى، في محاولة لتجميل الصورة الإماراتية المشوهة أمام الرأي العام العالمي، بفعل التقارير الحقوقية المتعددة التي تفضح أشكال الانتهاكات التي تمارسها السلطات الأمنية القمعية في الدولة.

لكن هذه المحاولات لم تنجح في أن تنقذ الإمارات من التراجع ثمانية مراكز كاملة في مؤشر السعادة العالمي، فوفقاً للترتيب الصادر في التقرير لعام 2016، احتلت الإمارات المرتبة 28 عالمياً، بعد أن كانت في المرتبة 20 في تقرير عام 2015م.

قضائياً ومدنياً

وزيرتا التسامح والسعادة لم تكلف أياً منهما مشقة الإطلاع على المعتقلين السياسيين وزيارة السجون الرسمية والسرية في الدولة ومناقشة أوضاع المعتقلين والمسجونين بالرغم من تقارير طوال العام تتحدث عن انتهاكات تعسفية وسجون انفرادية وأحكام سياسية وتعذيب.

إحصائياً رصد مركز الإمارات للدراسات والإعلام خلال العام الماضي (المحاكمات) ذات درجة التقاضِ الواحدة في محكمة أمن الدولة بتهم تتعلق بحرية الرأي والتعبير أو الانتماء الفكري أو الانتماء لجمعيات خيرية فقضت المحكمة على عشرات القضايا المتعلقة بالقوانين سيئة السمعة عام 2016م، ليبلغ عدد من تم إصدار أحكام بحقهم (184) شخصاً من (21 جنسية) معظمهم من المواطنين الإماراتيين بعدد (103) مواطناً فيما عدد البدون (7) معظمهم في قضايا تتعلق بحرية الرأي والتعبير.

إضافة إلى (34) من الجنسية اليمنية، (6) ليبيين، (5) سوريين، (5) لبنانين، (4) من سلطنة عمان، (4) يحملون الجنسية المصرية، (4) الولايات المتحدة، (2) الأردن، (2) العراق، (2) كندا، (2) الصومال، (2) السودان، (2) من بنجلادش،(2) باكستان واحد من الجنسيات الآتية (بريطانية، بلجيكا، فلسطين، تركيا، جزر القمر).

ومن حيث الفضاء المدني يشير مرصد التحالف العالمي إن الإمارات ضمن 16 بلداً في العالم يعيش فضاءً مدنياً مغلقاً، بناءً على مدى احترامها للحقوق الأساسية الثلاث، وهي ضمن أكثر البيئات قمعاً في العالم لنشطاء المجتمع المدني. وينشر المرصد إحصاءاته بشكل مستمر من أجل مشاركة المواطنين CIVICUS Monitor، وهو الأداة الأولى من نوعها على الإنترنت لتتبع ومقارنة الحريات المدنية على نطاق عالمي.

اكتفت الوزارتين بتشكيل مجالس طلابية وشبابية في مركز كل إمارة إضافة إلى الطلاب في الخارج، وتقوم بعمل ندوات ومحاضرات تعزز دور الشباب في الحياة الوطنية التي هم ممنوعين من الاقتراب ومناقشة أي موضوع يتعلق بالسياسة أو بالانتقاد، وتعتمد على محاضرين أمنيين يمتلكون مناصب في مؤسسات جهاز الأمن المختلفة الإعلامية أو الدعاية أو العلاقات العامة.

مؤشرات الأمن والسلام

وفي الدول الأكثر أمانا بالعالم، وعددها 24 دولة جاءت الدولة بالمرتبة 16 مستفيدة من تدني مخاطر الكوارث الطبيعية ومعدل الجريمة، إلا أن ترتيبها الإجمالي (ضمن 16 دولة) تأثر كثيرا بنوعية الرعاية الصحية، إذ جاءت في المرتبة الـ58 عالميا، في مؤشر تصدره منظمة الصحة العالمية ل181 دولة، الذي يعتمد عليه مؤشر الدول الأكثر أمناً.

كما شهدت الدولة تراجع واضح في مركزها على مؤشر السلام العالمي الذي يطلقه معهد السلام والاقتصاد (IEP)، والذي يقيّم حالة السلم في 163 دولة بالعالم. حيث حصدت المرتبة الـ61، وكانت الدولة قد حصلت في العام 2015 على المركز 49، وفي عام 2014م حصدت الدولة المرتبة (40)، ما أخرج الدولة من الدول ذات التصنيف العالي للسلام إلى الدول ذات التصنيف المتوسط.

