في تقريرها السنوي ,العفو الدولية تسلط الضوء على استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بدولة الإمارات
قالت «منظمة العفو الدولية» إن السلطات الإماراتية فرضت قيودا تعسفية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة ومعارضيها وعلى مواطنين أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب قوانين التشهير الجنائي ومكافحة الإرهاب.
قالت «منظمة العفو الدولية» إن السلطات الإماراتية فرضت قيودا تعسفية على الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات، وقبضت على عدد من منتقدي الحكومة ومعارضيها وعلى مواطنين أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب قوانين التشهير الجنائي ومكافحة الإرهاب.
وأشارت المنظمة في تقريرها السنوي عن حالة حقوق الإنسان في العالم لعام 2017/2016، إلى استمرار شيوع حوادث الاختفاء القسري والمحاكمات الجائرة، وتعرض المحتجزين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة.
وأضافت أن سجون الإمارات تعج بعشرات الأشخاص ممن صدرت ضدهم أحكام بعد محاكمات جائرة خلال السنوات الماضية، وكان من بينهم سجناء رأي، لافتة أن المرأة تعاني من التمييز في القانون والواقع الفعلي، كما يتعرض العمال الأجانب للاستغلال والإيذاء، بينما تواصل المحاكم إصدار أحكام بالإعدام، فيما لم ترد أنباء عن تنفيذها.
وذكرت المنظمة في تقريرها أن الإمارات العربية المتحدة ظلت عضوا في «التحالف الدولي» بقيادة المملكة العربية السعودية، والضالع في النزاع المسلح في اليمن، كما شاركت في عمليات عسكرية ضمن قوات دولية في سوريا والعراق ضد الجماعة المسلحة التي تطلق على نفسها اسم تنظيم «الدولة الإسلامية».
كما وافقت السلطات في أغسطس/آب، على نقل 15 من المعتقلين في المعتقل الأمريكي في خليج «غوانتنامو» إلى الإمارات، فيما لم ترد الحكومة على طلبات لزيارة الإمارات تقدم بها مقرر «الأمم المتحدة» الخاص المعني بالتعذيب وغيره من خبراء حقوق الإنسان بـ«الأمم المتحدة».
حرية التعبير وتكوين الجمعيات
وبحسب «العفو الدولية»، شددت السلطات من القانون المتعلق بتبادل المعلومات إلكترونيا، وفرضت قيودا على أشكال التعبير وتكوين الجمعيات عبر الإنترنت، وسنت قانونا يحظر استخدام الشبكات الافتراضية الشخصية.
كما قبضت السلطات على عدد من المنتقدين السلميين وغيرهم، وبينهم مواطنون أجانب، وقدمتهم للمحاكمة بموجب المواد المتعلقة بالتشهير الجنائي في قانون العقوبات، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر عام 2012، وقانون مكافحة الإرهاب الصادر عام 2014، وذلك في محاكمات جائرة أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا، ولا تفي الإجراءات المتبعة في دائرة أمن الدولة بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.
وفي مايو/أيار، قضت دائرة أمن الدولة ببراءة «موزة العبدولي» من تهمة الإساءة لقادة دولة الإمارات ومؤسساتها السياسية، وتهمة نشر معلومات كاذبة.
وقد قبض على «موزة العبدولي» في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، مع شقيقتها «أمينة العبدولي» وشقيقها «مصعب العبدولي»، كما قبض على شقيق آخر، وهو «وليد العبدولي» في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، لأنه انتقد القبض على أشقائه في خطب الجمعة، ثم أفرج عنه بدون توجيه تهم له في مارس/آذار 2016.
وكان «تيسير النجار، وهو صحفي أردني قبض عليه في ديسمبر/كانون الأول 2015، لا يزال محتجزا في نهاية العام في انتظار محاكمته أمام دائرة أمن الدولة، وذلك على ما يبدو بسبب تعليقات له على موقع «فيسبوك» انتقد فيها دولة الإمارات، بالإضافة إلى ما زعم عن صلته بجماعة «الإخوان المسلمين» المصرية التي تصنفها السلطات «محظورة»، وفي أكتوبر/تشرين الأول، أبلغ «تيسير النجار» زوجته أن بصره قد تدهور أثناء احتجازه.
وفي أغسطس/آب، بدا أن الحكومة كانت وراء محاولة التجسس عن بعد على هاتف «آي فون» الخاص بداعية حقوق الإنسان «أحمد منصور»، وكان من شأن هذه المحاولة، في حالة نجاحها، أن تتيح الوصول عن بعد إلى جميع البيانات الموجودة على الهاتف، والتحكم عن بعد في تطبيقاته، وفي مكبر الصوت والكاميرا.
ويذكر أن برنامج التجسس الإلكتروني الدقيق الذي استخدم في هذه العملية تبيعه «مجموعة إن إس أو»، وهي شركة أمريكية مقرها في «إسرائيل»، وقد ادعت أنها لا تبيع منتجاتها إلا للحكومات.
وظل المدافع عن حقوق الإنسان وسجين الرأي الدكتور «محمد الركن» في السجن، حيث يقضي حكما بالسجن لمدة 10 سنوات صدر ضده إثر محاكمة جماعية جائرة، فيما عرف بقضية «الإماراتيين 94»، في عام 2013.
حوادث الاختفاء القسري
وتابع التقرير أن عشرات المعتقلين، وبينهم أجانب، تعرضوا للاختفاء القسري على أيدي السلطات، حيث احتجزتهم طيلة شهور سرا دون الإقرار باحتجازهم، وذلك لاستجوابهم، وذكر كثيرون من هؤلاء الأشخاص، لدى الإفراج عنهم، أنهم تعرضوا للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة أثناء احتجازهم.
فقد تعرض «عبدالرحمن بن صبيح» للاختفاء القسري لمدة 3 أشهر على أيدي السلطات الإماراتية، بعد أن أعادته إندونيسيا قسرا إلى الإمارات في ديسمبر/كانون الأول 2015.
وكان «عبدالرحمن بن صبيح» قد حكم عليه غيابيا في عام 2013 بالسجن لمدة 15 سنة، وذلك إثر محاكمة جائرة في القضية المعروفة باسم «الإماراتيين 94»، وبعد إعادة محاكمته، في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، حكم عليه بالسجن 10 سنوات، يعقبها الخضوع للمراقبة لمدة 3 سنوات.
وتعرض سجين الرأي «ناصر بن غيث»، وهو أستاذ جامعي وخبير اقتصادي قبض عليه في أغسطس/آب 2015، للاختفاء القسري حتى أبريل/نيسان، حيث مثل أمام دائرة أمن الدولة.
وكان «ناصر بن غيث» يواجه تهما تتعلق فقط بممارسته السلمية لحقه في حرية التعبير وتكوين الجمعيات.
وقد أبلغ المحكمة أنه تعرض للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة على أيدي مسؤولين، ولكن القاضي لم يأمر بإجراء تحقيق، وفي ديسمبر/كانون الأول، أحيلت قضيته إلى محكمة الاستئناف.
التعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة
وتحدث «العفو الدولية» في تقريرها عن استمرار تعرض المعتقلين للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، ولاسيما من تعرضوا للاختفاء القسري، موضحة أنه أمر شائع يمارس بمنأى عن العقاب والمساءلة، ولم تقم الحكومة ولا دائرة أمن الدولة بإجراء تحقيقات مستقلة في ادعاءات المعتقلين بتعرضهم للتعذيب.
وخلال الفترة من مارس/آذار إلى يونيو/حزيران، أفرجت السلطات عن 6 من بين ما لا يقل عن 12 شخصا من أصل ليبي قبض عليهم في عامي 2014 و2015، وقد أفرج عن هؤلاء الستة بعدما قضت دائرة أمن الدولة ببراءتهم من تهمة تقديم الدعم لجماعات مسلحة ليبية.
وخلال عام 2015، تعرض ما لا يقل عن 10 من هؤلاء الأشخاص طيلة شهور للاحتجاز بمعزل عن العالم الخارجي وللتعذيب، بما في ذلك الضرب والصعق بالصدمات الكهربية والحرمان من النوم، على أيدي مسؤولي أمن الدولة، وأحيلوا بعد ذلك للمحاكمة.
ولم يفصح بعد عن مصير 2 من هؤلاء الأشخاص، وكان من بين الذين أفرج عنهم في عام 2016 «سليم العرادي»، وهو ليبي يحمل الجنسية الكندية، و«كمال الدارات» وابنه «محمد الدارات»، وهما ليبيان يحملان الجنسية الأمريكية.
المحاكمات الجائرة
وقالت المنظمة إن عشرات الأشخاص حوكموا، وبينهم مواطنون أجانب، أمام دائرة أمن الدولة، وكثيرا ما كان ذلك بناء على تهم صيغت بعبارات مبهمة تتعلق بأمن الدولة، وحرمت دائرة أمن الدولة المتهمين من الحق في تقديم دفاع فعال، وقبلت أدلة انتزعت تحت وطأة التعذيب لإدانة المتهمين.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أصدرت الحكومة قانونا يتيح استئناف الأحكام في قضايا أمن الدولة.
وفي مارس/آذار، أدانت دائرة أمن الدولة 34 شخصا بتهم من بينها إنشاء «مجموعة شباب المنارة» بغرض الإطاحة بالحكم وإقامة «دولة الخلافة على غرار تنظيم الدولة الإسلامية».
وحكم على المتهمين بالسجن لمدد تتراوح بين 3 سنوات والسجن مدى الحياة.
وكانت السلطات قد قبضت على هؤلاء الأشخاص في عام 2013 وأخفتهم قسريا لمدة 20 شهرا، وقد أدين بعضهم، على ما يبدو، استنادا إلى اعترافات قالوا إنها انتزعت تحت وطأة التعذيب.
وفي يونيو/حزيران، أصدرت دائرة أمن الدولة حكما بالسجن لمدة 3 سنوات على المواطن المصري «مصعب أحمد عبدالعزيز رمضان»، لاتهامه بإدارة جماعة دولية في الإمارات مرتبطة بجماعة «الإخوان المسلمين» في مصر.
وكان «مصعب أحمد عبدالعزيز رمضان» قد تعرض للاختفاء القسري على أيدي السلطات لعدة أشهر قبل محاكمته، وقد ادعى أن ضباط الأمن أجبروه خلال هذه الفترة على الاعتراف تحت وطأة التعذيب.
حقوق المرأة
وأضاف التقرير أن المرأة تعاني من التمييز في القانون والواقع الفعلي، وخاصة في المسائل المتعلقة بالزواج والطلاق والميراث وحضانة الأطفال، كما تفتقر إلى الحماية الكافية من العنف الجنسي، والعنف في نطاق الأسرحقوق العمال الأجانب
وتابعت أن العمال الأجانب، الذين يشكلون نحو 90% من قوة العمل في القطاع الخاص، يعانون من الاستغلال والإيذاء، كما ظلوا مربوطين بأصحاب الأعمال بموجب نظام الكفالة، ومحرومين من حقوق التفاوض الجماعي. واستمر حظر النقابات العمالية، وكان العمال الأجانب الذين يشاركون في إضرابات يواجهون الترحيل والمنع من العودة للإمارات لمدة سنة.
وفي يناير/كانون الثاني، بدأ سريان قرارات وزارة العمل أرقام 764 و765 و767 لعام 2015، والتي قالت الحكومة إن من شأنها معالجة بعض الانتهاكات التي يتعرض لها العمال الأجانب، بما في ذلك مسألة استبدال العقود القائمة منذ أمد بعيد، حيث يجد العامل الأجنبي لدى وصوله إلى الإمارات أن صاحب العمل يطالبه بالتوقيع على عقد جديد بأجر منخفض.
ولا تنطبق هذه القرارات على عمال المنازل، ومعظمهم نساء من آسيا وأفريقيا، حيث ظل هؤلاء العمال مستبعدين صراحة من أوجه الحماية التي يكفلها قانون العمل، ومعرضين بصفة خاصة للاستغلال ولانتهاكات جسيمة، بما في ذلك العمل القسري والاتجار في البشر.
عقوبة الإعدام
أصدرت المحاكم عددا من أحكام الإعدام، ولم ترد أنباء عن تنفيذ إعدامات، ونص المرسوم بقانون اتحادي رقم 7 لسنة 2016، والمتعلق بحماية المعلومات وبالتعبير، على توسيع نطاق تطبيق عقوبة الإعدام.