الإمارات : أسبوع من الانتهاكات الحقوقية
استفتحت الدولة الأسبوع الماضي بالإعلان عن نيابة متخصصة لملاحقة المدونين فعلاوة عن الإعلان بأنه قرار وزاري إلا أنه لم يعرف بعد اختصاصات هذه النيابة ومدى صلاحياتها الممنوحة وكيف يمكن تجاوزها للقوانين المحلية الأخرى، فالدولة اتحادية. ولا يبدو أن ذلك مهماً لصانع القرار لتوضيحه للمواطنين الإماراتيين- المعنيين فعلاً بهذا القرار دون غيرهم.
استفتحت الدولة الأسبوع الماضي بالإعلان عن نيابة متخصصة لملاحقة المدونين فعلاوة عن الإعلان بأنه قرار وزاري إلا أنه لم يعرف بعد اختصاصات هذه النيابة ومدى صلاحياتها الممنوحة وكيف يمكن تجاوزها للقوانين المحلية الأخرى، فالدولة اتحادية. ولا يبدو أن ذلك مهماً لصانع القرار لتوضيحه للمواطنين الإماراتيين- المعنيين فعلاً بهذا القرار دون غيرهم.
وبالرغم من ذلك تبنت هذه النيابة اعتقال الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور بالزعم أن “المدافع الشجاع عن حقوق الإنسان” نشر تدوينات على شبكات التواصل الاجتماعي “فيسبوك وتويتر” تضر بالسلم الاجتماعي، وتبث “الكراهية” والطائفية”، مع أن منصور يتحدث عن حقوق المواطنين الأساسية؛ وهو ما أدى إلى سخط دولي متعاظم من قِبل المنظمات الدولية.
اعتقال منصور ورفض الإفراج عن أسامة والحكم على تيسير
جاء اعتقال منصور بعد ساعات فقط من الكتابة عن المعتقل أسامة النجار الذي انهى فترة الحكم الظالم عليه في (17 مارس/آذار) وبالرغم من ذلك رفضت السلطات الإفراج عليه بدعوى أنه يمثل خطراً ويجب وضعه في سجن آخر يسمونه “مركز المناصحة” الذي يقع بمبنى مجاور للسجن، مع أن النجار الذي اعتقل بسبب تغريدات تدعم والده وتندد بتعذيبه في سجن سيء السمعة ضمن قضية (الإمارات 94)، ولمقابلته ممثلين عن الأمم المتحدة ظل معتقلاً ثلاث سنوات في السجون الرسمية والسرية ولم توجه له هذه التهمة، ولم تحدد النيابة فترة احتجازه هذه في المركز المذكور.
يأتي ذلك وأصدرت محكمة استئناف أبوظبي الاتحادية حكما في 15 مارس/آذار 2017 بحق الصحفي الأردني تيسير النجار بالسجن 3 سنوات ودفع غرامة كبيرة (500 ألف درهم) بتهمة “إهانة رموز الدولة”. جاء هذا الحكم ضد تيسير النجار نتيجة تعليقات كتبها على “فيسبوك” انتقد فيها مصر، إسرائيل ودول الخليج.
في ثلاث وقائع تشير إلى مجزرة واضحة المعالم تدفن كل ادعاءات الدولة في حماية حقوق الإنسان.
تنديدات دولية في المجزرة الحقوقية
أصدرت المنظمات الدولية بيانات متلاحقة على القضايا الثلاث، ففي قضية أسامة النجار قالت منظمة العفو الدولية وقالت إن بقاءه في السجن لا يمكن تبريره. وقالت سماح حديد مديرة الحملات في المنظمة: “قرار الحكومة الإماراتية بإبقاء أسامة النجار وراء القضبان بعد أن خدم الحكم الصادر بحقه لا يمكن تبريره -الدفاع- عنه، وهو اعتداء غير مبرر آخر على حرية التعبير”.
فيما أطلق مركز الخليج لحقوق الإنسان حملة لمطالبة السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري عن النجار، ودعا المركز جميع المدونين في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” إلى التضامن مع حملته الخاصة بـأسامة النجار باستخدام الوسم #الحرية_لإسامة.
وفي قضية أحمد منصور فبعد ساعات من اعتقاله من منزله في عجمان إلى جهةٍ مجهولة نشرت العديد من المنظمات بيانات تندد باعتقاله، وعبرت منظمة العفو الدولية عن فزعها وقالت لين معلوف، مدير البحوث المنظمة: نشعر بالفزع والاستياء لهذه الغارة والتي أدت إلى اعتقال أحمد منصور، المدافع الشجاع والبارز في مجال حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة. فيما أبدى مرصد المدافعين عن حقوق الإنسان مخاوفه من تعرضه للتعذيب.
وأصدر عشرات المدافعين عن حقوق الإنسان في الشرق الأوسط وشمال افريقيا، يُطالبون حكومة الامارات الكشف عن مكان احتجاز أحمد منصور واطلاق سراحه. وقال البيان: يُعتبرُ أحمد منصور من الأصوات النادر وجودها في الامارات العربية المتحدة والتي تُجاهر بالرأي المستقل، وذو المصداقية، فيما يتعلق بقضايا حقوق الانسان وتطوراتها في بلده.