وفق المراصد والمؤشرات الدولية

تظهر المراصد الدولية السعادة التي تحققت في الإمارات ومستوى حياة المواطنين والمقيمين ففي مؤشر الازدهار العالمي تراجعت الإمارات كثيراً منذ عام 2014م ففي ذلك العام كانت الدولة في المرتبة (23) عالمياً وتراجعت سبع خطوات للخلف لتحل الدولة في المرتبة (30 ) في 2015م، ثم ما لبثت أن تراجعت 11 خطوة في تقرير هذا العام لتحل في المرتبة (41) عالمياً.

 واحتلت دولة الإمارات المرتبة 109 عالميا على مؤشر الحرية الفردية والذي يقيس الحقوق الأساسية والحرية الشخصية والتسامح الاجتماعي. وهو ما شكل مفاجأة من العيار الثقيل، كون خطاب التسامح يشكل اليوم مادة رئيسية في الإعلام والتصريحات الرسمية.

 وفي مؤشر التعليم احتلت الدولة المرتبة 66 عالميا، ويقيس هذا المؤشر نوعية التعليم ورأس المال البشري. ويعاني التعليم في الدولة من اختلالات كبيرة واستخدمت مناهج هذا العام للتحريض واستخدامها سياسياً من قبل جهاز الأمن.

واحتلت دولة الإمارات المرتبة 124 من أصل 144 دولة حول العالم في التقرير السنوي الـ11 لمؤشر المساواة بين الرجل والمرأة لعام 2016، الذي أصدره المنتدى الاقتصادي العالمي.

فبشكل ثابت يصنف مؤشر الديمقراطية الإمارات على أنها دولة “تسلطية” استبدادية، وحلت في المرتبة (152) بعد اليمن في تصنيف عام 2015، ليقول المؤشر في نتائجه من (10) إنه لا يوجد عملية انتخابية في الإمارات ولا تعددية لتحصل على (صفر/10)، فيما يأتي أداء الحكومة (3.5/10)، والمشاركة السياسية إلى (1.6/10)، في وقت يقول المؤشر إن الثقافة السياسية تصل إلى (5/10) فالإماراتيون يتابعون السياسية ويمتلكون أصولها، فيما يشير المؤشر الدولي الهام إلى أن الحريات المدنية لا تتعدى(2.9/10) في البلاد.

الأوضاع في السجون

 تعامل سلطات سجن الرزين سجناء الرأي معاملة قمعية ولا سيما مجموعة الامارات 94. وكانت سلطات سجن الرزين قد فتحت مكبرات صوت في كل مجمع، بأمر من جهاز أمن الدولة، وذلك لتشغيل موسيقى دعائية صاخبة جداً الهدف منها مدح حاكم أبو ظبي. ولقد وصف العديد من السجناء هذه الموسيقى على أنها عالية جداً ومزعجة ومؤذية.

ولقد تم تشغيلها ليس فقط أثناء النهار بل وكذلك في الليل من الساعة 1 إلى الساعة2، أي الساعات العادية لنوم السجناء. وفي الحقيقة فإن الغرض من هذه الموسيقى هو إثارة حفيظة السجناء.-حسب تقرير للمركز الدولي لحقوق الإنسان.

 وكان الدكتور محمد الركن المعتقل منذ 2012 أحد ضحايا هذه الإجراءات، وهو محامي وناشط بارز كان قد ترافع نيابة عن مجموعة من المصلحين الذين حوكموا ظلما في قضية الإمارات 94. وهو يعاني من سوء المعاملة وتم وضعه في الحبس الانفرادي مرات عديدة.

 كما تواصل سلطات سجن والوثبة في أبو ظبي معاملة السجناء السياسيين معاملة قاسية ولا إنسانية ومهينة بالرغم من النداءات التي وجهتها الأمم المتحدة ومنظمات المجتمع المدني لوضع حد لهذه الأعمال الوحشية.

 في سجن الوثبة يتقاسم السجناء السياسيين بمختلف جنسياتهم نفس العنبر (عنبر رقم 9) وذلك بغية تسليط تدابير أكثر تمييزاً ضدهم. كما أنهم محرومون من أبسط حقوقهم إذ قلصت سلطات السجن من عدد الزيارات لتصبح مرة في الأسبوع بعد أن كانت مرتين إضافة إلى مدة الزيارة التي صارت 15 دقيقة عوضاً عن 30 دقيقة. كما تم تقليل عدد المكالمات الهاتفية لتصبح 3 مكالمات فقط. ولقد قال بعض السجناء أنه تم منعهم من هذه المكالمات لمدة تزيد عن 10 أيام. ولقد أدت هذه المضايقات إلى قرار جماعي بمقاطعة طعام السجن وشرائه فقط من المقصف.

 

المصدر : http://bit.ly/2kWuG7f

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى