انتهاكات حقوقية بسبب عزل قطر
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن عزل الإمارات، البحرين، والسعودية لـ قطر يتسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كما ينتهك الحق في حرية التعبير ويؤدي إلى تشتت العائلات وتوقف الرعاية الطبية؛ في إحدى الحالات، أُجبر طفل على تفويت عملية جراحية لدماغه بعد أن حُدد موعدها
قالت “هيومن رايتس ووتش” اليوم إن عزل الإمارات، البحرين، والسعودية لـ قطر يتسبب في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، كما ينتهك الحق في حرية التعبير ويؤدي إلى تشتت العائلات وتوقف الرعاية الطبية؛ في إحدى الحالات، أُجبر طفل على تفويت عملية جراحية لدماغه بعد أن حُدد موعدها. كما يؤدي إلى انقطاع التعليم، وتشرد العمالة الوافدة من دون طعام أو ماء. حاليا، السفر من قطر وإليها مقيّد والحدود البرية مع السعودية مغلقة.
في 5 يونيو/حزيران 2017، قطعت السعودية والبحرين والإمارات علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وأمرت بطرد المواطنين القطريين وعودة مواطنيها من قطر في غضون 14 يوما. فرضت البلدان الثلاثة قيودا مفاجئة على السفر للجميع من دون النظر إلى الحالات الفردية. في 23 يونيو/حزيران ، أصدرت الدول الثلاث ومصر قائمة تضم 13 مطلبا إلى قطر لإنهاء الأزمة شملت إغلاق قناة “الجزيرة” ووسائل إعلام أخرى تدعي أنها ممولة من قطر. كما طالبتها بتخفيض العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وقطع العلاقات مع “المنظمات الإرهابية”، مثل جماعة “الإخوان المسلمين”، ودفع تعويضات لدول الخليج الأخرى عن “الخسائر في الأرواح” و”الخسائر المالية الأخرى” الناجمة عن سياسات قطر.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: “تنتهك النزاعات السياسية التي يشنها حكام الخليج حقوق سكان المنطقة ممن يعيشون حياتهم بسلام ويعتنون بأسرهم. وُضع مئات السعوديين والبحرينيين والإماراتيين أمام خيار صعب: إما تجاهل أوامر بلادهم أو ترك عائلاتهم ووظائفهم”.
قابل باحثو هيومن رايتس ووتش ووثقوا حالات 50 مواطنا من قطر والبحرين والسعودية، وأكثر من 70 وافدا أجنبيا يعيشون في قطر، انتهكت فيها حقوقهم بسبب السياسات التقييدية المفروضة منذ 5 يونيو/حزيران. كان يعيش 11327 مواطنا خليجيا في قطر وحوالي 1927 قطريا في دول الخليج الأخرى، كما أعلنت “الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان” القطرية في 1 يوليو/تموز.
قال مواطنون خليجيون لـ هيومن رايتس ووتش إن هناك آباء أُبعدوا قسرا عن أطفالهم الصغار وأزواج عن زوجاتهم، ومُنع أفراد أسر من زيارة أهاليهم المرضى أو المسنين. أفادت وسائل الإعلام القطرية عن عدم تمكن أفراد عائلة رجل سعودي توفي في قطر في 8 يونيو/حزيران من دخول قطر لاسترداد جثته، لتدفنه السلطات في نهاية المطاف في البلاد. تحظر المادة 26 من “الميثاق العربي لحقوق الإنسان” (الميثاق العربي)، الذي صادقت عليه السعودية والبحرين والإمارات، الطرد التعسفي للأجانب وأي طرد جماعي.
قال رجل قطري إنه انفصل عن زوجته السعودية الحامل التي كانت تزور أسرتها في السعودية وبقيت هناك عندما فُرضت القيود. قالت امرأة قطرية إنها تركت زوجها البحريني (70 عاما) في البحرين لأن سفارتها نصحتها بالعودة إلى قطر. كما اختبأت امرأة بحرينية لمنع حكومتها من معرفة بقاءها مع زوجها القطري وابنتها القطرية البالغة من العمر شهرين.
هددت بعض دول الخليج مواطنيها الذين بقوا في قطر بعقوبات محددة. وضعت “المديرية العامة للجوازات” في السعودية قطر ضمن قائمة الدول الممنوع على المواطنين السعوديين السفر إليها تحت عقوبة حظر السفر 3 سنوات وغرامة 10 آلاف ريال سعودي (2600 دولار أمريكي). في 13 يونيو/حزيران، أصدرت وزارة الداخلية البحرينية أمرا ينص على أن “كل من ينتهك الحظر… يُسحب جواز السفر الخاص به ويُرفض طلب تجديده”.
في 12 يونيو/حزيران، ردا على تقارير عن تشتت العائلات، أعلنت السعودية والبحرين والإمارات عن منحها استثناءات للسفر من وإلى قطر “للحالات الإنسانية للأسر المختلطة”، كما أنشأ كل بلد خطوطا هاتفية ساخنة. لكن من بين 12 مواطنا خليجيا قالوا إنهم حاولوا الاتصال بها، تمكن 2 من الحصول على إذن للذهاب والعودة. قال آخرون إنهم لم يتصلوا لخوفهم من استخدام تلك الدول الخطوط لاكتشاف هويات من بقوا في قطر.
قال مواطنون خليجيون آخرون إن القيود المفروضة على السفر أوقفت علاجهم الطبي أو دراستهم. قال والدان قطريان إن طفليهما فوتا جراحات مجدولة لهما في مستشفيات سعودية، أحدهما فتاة قالت أمها إنها قد تصاب بالشلل إن لم تحصل على علاج متخصص. اضطر رجل سعودي (67 عاما) إلى إنهاء علاج قلبه وكليتيه في قطر. لم تتطرق الاستثناءات السعودية والإماراتية والبحرينية إلى العلاج الطبي.
عرضت امرأة قطرية كانت في سنتها الثالثة في جامعة إماراتية على هيومن رايتس ووتش نسخة لرسالة إلكترونية مرسلة من مسؤول جامعي في 7 يونيو/حزيران تقول إن الجامعة أزالتها من دوراتها الصيفية والخريفية متمنية لها “النجاح في مسيرتكم التعليمية”. كما فُصلت امرأة قطرية من سنتها الدراسية الطبية الأخيرة فجأة في الإمارات. قال جميع الطلبة القطريين ممن تمت مقابلتهم إن القيود المفروضة على السفر أجبرتهم على العودة إلى قطر.
قال 4 قطريين إن العمال الوافدين الذي يكفلونهم تقطعت بهم السبل في السعودية من دون طعام أو ماء كافيين، كما قابلت هيومن رايتس ووتش 70 عاملا وافدا في مواقع مختلفة في الدوحة، اشتكى معظمهم تقريبا من ارتفاع أسعار المواد الغذائية في قطر لارتفاع تكاليف الواردات بعد إغلاق الحدود البرية. يؤدي إغلاق الحدود أيضا إلى تفاقم الانتهاكات الحالية التي قال العمال إنهم يواجهونها، بما فيها عدم دفع رواتبهم.
سعت السعودية والبحرين والإمارات إلى استخدام إجراءات سياسية ضد قطر لإغلاق وسائل إعلام بارزة في بلدانهم، خاصةً الجزيرة، والتي اتهمها قادة الخليج بإثارة الإرهاب والاضطرابات في جميع أنحاء المنطقة. هددت البحرين والإمارات بمعاقبة مواطنيهما إن “تعاطفوا” مع قطر على الإنترنت.
قالت ويتسن: “على دول الخليج التراجع قليلا ورؤية ما تسببت به من ضرر لمواطنيها. عليها وضع رفاهية الناس كأولوية قبل ممارسة لعبة القوة المسيئة”.
تشتت الأسر
أمرت السعودية والبحرين والإمارات بطرد جميع المواطنين القطريين من بلدانها، وطلبت عودة مواطنيها من قطر في غضون 14 يوما – بحلول 19 يونيو/حزيران. كما أنهت الدول الثلاث جميع الرحلات التجارية المباشرة من الدوحة وإليها، ما أجبر العائدين على العودة عبر بلد ثالث، عادة عمان أو الكويت. كذلك أعادت تلك الدول توجيه رحلاتها الجوية إلى خارج مجال قطر الجوي، وهدد بعضها مواطنيها الذين بقوا في قطر بعقوبات محددة.
قالت اللجنة الوطنية القطرية لحقوق الإنسان، الممولة حكوميا، في تقريرها الصادر في 1 يوليو/تموز إن 8254 سعوديا، و2349 بحرينيا، و784 إماراتيا تقريبا كانوا يعيشون في قطر قبل الأزمة، وإن 1927 قطريا كانوا يعيشون في تلك البلدان. ذكر التقرير أن اللجنة تلقت 480 حالة فصل عائلية منذ 5 يونيو/حزيران.
لا يسمح أي بلد من بلدان دول مجلس التعاون الخليجي بحمل جنسية مزدوجة، كما تميز هذه البلدان ضد المرأة بعدم السماح لها بإعطاء جنسيتها لأطفالها كالرجل. تسمح قطر، كباقي دول الخليج، للرجال بإعطاء الجنسية إلى أطفالهم، فيما لا يمكن لأبناء النساء القطريات والآباء من غير المواطنين التقدم بطلب للحصول على الجنسية إلا بشروط صارمة. ينص قانون الجنسية القطرية لعام 2005 على أنه يجوز للمقيمين لأكثر من 25 عاما التقدم بطلب للحصول على الجنسية، مع إعطاء الأولوية لأولئك لمن لديهم أمهات قطريات، وفق شروط محددة.
“سامي”، وهو بحريني عمره 36 عاما، وُلد في قطر لأم قطرية وأب بحريني. قال: “وُلدت هنا وأدرس وأعمل هنا”. تقدم بطلب للحصول على الجنسية القطرية قبل 6 سنوات من دون قرار: “هناك لجنة. أجريت اختبارا طبيا وتم التحري جنائيا عني، ودفعت 3 آلاف ريال (823 دولار أمريكي). قالوا إن ملفي مكتمل، لكن علي الانتظار للحصول على موافقة الحكومة. لكن لم يتصلوا بي حتى الآن”.
من بين 50 مواطنا خليجيا قابلتهم هيومن رايتس ووتش، أفاد 22 شخصا بأن القيود المفروضة على السفر قطعتهم عن أفراد عائلاتهم المباشرين. قابلت هيومن رايتس ووتش 15 شخصا قالوا إنهم متزوجون من شخص يحمل جنسية إحدى هذه الدول أو مطّلقين لكن لديهم أطفال منها
“ماهر”، وهو قطري عمره 37 عاما، قال إن القيود المفروضة على السفر أبعدته عن زوجته السعودية التي كانت تزور والدتها في المنطقة الشرقية من السعودية. قال إنه لا يُسمح لزوجته، ذات قرابة بعيدة له، بالسفر جوا لأنها في الأشهر الثلاثة الأخيرة من الحمل، ولن تسمح لها السلطات السعودية بعبور الحدود برا إلى قطر: “ذهبت إلى الحدود ظهر يوم الخميس [15 يونيو/حزيران] وتحدثت إليهم. قالوا إن علي التحدث مع وزارة الداخلية. اتصلت بهم على الرقم الذي أعطوني إياه وقالوا إنهم سيعيدون الاتصال بي. انتظرت هناك لساعتين، 12 – 2 ظهرا. … عدت إلى [المنزل] في نهاية المطاف لنفاد الوقود من سيارتي”.
قال ماهر إن الوضع معقد لأنه لم يسجل زواجه في أي من البلدين: “أريد فقط أن أكون مع زوجتي وطفلي. لم ننه أوراق الزواج بعد، لذا لا يوجد ما يؤكد زواجنا. لا أستطيع الآن إكمال الأوراق، وأخشى أن يأخذوا طفلي بعيدا ويعطوه الجنسية السعودية”. قال إنه يخشى أيضا من فرض عقوبات جنائية محتملة ضد زوجته بسبب حملها. تجرم دول الخليج العلاقات الجنسية خارج نطاق الزواج، ويمكن أن تفرض عقوبات الجَلد على المسلمين.
“ليلى”، وهي بحرينية عمرها 26 عاما، قالت إنها كثيرا ما كانت تسافر بين قطر والبحرين مع زوجها القطري. قالت إنها أنجبت طفلة في قطر قبل عدة أسابيع من فرض قيود السفر، واضطرت إلى اتخاذ قرار بين الامتثال لأمر العودة إلى البحرين أو البقاء مع ابنتها وزوجها. قالت إنها تشعر بقلق بالغ إزاء قرار البحرين بإلغاء جوازات سفر المواطنين الذين بقوا في قطر، وتأمل ألا تعرف السلطات البحرينية بوجودها في قطر. قالت إنها لن تسافر حتى يتم حل الأزمة: “أخاف من السفر إلى أي مكان. ماذا لو حصلوا على معلومات عني وتمكنوا من إلغاء جواز سفري؟ لا أريد معلومات عني في أي نظام في أي مكان”. قالت إنها حاولت الاتصال بالخط الساخن البحريني ولكن قيل لها إن عليها العودة إلى البحرين وطلبوا منها رقم جواز سفرها.
قابلت هيومن رايتس ووتش قطريَّين أُجبرا على العودة لكنهما يقيمان الآن في فنادق في الدوحة لعدم امتلاكهما منازل في قطر. قالت ريم إنها عاشت في البحرين مع زوجها وأطفالها البحرينيين مدة 36 عاما. اتصلت بالسفارة القطرية في المنامة التي أبلغتها بأن عليها العودة إلى قطر. قالت إنها تركت وراءها زوجها البحريني البالغ من العمر 70 عاما، وابنين: “لا يوجد أحد في البحرين يرعى زوجي. عمره 70 عاما. بالكاد يرعى نفسه، وأبنائي الآخرين لديهم أسرهم. كانوا مستائين جدا من رحيلي”.
قالت إنها جلبت إلى قطر ابنها البالغ من العمر 25 عاما، وهو مواطن بحريني، يعاني من إعاقة ذهنية وصرع ويحتاج إلى علاج طبي منتظم. قالت إنها تخشى عواقب اكتشاف السلطات البحرينية وجوده في قطر. جلبت القليل من المال وعانت لتبديل العملة في قطر. تعتمد الآن على السلطات القطرية والجمعيات الخيرية لتزويدها بالمسكن والمساعدة المالية.
“أحمد”، وهو رجل قطري آخر متزوج من إماراتية ويعيش في الإمارات، قال إن الإمارات رفضت دخوله عندما فرضت القيود على السفر وأجبرته على العودة إلى قطر ليقيم في فندق. قال، “هل يريد أحد هذا؟ هل يتفق مع العادات أو القوانين الدولية؟ في رمضان المبارك، تنعدم الرحمة كليا وهناك أسر مشتتة، وأطفال محرومون من والدهم وزوج محروم من زوجته”.
“نورا”، وهي سعودية تعيش في قطر عمرها 36 عاما، قالت إن لديها ابن قطري (3 أعوام) من زواج سابق من قطري. قالت إن لديها حضانة قانونية على ابنها ولها الحق في الحصول على نفقة لها ولطفلها، لكن زوجها السابق يشجعها على العودة إلى السعودية ليتمكن من استعادة الحضانة وإيقاف دفع النفقة.
من بين 50 مواطنا خليجيا تمت مقابلتهم، قال 12 شخصا فقط إنهم حاولوا الاتصال بالخطوط الساخنة الخاصة بانفصال أعضاء العائلات. قال الباقون إنهم لا يعتقدون أنهم سيحصلون على إذن للسفر ذهابا وعودة، أو إنهم قلقون من أن هدف الخطوط الساخنة جمع معلومات عن المواطنين الذين لم يعودوا من قطر أو إليها.
قال 2 فقط من 12 شخص اتصلوا بالخطوط الساخنة إنهما حصلا على إذن بالعيش في قطر والسفر ذهابا وإيابا. أحدهما سعودي وآخر بحريني.
ينتهك الفصل القسري بين أعضاء الأسر حق جميع الأفراد في احترام حياتهم الأسرية. الحق في الحياة الأسرية منصوص عليه في المادة 16 من “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، المادة 23 من “العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية”، والمادة 23 من الميثاق العربي. تحظر “اتفاقية حقوق الطفل” على الدول فصل الأطفال عن والديهم ضد إرادتهم، إلا عند الضرورة لمصلحتهم الخاصة (المادة 9)، وتحظر التمييز ضد الأطفال على أساس وضع والديهم (المادة 2). تنص المادة 26 من الميثاق العربي على أنه “لا يجوز لأية دولة طرف إبعاد أي شخص لا يحمل جنسيتها ومتواجد بصورة شرعية على أراضيها إلا بموجب قرار صادر وفقا للقانون وبعد تمكينه من عرض تظلمه على الجهة المختصة ما لم تحتم دواعي الأمن الوطني خلاف ذلك وفي كل الأحوال يمنع الإبعاد الجماعي” .
توقف العلاج الطبي
قال 5 من مواطني دول الخليج إن القيود المفروضة على السفر أوقفت العلاج الطبي لهم أو لأفراد أسرهم.
“أماني”، وهي امرأة قطرية، قالت إن ابنتها البالغة من العمر 15 عاما تعاني من مشكلة في العمود الفقري منذ الولادة، حيث خضعت لسلسلة من العمليات في مستشفيين في الرياض منذ أن كانت رضيعة. قالت إن ابنتها أجرت في فبراير/شباط عملية جراحية في الدماغ، وكان من المقرر أن تُجرى لها عملية جراحية أخرى في الرياض بتاريخ 17 يونيو/حزيران، إلا أنها فوتتها بسبب القيود المفروضة على السفر. كما قالت إن هذا العلاج المتخصص غير متوفر في قطر: “لا توجد فرصة للسفر، ونوبات الصداع تزداد حدة. … قد يتطور الأمر وتصاب بالشلل. فهي بحاجة إلى حل فوري. … ليس لدينا المال للذهاب إلى مكان آخر لإجراء عملية مشابهة”.
محمود، وهو سعودي عمره 67 عاما، قال إنه عاش وعمل في قطر لأكثر من 10 سنوات. وقال إنه تخطى الموعد النهائي الممتد لمدة 14 يوما بسبب مراجعاته الطبية اليومية. قال إنه سيعود إلى السعودية ويتخلى عن متابعة العلاج الطبي لأنه يخشى الغرامات أو السجن: “أعاني من مشكلتين صحيتين – إحداهما في قلبي، والأخرى في كليتي. أتلقى العلاج الطبي الآن في قطر. … لدي موعدان لمراجعتين في قطر سأفوتهما. … أشعر بالارتباك، أريد أن أرى عائلتي، لكن أريد أن أعمل هنا. أنا خائف من الإجراءات التي قد تتخذ ضدي”. بعد وقت قصير من لقائه بـ هيومن رايتس ووتش، تمكن من دخول السعودية.
وليد، وهو قطري، قال إن ابنه كان من المقرر أن يخضع لجراحة تجميلية في مستشفى بالرياض يوم 9 يونيو/حزيران. أضاف أن خطة العلاج بعد العملية غير متوفرة في قطر. قال إنه سيتحدث مع وزارة الصحة القطرية لمعرفة ما إذا كانت ستقدم دعما ماليا للبحث عن الجراحة والعلاج اللازم خارج دول الخليج.
توقف التعليم
قال أحد القطريين الذين كانوا يحضرون برامج جامعية أو دورات تدريبية متخصصة في الإمارات عندما فرضت القيود إن جميع جامعاتهم سحبتهم من دوراتهم وطلبت منهم العودة إلى قطر. أعربوا عن مخاوفهم من أن الجامعات في قطر أو بلدان أخرى قد لا تسمح لهم بنقل الاعتمادات الأكاديمية للدورات المكتملة، أو من عدم توفر بعض الدورات في قطر.
قال “حسن” (34 عاما) إنه من بين 13 قطريا يدرسون في مدرسة للطيران في الإمارات. قال إن مجموعته أكملت دورتين فقط من الدورات الخمس اللازمة للتخرج: “لا يمكننا البقاء حتى وقت الاختبارات ولن نتخرج هذا العام. إنها مدرسة الطيران الوحيدة في المنطقة التي تقدم هذا البرنامج، البديل هو أن نذهب إلى بريطانيا أو الولايات المتحدة، لكني أجهل ما إذا كانت الاعتمادات ستُنقَل”.
“سامر” قطري آخر من بين قرابة 25-30 طالبا يحضرون دورة جامعية بدوام جزئي في الإمارات. وصف المشاكل التي نجمت عن طرده: “لقد استأجرنا شققا وأثاثا وملابس ما تزال موجودة، يجب أن ندفع فواتير الإنترنت والهاتف. صاحب [الشقة] لديه شيكات باسمنا – اضطررنا لتقديم 4 شيكات مقدما ستخصم عند استحقاقها من حساباتنا. عقد الإيجار لمدة سنة واحدة. إذا لم يكن هناك رصيد متبق في الحساب، بإمكان المالك تقديم شكوى لدى الشرطة. يمكن اعتقالك في أي وقت تعود…”.
“رنا”، قطرية عمرها 22 عاما، قالت إن انسحابها من إحدى الجامعات البارزة في الإمارات عرقل خطتها لمتابعة التعليم العالي في فرنسا في نهاية المطاف: “كل ما يمكنني قوله هو إن هذا الحصار قد سلبني الحق في متابعة جودة التعليم الذي أهدف إلى تحقيقه. لقد أضر هذا الحصار بأحلامنا ومستقبلنا”.
قضايا توثيق الهوية
سحبت كل من السعودية والبحرين والإمارات ومصر سفراءها وموظفيها من قطر، ما جعل من الصعب تجديد جواز سفر رعايا تلك الدول الذين ليس لديهم تصريح بالبقاء في قطر. كما يواجهون عقبات كبيرة في الحصول على وثائق للأطفال حديثي الولادة.
ترتبط تأشيرات الإقامة في قطر بجوازات سفر سارية المفعول، إذ أعرب بعض المواطنين الأجانب عن قلقهم إزاء ما سيحدث لتأشيرات إقامتهم عند انتهاء صلاحية جوازات سفرهم.
“حسين”، سعودي عمره 38 عاما، قال إنه عاش في الدوحة 25 عاما، وإن زوجته وضعت مولودا في اليوم الذي فرضت فيه قيود السفر. لدى ابنه شهادة ميلاد قطرية، لكن حسين قال إنه لا يستطيع إضافة الطفل إلى دفتر أسرته السعودي، وهو وثيقة تستخدم عادة كهوية رئيسية للأطفال في الشرق الأوسط، أو الحصول على جواز سفر له، لأن السعودية تستوجب حضوره شخصيا. أضاف: “يقضي النظام في السعودية بحصول الوليد على بطاقة هوية سعودية خلال الأسبوع الأول لولادته، ولكن السعودية تستوجب عودتي لاستكمال [الإجراءات]. أشعر بالخطر من العودة. كيف يمكنني مغادرة السعودية إذا ذهبت إلى هناك؟”.
“عاصم”، سعودي آخر، قال إن جواز سفر شقيقته البالغة من العمر 12 عاما انتهى. قال إنه قلق من عدم تمكنه من تسجيلها للعام الدراسي الجديد في قطر، حيث تطلب قطر من الطلاب الأجانب الحصول على جوازات سفر سارية المفعول.
قال جميع البحرينيين الذين أجرت معهم هيومن رايتس ووتش مقابلات إنهم يخشون عواقب إعلان البحرين إلغاء العمل بجوازات سفر البحرينيين الذين ما زالوا في قطر. قالت امرأة قطرية مطلّقة يحمل أبناؤها البالغين الجنسية البحرينية كأبيهم، المنفصلين عنه، إنها لا تستطيع السفر إلى الخارج مع أطفالها لأنها تخشى إلغاء العمل بجوازات سفرهم.
تحدثت هيومن رايتس ووتش إلى 7 من العاملين المصريين في قناة الجزيرة الذين قالوا إنهم لا يستطيعون تجديد جوازات سفرهم المصرية، وبالتالي يشعرون بالقلق إزاء فقدان تصاريح إقامتهم القطرية. انتقل العديد منهم إلى قطر بعد تعرضهم للتهديد، الترهيب، الضرب، أو الاعتقال من قبل السلطات في مصر. قال أحد الصحفيين إنه تقدم بطلب للحصول على جواز سفره المصري في يناير/كانون الثاني، لكن مسؤولي السفارة المصرية أخبروه في أبريل/نيسان أنه لن يحصل عليه. ستنتهي صلاحية جوازه خلال شهر.
الآثار على العمال المهاجرين غير الخليجيين
أثر عزل قطر سلبا على العمال المهاجرين الأجانب من غير الخليجيين، وخاصة من جنوب آسيا. قال 4 قطريين أجريت معهم لقاءات إن العمال المهاجرين الذين يكفلونهم تقطعت بهم السبل في السعودية.
“عمر”، وهو قطري، قال إنه وظّف بنغاليَّين في مزرعة مساحتها 14 ألف متر مربع يمتلكها متاخمة للحدود داخل السعودية. قال إن العاملين مسجلان في قطر، لكن السعودية سمحت سابقا للقطريين بجلب العمال لمدة ثلاثة أشهر مقابل رسوم معينة. قال إنه لم يعد بإمكانه الوصول إلى مزرعته ويشعر بالقلق على العاملين: “يمكنني إرسال راتبيهما إلى بنغلادش، لكن كيف يمكنني إطعامهما؟ … رفض سوبر ماركت [في السعودية] إعطاءهما أي شيء [لأنهما لا يملكان المال]، أخشى أن تأخذهما الشرطة. لا توجد وسيلة لدفع رواتبهما لهما”. وأضاف: “إنهما بشر، يهاتفانني يوميا قائلين إنهما لا يملكان ما يشربان أو يأكلان وهما خائفان”.
اتصل عمر بأحد البنغاليَّين من هاتفه أمام باحث هيومن رايتس ووتش، وأكّد الرجل محنتهما.
“سليم”، قطري عمره 50 عاما، قال إنه يملك منزلين و150 جملا في السعودية. قال إن لديه مجموعة من العمال المهاجرين المسجلين في قطر من الهند والسودان ونيبال يرعون جماله وممتلكاته. تقطعت بهم السبل الآن في السعودية.
قال “أنور”، قطري آخر، إنه وإخوته يمتلكون 50 جملا و3 سيارات في السعودية، يعتني بها 3 عمال مهاجرين – بنغاليّان وسوداني تقطعت بهم السبل أيضا. قال إنه فقد الاتصال بهم بعد أسبوع من بداية الأزمة لنفاد رصيد هواتفهم. قال إنه لا يستطيع إرسال رواتبهم لهم، ويشعر بالقلق من نفاد طعامهم. “قبل أسبوع من الأزمة زودتهم بطعام يكفيهم شهرا. أما الآن فليس لديهم وقود للثلاجة العاملة على المولّد ومكيف الهواء”. لا أصدقاء بالقرب منه ليساعدوه.
ما يزيد تعقيد مشاكل هؤلاء العمال هو أن السعودية أعلنت في مارس/آذار قيام حملة واسعة النطاق، “وطن بلا مخالف”، لتحديد أماكن الأجانب منتهكي قوانين الإقامة وطردهم.
إضافة إلى المهاجرين المحاصرين في السعودية، قابلت هيومن رايتس ووتش 70 عاملا مهاجرا – معظمهم من نيبال والهند وبنغلادش وباكستان – في مواقع مختلفة من الدوحة، منها الكورنيش وسوق العطية ومشيرب. أبلغ البعض عن انتهاكات طويلة الأمد، مثل عدم دفع رواتبهم أو التأخر في دفعها أو الظروف المعيشية غير الصحية، ولكنهم جميعا تقريبا اشتكوا من أن إغلاق الحدود البرية قد تسبب في ارتفاع أسعار المواد الغذائية في قطر مما تسبب في صعوبات اقتصادية خطيرة.
قال رجل نيبالي عمره 43 عاما يعمل في متجر للسباكة في قطر إنه ينفق من راتبه الشهري البالغ 1200 ريال قطري (327 دولار أمريكيا)، حوالي 200 ريال (55 دولار) على الطعام، ولكن الزيادة في أسعار المواد الغذائية ستكلفه 100 إلى 300 ريال إضافية (27 إلى 82 دولار) في الشهر، ما يعادل ثلث راتبه. قال عامل بناء نيبالي يبلغ من العمر 21 عاما إنه يكسب 800 ريال شهريا (220 دولار)، ولكن نفقاته الغذائية سترتفع إلى 350 ريال (96 دولار)، أي ما يقارب نصف راتبه.
زار باحثو هيومن رايتس ووتش 4 محلات بقالة في الدوحة في 22-23 يونيو/حزيران، 2 صغيران يرتادهما المهاجرون، وآخران يبيعان بضائع أكثر كلفة. قال جميع المهاجرين تقريبا إنه قبل إغلاق الحدود البرية، كانت الطماطم تكلف ما بين 3-4 ريالات قطرية (0.82 – 1.10 دولار) للكيلوغرام. بالنسبة للبقالتين ذات الأسعار المنخفضة في مناطق العمال المهاجرين، لاحظ الباحثون أن الطماطم رديئة الجودة تباع الآن بـ 6.5 ريال (1.79 دولار) للكيلوغرام في أحدهما والطماطم ذات الجودة الأفضل بـ 8 ريال (2.20 دولار) في الآخر. أما في البقالتين ذات الأسعار المرتفعة، فلم يكن لدى إحداها طماطم، بينما باعت الأخرى فقط الطماطم المستوردة من هولندا مقابل 24.75 ريال (6.80 دولار) للكيلوغرام. كانت إحدى البقالتين المنخفضتي الأسعار تبيع الخيار بـ 8 ريالات (2.20 دولار) للكيلوغرام، مقابل 3 ريالات (82 دولار) قبل الأزمة.
قالت موظفة مختصة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات في شركة كبيرة في قطر عبر الهاتف إنها سمعت من شركتين أخريين بهما عاملات مهاجرات أن شركات الفاكهة لا تبيع منتجاتها “في محلات البقالة الخاصة بالعمال”، دون معرفة السبب. قالت إن شركتها تركز على تغذية عمالها المهاجرين وتبحث عن بدائل للفواكه والخضار القابلة للتلف مثل عصير الفواكه، والفواكه والخضروات المجمدة.
قال عاملا بناء أيضا إن مواد البناء في موقعي عمليهما قد نفدت بسبب إغلاق الحدود البرية، وإنهما قلقان بشأن استقرار شركتيهما.
المصدر : https://www.hrw.org/ar/news/2017/07/13/306595?platform=hootsuite