ودأب على نقد وانتقاد ممارسات مثل الاعتقالات التعسفية والتعذيب أو سوء المعاملة، واخفاق الحكومة في الالتزام بالمعايير الدولية للمحاكمات العادلة، وعدم استقلال القضاء، والقوانين الوطنية التي لا تتماشى مع وتنتهك القانون الدولي لحقوق الانسان، بالإضافة الى العديد من انتهاكات الحقوق المدنية. وكان قد اعتقل في وقت سابق، وظل لغاية احتجازه ممنوعاً من السفر خارج البلاد”.
فيما قال بيان لمركز الخليجي لحقوق الإنسان إن “اعتقال أحمد منصور يعتبر ضربة قاسية ومدمرة لحقوق الإنسان في دولة الإمارات ويوضح نية السلطات إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان تماما مهما كانت التكاليف.
ويعرض خطاب السلطات الإماراتية عن حقوق الإنسان وكأنه لا معنى له تماماً، ويظهر احتقار السلطات بشكل كامل للمبادئ الأساسية للقانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان”.
وفي قضية تيسير النجار قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش -ضمن بيان للمنظمة”: “سجن صحفي بتهم ملفقة يهين الإمارات ورموزها أكثر من كتابات تيسير النجار”.
وأضاف أن “على رئيس الإمارات الإفراج فورا عن النجار والسماح له بالعودة إلى زوجته وعائلته في الاردن”.
وتابع ستورك أن “لا مجال لمحاكمة عادلة في ظل اتهامات مبهمة صممت خصيصا للحد من حرية التعبير ومعاقبة النقد السلمي”.
في تعليق له على الحكم الصادر بحق النجار تحدث رئيس الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان جمال عيد عن وضع حقوق الإنسان في الإمارات مشيرا إلى أن الشعب بحاجة إلى العدالة في ظل استمرار اعتقال أكثر من 90 معتقل رأي في سجون الدولة.
وقال عيد في تغريدة له على “تويتر”: “حكومة الإمارات لديها وزيرة للسعادة، ونحو 90 سجين رأي، وصحفي سجين، ودعاة ديمقراطية ممنوعين من السفر، شعب الإمارات بحاجة للعدالة”.
حقوق الإنسان في العالم
وبالرغم من هذه المجزرة الواسعة لحقوق الإنسان في الدولة أعربت وفدنا في جنيف عن قلقه لما ورد في التقرير السنوي للمفوض السامي لحقوق الإنسان حول مجموعة من المسائل التي ما زالت تعوق أعمال العديد من حقوق الإنسان، وسط تساؤلات عن واقع حقوق الإنسان في الإمارات وما يتعرض له من انتهاكات واسعة بحسب التقارير الصادرة عن المنظمات الحقوقية المحلية والدولية.
هل الإماراتيون سعداء؟
مع هذا الواقع الحقوقي السيء، من الصعب التكهن ببقاء السعادة في الإمارات، إضافة إلى وضع اقتصادي متدهور فمع دخول العام الجديد صَار على المواطن دفع رسوم للكهرباء والمياه، والتي تتزايد كل يوم،
كما جرى رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية -دون رؤية كافية للموارد- وتظهر بين الفينة والأخرى قرارات مستمرة بشأن زيادة في الرسوم أو تطبيق لقوانين جديدة يشمل المعاملات الحكومية والحديث المستمر عن فرض الضرائب.
وفيما تستمر ماكينة الإعلام بالحديث أن بناء الإماراتي أولوية رئيسية، فالواقع أن قمعه واقصائه ومنعه من الاقتراب من المناصب القيادية في الدولة هي الأولوية الرئيسية.
فيمكن ملاحظة ذلك خلال 75 يوماً مضت من عمر عام 2017م بالإمارات شهدت أبوظبي إعادة هيكلة -مستمرة منذ العام الماضي- في معظم الإدارات الخدمية واللجان والعلاقات المرتبطة بالمجلس التنفيذي ولم تسلم مؤسسات الدولة الاتحادية من قرارات مماثلة وأخرى في معظم المجالات والمناصب الحكومية واللجان والمؤسسات الاعتبارية والمتخصصة.
أحصى “ايماسك” ترقية وإحالة للتقاعد لعدد 8355 من المنتسبين لوزارة الداخلية وشرطة أبوظبي، وكانت معظم القرارات للمنتسبين في وزارة الداخلية، وصدر القرار في يناير/كانون الثاني الماضي واستمر توزيع الرُتب العسكرية حتى منتصف مارس/آذار 2017م.
فالدولة تعيش أزمة بين “سلطة القانون” و”قانون السلطة” والمؤكد أن الأخير هو ما يقوم بدوره الكبير تجاه الإمارات وشعبها، فالسلطة التي يديرها جهاز الأمن تعبث بمصالح المواطنين بشكلٍ مؤسف.
إعلام كاذب
يُتحفنا الإعلام الرسمي الإماراتي الخاضع لسيطرة جهاز أمن الدولة بخديعة توفر كمية كبيرة من محاولات التبرير والتسويف ومعالجة الأزمات بأزمات مماثلة، أو بتورية مفتعلة. فمن عناوين الافتتاحيات وحتى التقارير الخبرية والاحتفاء بإنقاذ قطة استخدام كبير للتورية على الجرائم التي ترتكب بحق حقوق المواطن الإماراتي.
المصدر : ايماسك