معتقلات الرأي:معاناة تتجاهلها السلطات

في تسريب مسجل من داخل أحد السجون الإماراتية تتكشف مرة اخرى معاناة معتقلات الرأي وجملة من الانتهاكات التي يتعرضن لها على يد سلطات السجن. المقطع المسرب كان للمعتقلة مريم البلوشي من داخل سجن الوثبة.

معاناة معتقلات الرأي مستمرة 

في تسريب مسجل من داخل أحد السجون الإماراتية تتكشف مرة اخرى معاناة معتقلات الرأي وجملة من الانتهاكات التي يتعرضن لها على يد سلطات السجن. المقطع المسرب كان للمعتقلة مريم البلوشي من داخل سجن الوثبة.

تحدثت الناشطة مريم عن الانتهاكات الكبيرة التي تتعرض لها والتي تطال حرمتها الجسدية و النفسية وهو ليس التسجيل الاول حيث انها في وقت سابق أطلقت نداء استغاثة جراء ماتتعرض له داخل مراكز الاحتجاز الاماراتية 

اعتقال دون مذكرة قبض، تحقيق مدة 3أشهر بشكل مستمر، الاكراه على التوقيع على اعترافات تحت وقع التعذيب وغيرها هي بعض من أصناف التنكيل و الاهانة التي ذكرتها مريم البلوشي في تسجيلها.وقد كشفت مريم كذلك من خلال التسجيل  أنّها عبرت لإدى المحققات وهي تدعى أم أحمد عن اعتزامها الاشتكاء بهم من أجل ما طالها من انتهاكات للمنظمات الحقوقية ولمحمد بن زايد غير أنّ المحققة أم أحمد ردّت عليها ضاحكة بأنّ محمد زايد هو من أذن وأعطى الضوء الأخضر بذلك.

جاء في التسجيل كذلك ان مريم مُنْعَت من المشي لأكثر من ثلاثة أشهر وحرمت من الاتصال بعائلتها أسبوعيا مما دفعها للاضراب عن الطعام حتى تحصل على حقها في الاتصال بأهلها وحرمت من حقها في العلاج بعد أن زعمت الدكتورة في تواطىء مع  السلطات أنّ عينها سليمة وليست في حاجة إلى علاج.

وذكرت مريم سليمان البلوشي ضمن التسجيل أنّ الانتهاكات استمرت داخل سجن الوثبة وأنّها خطت أكثر من رسالة احتجاجا على ذلك فما كان من أعوان سجن الوثبة إلاّ أن قيّدوها من يديها ورجليها لمدّة ثلاثة أيام.وقد طالبت بنقلها من سجن الوثبة وبعد تدخل من العميد ابراهيم المرزوقي نقلت إلى سجن الرعاية لمدّة ستة أشهر ثم أعيدت بعدها إلى سجن الوثبة.

بالاضافة الى حرمانها من الاتصال بعائلتها، تحدثت مريم عن حرمانها من ضمانات المحاكمة العادلة فمنعت في الطور الاستئنافي من الاتصال بمحاميها الأستاذ الضنحاني واستنطقها ممثل النيابة العامة وهي مريضة وتأخرت محاكمتها فانعقدت الجلسة الأولى في شهر أكتوبر 2016 أما الجلسة الثانية فانعقدت في شهر فبراير 2017 .

قضت المحكمة  بحبس مريم مدّة خمسة سنوات في خرق لمقتضيات اتفاقية مناهضة التعذيب التي انضمت لها دولة الإمارات في جويلية 2012 حيث لم تبد المحكمة اهتماما بدفاع المحامي الذي تمسك بخلو الملف من إثباتات تؤيد التهم المزعومة وأنّ الاعترافات انتزعت تحت وطأة التعذيب ولم تنتدب المحكمة طبيبا شرعيا للتأكد من ادعاءات التعذيب.

ورغم تلك التسريبات المتتالية من داخل السجون الاماراتية فان السلطات الإماراتية مستمرة في تجاهل التحقيق في دعاوي التعذيب.

وقد اشتكت المعتقلات في اكثر من مرة  خلال التسجيلات التي تسربت  خارج سجن الوثبة لكن الى الآن لم تبد السلطات اي تعاون او تحرك من أجل فتح تحقيق في الموضوع.

يذكر انه في وقت سابق اشتكت أمينة العبدولي من مداهمة منزلها في ساعة متأخرة دون إذن قضائي في 19 نوفمبر 2015 من قبل أعوان جهاز امن الدولة وتعرضها للاعتقال التعسفي ونقلها هي وشقيقتها موزة العبدولي ومريم البلوشي إلى سجن سري واحتجازها بغرفة ضيقة دون نوافذ.

وكشفت العبدولي انها تعرضت لأشكال مختلفة من التعذيب ومن المعاملة المهينة كتجريدها من ملابسها وتقييدها من يديها ورجليها وتعصيب العينين والضرب على الوجه مما أدى إلى فقدانها البصر على مستوى عينها اليسرى والحرمان من النوم والوقوف لساعات طويلة والتهديد والتخويف لغرض انتزاع اعترافات تحت التعذيب وذلك من قبل حارسات السجن.

وقد ذكرت العبدولي اسماءبعض المسؤولين عن ضربها وإساءة معاملتها حيث تردّد اسم “أم أحمد” وسندية النقبي والرائد مطر البلوشي وذلك بعلم من سلطات دولة الإمارات في انتهاك لمقتضيات الدستور الإماراتي والاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها دولة الإمارات سنة 2012 وللقيم والأعراف التي تواضع عليها المجتمع الإماراتي.

واشتكت العبدولي من ظروف سجنها بسجن الوثبة حيث تنتشر الأوساخ والأمراض والروائح الكريهة والحشرات والاكتظاظ داخل الغرف وارتفاع الحرارة وتعطل المكيفات باستمرار وحرمانها مع غيرها من المعتقلات من الغذاء الصحي والأغطية النظيفة وانقطاع الماء والتفتيش المهين الذي ينتهك خصوصيتهن ونظام العدّ في أوقات متأخرة من الليل والإهمال الصحي المتعمد.

وقد خاضت أمينة العبدولي  إضرابا عن الطعام احتجاجا على المعاملة المهينة والحاطة من الكرامة داخل سجن الوثبة وعلى منعها من حقها في زيارة العائلة والاتصال بالمحامي ولقاء أطفالها الخمسة بشكل مباشر دون حواجز بلورية في خرق لمقتضيات القانون الاتحادي عدد 43 لسنة 1992 بشأن المنشآت العقابية. وقد ألقى جهاز أمن الدولة القبض على أمينة العبدولي في الفجيرة في 19 نوفمبر / تشرين الثاني 201.

ماذا عن توصيات اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة؟ 

يبدو ان دولة الإمارات ماضية قدما في تجاهل التوصيات التي تقدمت بها اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة  حين استعراض بجلسة 5 نوفمبر 2015 كما لم تتلق اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة ردّا من الدولة على تذكيرها بتوصياتها وسؤالها عن مدى تقدمها في الأخذ بها وتنفيذها.

ومن ماخذ اللجنة عدم سحب التحفظات على بعض مواد اتفاقية مناهضة التمييز ضد المرأة 2 و 15 ( 2 ) و 16 و 29 ( 1 ) وعدم تكريس علوية القانون الدولي وعدم دسترة مبدأ المساواة بين المرأة والرجل وعدم تكريس تعريف دقيق للتمييز ضد المرأة وعدم رفع الحواجز أمام احتكام المرأة إلى العدالة وخاصة المرأة الأجنبية وخادمات المنازل.

وكذلك ابدت اللجنة قلقها  بشأن عدم تركيز مؤسسة وطنية لحقوق الإنسان تعمل طبق مبادئ باريس أو آلية محددة ومستقلة تتلقى شكاوى المرأة عن انتهاكات حقوق الإنسان الخاصة بها وغياب معلومات عن الإتحاد النسائي العام لتقييم فعاليته وغياب إستراتيجية بشأن حقوق المرأة كما عدم وجود مجتمع مدني قوي وعدم كفالة بيئة آمنة ومواتية لجمعيات المجتمع المدني و عدم الكف عن الأعمال الانتقامية ضد المدافعين عن حقوق الإنسان وعدم فعالية التدابير ضد العنف المنزلي.

والممارسات التي تتبعها السلطات الاماراتية ضد معتقلات الرأي تأتي في اطار سلسلة من الانتهاكات ضد النشطاء و أصحاب الراي الحر ومعتقلي الرأي.وقد كشفت بعض التسريبات في وقت سابق عن تسجيلات  من سجن الوثبة تخص كل من أمينة العبدولي ومريم سليمان البلوشي وعلياء عبد النور تفيد تعرضهن للضرب والتقييد من الأيدي والأرجل والحرمان من النوم والوقوف لساعات طويلة والتهديد والتخويف لغرض انتزاع اعترافات وانتهاك خصوصيتهن وإهمالهن صحيا وترفض سلطات الإمارات الإفراج عن علياء عبد النور صحيا إثر إصابتها بمرض السرطان.

كما تعمدت سلطات دولة الإمارات انتهاك حق المعتقلات في محاكمة عادلة وقضت دائرة امن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بمعاقبتهن بأحكام نهائية لا تقبل الطعن بأي وجه من الوجوه دون أن تؤمن لهن ضمانات الدفاع عن النفس ودون استبعاد للاعترافات التي انتزعت تحت وطأة التعذيب وعلى معنى قوانين مثل القانون الاتحادي بشأن الإرهاب والقانون الاتحاد بشأن الجرائم التقنية.

منظمات حقوقية تنتقد مزاعم الإمارات كدولة للتسامح 

على ضوء تنظيم دبي أول قمة عالمية للتسامح في هذا الشهر والتي ستجمع قادة حكومات وأكاديميين ودبلوماسيين “للاحتفال بالتنوّع بين الناس من جميع مناحي الحياة ، بغضّ النظر عن اختلاف وجهات النظر السياسية  والخلفيات الثقافية والدينية”,  تصاعدت العديد من الأصوات المنتقدة لسياسة دولة الإمارات الحقوقية و التي تكثف جهودها لإبراز نفسها كدولة تقدمية تحترم الحقوق،وتحاول تسخير قوة العلاقات العامة من أجل تلميع صورة حكومتها الاستبدادية.

وقد علقت المنظمة الحقوقية المشهورة “هيومن رايتس ووتش” على الحديث في مقال نشرته أمس حيث قالت أن “وصف حكومة الإمارات كحكومة متسامحة مُثير للضحك، إذ لا يشير موقع القمة مطلقا إلى اعتداء الإمارات المستمر على حرية التعبير منذ عام 2011، حيث تحتجز السلطات منتقدي الحكومة وتخفيهم بالقوة، فضلا عن سجنها لفترات طويلة من يُدانون بأفعال غامضة  مثل “تقويض الوحدة الوطنية” و “إهانة رموز الدولة”.

وفي هذا الاطار قامت المنظمة بالتذكير بقضايا معتقلي الراي في دولة الإمارات على غرار أحمد منصور، الناشط الحقوقي الحائز على جائزة، بالسجن 10 سنوات لجرائم تتعلق بحرية التعبير وكذلك قضية الأكاديمي البارز ناصر بن غيث، الذي أخفته السلطات في أغسطس/آب 2015، بالسجن 10 سنوات بتهم تشمل النقد السلمي للسلطات الإماراتية والمصرية.

كما تحدث المقال عن اعتقال الصحفي الأردني تيسير النجار قرابة 3 سنوات لمنشورات على فيسبوك وعن الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز الذي اعتقلته قوات الأمن  في مايو/أيار بعد رحلة بحثية له للإمارات استغرقت أسبوعين، واحتجزته دون تهمة ولم ينس الاشارة الى قضية الشيخة لطيفة، ابنة  الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة حاكم دبي؛ إذ أخفتها سلطات الإمارات قسرا بعد أن أعادتها لدى محاولتها الفرار من الإمارات لبدء حياة جديدة.

وقد ختمت الكاتبة المقال بالقول ان “لا شيء يمكن أن يُخفي افتقار حكومة الإمارات الأساسي إلى احترام حقوق الإنسان. وطالما أنها ترفض الإفراج عن جميع المسجونين لانتقادهم الخط الرسمي أو تخطيهم له، لن تكون ادعاءات دبي بأنها واحة ليبرالية للتسامح في الشرق الأوسط سوى ضرب من الوهم الوحشي”.

وقد تناول بدوره موقع “ميدل ايست آي” موضوع  قمة التسامح بمقال مهم ومفصل ومما جاء فيه قوله تتعهد قمة التسامح الإماراتية بتشجيع الشباب من خلال التعليم على السير في طريق الوئام، ما أعرب عنه أحد المنظمين بقوله: «سنطوّر مؤهلات المعلمين لتوجيه الشباب نحو قبول الاختلافات ومنع العنف، ودور المناهج في غرس ثقافة التسامح والسلام بين الطلاب لكن لا تخبروهم عن مداهمات منتصف الليل، وحالات الاختفاء، والحبس الانفرادي، والضرب، والمحاكمات الصورية. بدلاً من ذلك، علموهم فضيلة غض الطرف، وعدم التساؤل أو البحث عن الحقيقة، والابتعاد عن انتقاد السلطات بأي شكلٍ من الأشكال. واغرسوا فيهم بقوة فكرة أنَّ الجهل بما تفعله الدولة بأولئك الذين يدعون إلى التسامح الحقيقي هو أفضل سبيل للنأي بأنفسهم عن مصير السجن. لا تسأل أي سؤال صعب عن السلطة، ولا تبحث عن إجاباتٍ صادقة من النخبة الحاكمة، وستشملك الإمارات أيضاً بدفء ما اختارت أن تسميه التسامح. أما بالنسبة لي، فعليَّ أن أعترف بشعوري بقدرٍ من عدم التسامح. أنا متأكد أنَّ العديد من أولئك الذين جاؤوا إلى قمة التسامح، جاؤوا بأصدق النوايا، لكنَّني أتساءل حقاً: ألا يرون النفاق؟ ألا يدركون أنَّ هذه القمة ما هي إلا نشاط آخر من أنشطة العلاقات العامة المُغرِضَة والمكلِّفة، تقيمه دولة بوليسية ثرية لصالحها، أعتذر عن غِلظتي، لكنَّهم مجموعة من الحمقى سقطوا في فخ أفاقين، كما قال الكاتب. وختم الكاتب مقاله يحضرني بيت من قصيدة للشاعر الأيرلندي ويليام ييتس يقول فيه: «فتر العزم في نفوس الكرام واتَّقد الجَلَد في نفوس اللئام». وأصدقكم القول إنَّني كلما كبرت في السن، أصبحتُ أقل تسامحاً، سواء مع الحمقى أو الأفاقين.

من جهة أخرى وبمناسبة احتضان ابو ظبي لسباق الفورميلا1 طالبت منظمة العفو الدولية السلطات في دولة الإمارات العربية المتحدة أن ترقى إلى مستوى الصورة الحديثة التي ترغب في أن ترسمها لنفسها، وتطلق سراح جميع من تم اعتقالهم لمجرد انتقادهم السلمي للحكومة، دون قيد أو شرط.
 سماح حديد، مديرة الحملات ببرنامج الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية,قالت عبر بيان رسمي، إنه «بينما يتابع العالم السباق النهائي لموسم سباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 وحفلاته الموسيقية الساحرة، ينبغي عليهم أن يعلموا أن السلطات الإماراتية كانت تتسابق لإسكات أصوات المنتقدين والمدافعين عن حقوق الإنسان».
وحثّت حديد السائقين والفرق والفنانين المشتركين في سباقات الفورمولا 1 الكبرى أن يكونوا أبطال حقوق الإنسان في مضمار السباق، وعلى المسرح الترفيهي. مشددة أن «عليهم أن يُمثّلوا صوت أولئك الذين تم إسكات أصواتهم، واحتجزوا بصورة جائرة».
ودعت حديد الفرق المشاركة في السباق والفنانين على مطالبة السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي الذين اعتقلوا لمجرد انتقادهم للسلطات بصورة سلمية، أو لدعوتهم لاحترام حقوق الإنسان”.
وقالت المنظمة، إنه «منذ 2011، بدأت السلطات الإماراتية حملة قاسية تستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان، والقضاة، والمحامين، والأكاديميين، والطلاب، والصحفيين، في جهود منها للقضاء على المعارضة في البلاد». مضيفة أن «الكثير منهم قد تعرض للاحتجاز التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمات الجائرة، ونتيجة لذلك، يقضي المنتقدون والمعارضون في الإمارات عقوبات بالسجن لمدد طويلة لمجرد ممارستهم السلمية لحقهم في حرية التعبير».
وأوضحت المنظمة أن السلطات الإماراتية تستخدم بشكل منتظم، قوانين جرائم التشهير والجرائم الإلكترونية، والقوانين ذات التعريف الفضفاض لمكافحة الإرهاب، من أجل اعتقال ومحاكمة وإدانة وسجن منتقدي الحكومة، والمدافعين البارزين عن حقوق الإنسان».

و طالبت المنظمة حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى “وضع حد للجوئها المستمر لعمليات المضايقة، والاحتجاز التعسفي، والاختفاء القسري، والتعذيب وغيره من ضروب المعاملة السيئة، والمحاكمات الجائرة ضد النشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان، والذين ينتقدون السلطات، واستخدامها لذريعة الأمن القومي لقمع النشاط السلمي، وإسكات الأصوات الداعية إلى إجراء الإصلاح.”

كما أكدت المنظمة انه قد حان الوقت للتحرك ومطالبة الإمارات بإطلاق سراح سجناء الرأي، ومن بينهم أحمد منصور، والدكتور محمد الركن، وأسامة النجار، وحسين علي النجار الحمادي، والدكتور ناصر بن غيث – على سبيل المثال، لا الحصر- بينما يوجه العالم أنظاره صوب الإمارات العربية المتحدة.

الحكم بالمؤبد على الاكاديمي البريطاني و تنديد دولي يعقبه عفو رئاسي

بعد ان اصدرت محكمة إماراتية حكما بالسجن مدى الحياة على الأكاديمي البريطاني ماثيو هيدجز بتهمة التجسس لحساب دولة أجنبية بعد جلسة استمرت أقل من خمس دقائق، ولم يحضرها محام جاءت ردود فعل الجانب البريطاني على الحكم, على لسان وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت الذي قال إنه شعر “بصدمة شديدة وخيبة أمل” من الحكم. وأوضح “إن قرار اليوم ليس ما نتوقعه من صديق وشريك موثوق به في المملكة المتحدة. لقد أوضحت مراراً وتكراراً أن التعامل مع هذه القضية من قبل السلطات الإماراتية سيكون له تداعيات على العلاقة بين بلدينا “.

مضيفا  بالقول “أنا آسف على حقيقة أننا وصلنا إلى هذا الموقف وأنا أحث الإمارات على إعادة النظر.”

ماثيو هيدجز، طالب في جامعة درهام يبلغ من العمر 31 عاماً، ذهب إلى الإمارات للبحث في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراة، و قد اعتقل في مايو في مطار دبي أثناء مغادرته البلاد، وتم احتجازه في الحبس الانفرادي لمدة خمسة أشهر.

و عبرت صحيفة “الجارديان” البرطانية عن استنكارها الشديد للحكم الذي صدر بحق الباحث البرطاني “ماثيو هيدجز” معتبرة الحكم خرقا لحقوق الإنسان، .كما أبدت الصحيفة سخريتها من قمة التسامح العالمية التي أعلنت عنها دولة الإمارات لتقدّم نفسها دولة تقدمية وإنسانية تحتفي بالتنوّع والحوار قائلة: “كان هذا الأسبوع الماضي، أما اليوم فقد تم سجن الطالب البريطاني ماثيو هيدجز مدى الحياة بشكل أدهش الدبلوماسيين، وكذا أصدقاءه وداعميه، وأرسل الحكم رعدة للأكاديميين الذين يتعاملون مع الإمارات ويهتمون بها، ولم يكن القرار ظلماً فحسب، لكنه صفعة في وجه جيرمي هانت بعد لقائه الحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، وكان ينتظر نتيجة جيدة”.

وأكدت الصحيفة ان هذه الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان لا تثير الدهشة بحد ذاتها، فقبل ثلاثة أعوام عبّر خبير بريطاني عن قلقه العظيم من هذه الانتهاكات وغياب الإجراءات القانونية المُناسبة، خاصة في القضايا المتعلّقة بأمن الدولة، فالإمارات هي دولة شمولية/‏‏ ديكتاتورية، واتخذت منعطفاً حاداً منذ الربيع العربي عام 2011، خاصّة في الاعتقال الجماعي لما يعرف الـ (92 إماراتياً)، وحكم في هذا الربيع على الأكاديمي ناصر بن غيث، والمدافع عن حقوق الإنسان الحائز جوائز أحمد منصور، بالسجن لمدة عشرة أعوام”.

وترى الصحيفة أن “سجن مواطن لدولة حليفة دون وجود إثباتات يعدّ سابقة، وكان هيدجز، طالب الدكتوراه في جامعة درام يجري بحثاً عن الأمن والخارجية في الإمارات في مرحلة ما بعد الربيع العربي عندما اعتقل، وأكّدت عائلته أنه بريء، وأن المُخابرات البريطانية الخارجية (أم آي6) أكّدت لها أنه لم يكن يعمل لصالحها، فمن المُحتمل أنّ الإمارات لم تصدق حليفها، وهذا كله لا يفسر الانعطافة لمئة وثمانين درجة، ويرى خبراء أن الطالب أصبح ورقة ضغط، ولاحظ خبير أن الحكم صدر بعد أن تقدّمت بريطانيا بمشروع قرار في مجلس الأمن في الأمم المُتحدة لوقف الحرب اليمنيّة، حيث تقود السعودية والإمارات حرباً ضدّ المُتمرّدين الحوثيّين”.

من جهتها نشرت صحيفة “التايمز” مقالاً افتتاحياً لتناول  القضية تحت عنوان “ظلم فادح”، حيث اعتبرت الحكم الذي أصدرته الإمارات على طالب الدكتوراه في جامعة “دَرم” يمثل “أزمة دبلوماسية بالدرجة الأولى”.

وذكر المقال أنه بعد خمسة أشهر من الحبس الانفرادي، الذي لم يكن لدى “ماثيو هيدجز” فيه أي فرصة للاطلاع على الصحف أو أي وسائل تسلية أخرى، حُكم على هيدجز بالسجن مدى الحياة، بعد أن اتهمه النائب العام الإماراتي، حمد الشامسي، بـ”تعريض الأمن العسكري والسياسي والاقتصادي للدولة للخطر” .

هذه الاتهامات الموجهة إلى هيدجز تبدو “واهنة”،على حد تعبير الصحيفة وتنقل عن محاميه قوله إنه لم يكن في دفتر ملاحظاته أي معلومة مستخلصة من معلومات سرية، وتضيف أنه بمعزل عن فقر القضية الموجهة ضده، فإن العملية التي خضع لها هيدجز تمثل ظلماً صادماً. “التايمز” أضافت أيضا ان هيدجز لا يتقن العربية تحدثاً أو قراءة، وهذا ما يفسر توقيعه على ورقة اعتراف تحت الضغط، كُتبت له بلغة لا يفهمها.

وبالنظر الى  العلاقات الوثيقة بين بريطانيا والإمارات، قالت الصحيفة انه : “إذا أرادت الإمارات الحفاظ على صداقتها لبريطانيا، فعليها إطلاق سراح هيدجز”.

أصداء الحكم بالسجن مدى الحياة على الباحث البرطاني “ماثيو هيدجز” مازالت متواصلة وفي تصاعد واضح حيث ان الصدمة و الاستنكار الشديد لهذا الحكم يفضي الى ردود أفعال مهاجمة لدولة الإمارات .

ذكرت احد الصحف البريطانية عن تصويت أكاديميين في جامعة بيرمنغهام، لمصلحة مقاطعة نشاطات تعليمية في دولة الإمارات، وتقديم أي دعم أكاديمي لمجمعها التعليمي الجديد في دبي؛ احتجاجاً على سجن هيدغز. وتحدثت الصحيفة عن تصاعد دعوات نواب في مجلس العموم البريطاني لإعادة النظر في العلاقات العسكرية مع الدولة الخليجية.

ونقلت الصحيفة عن جوني ميرسر، العضو المحافظ في لجنة الدفاع في المجلس، قوله: إن “مساعداتنا الدفاعية والإشراف على التدريب والعلاقات الاستخبارية، مع هذه البلاد، يجب أن تمنع وحدها حدوث مثل هذه الأشياء غير المعقولة. وهي ببساطة غير مقبولة من صديق وشريك، ويجب أن تكون هناك عواقب مباشرة لذلك حتى يطلق سراحه هيدغز”.كما أشارت  أن هذه القضية ستؤثر على قطاع السياحة في الدولة الخليجية، التي حاولت في العقد الأخير تنويع مصادر الدخل بعيداً عن الاعتماد على النفط.

يذكر ان شركات السفر والسياحة قد تعلق بعض نشاطاتها، كما هي الحال مع شركة 101 هوليداي، التي رفعت إعلاناً ترويجياً عن صفقة قضاء عطلة في دبي من رسالتها الشهرية إلى زبائنها.

بدورهم أبدى عدد من الكتاب البريطانيين مقاطعة مهرجان أدبي يقام في الإمارات؛ احتجاجاً على الحكم بالسجن المؤبد على هيدغز. حيث أن المؤرخ البريطاني أنتوني بيفر، وصحفي “بي بي سي” فرانك غاردنر، أكدا انسحابهما من تلبية دعوات حضور مهرجان دبي الأدبي، الذي يعد أكبر مهرجان أدبي في الإمارات، ويفتتح أعماله في 28 فبراير.

بعد كل ردود الافعال المنددة بالحكم ضد البريطاني “ماثيو هيدجز” أصدرت دولة الإمارات عفوا رئاسيا، عنه، ماثيو هيدجيز، بمناسبة اليوم الوطني للبلاد. 

وفي تعليقهم عن قرار العفو, عبر العديد من النشطاء والحقوقيين عن ترحيبهم بالعفو الذي صدر بحق “ماثيو هيدجز” غير أنهم لم ينسُ التذكير بحق بقية معتقلي الرأي في الإمارات بهكذا قرارات بالعفو خاصة وأنها تصدر بمناسبة الاحتفال العيد الوطني للدولة . 

أكثر من 200 معتقل رأي في الإمارات بأحكام تترواح بين 5 و 10 سنوات بتهم واهية تتعلق بحرية التعبير لم يصدر بحق أحد منهم اي عفو في كل المناسبات التي كانت الدولة تسارع للعفو فيها عن سجناء أخرين أصحاب سوابق و جرائم حقيقية و مثبتة. 

دعوى قضائية ضد الإمارات

صرّح محامي منظمة التحالف الدولي للدفاع عن الحقوق والحريات برفع المنظمة لدعوى قضائية ضد ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، وذلك بالتزامن مع زيارته إلى فرنسا، متهمة إياه بارتكاب جرائم حرب، والتواطؤ في تعذيب ومعاملة غير إنسانية في اليمن.

وقال  جوزيف بريهام محامي المنظمة ، : “إن الدعوى تضمّنت اتهام بن زايد، وهو نائب القائد الأعلى للقوات المسلّحة في الإمارات، بالمسؤولية عن هجمات أصابت مدنيين، وهو بهذه الصفة أمر بقصف الأراضي اليمنية”.

كما تضمّنت، بحسب بريهام، وثائق من منظمة هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية، ومنظمة أوكسفام، حول اعتقالات تعسفية واستخدام القنابل العنقودية غير القانونية.

وبحسب وكالة “رويترز”، يحق للمحاكم الفرنسية المختصة النظر بالدعوى التي انضم إليها عدد من اليمنيين، وذلك وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب.

وتستند الشكوى إلى تقرير أعدّه خبراء من الأمم المتحدة، جاء فيه أن هجمات للتحالف العربي “ربما تشكّل جرائم حرب، وأن عمليات تعذيب جرت في مركزين تسيطر عليهما القوات الإماراتية”.

وتشير الشكوى إلى قصف مبنى في العاصمة صنعاء، التي تسيطر عليها مليشيا الحوثي، في أكتوبر 2016، حيث كان يُقام عزاء والد وزير الداخلية في حكومة الحوثي.

وتأتي الدعوى التي رُفعت أمام محكمة في باريس في وقت تتزايد فيه الضغوط على الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لتقييد مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، اللتين تقودان تحالفاً ضد الحوثيين في اليمن.

ويشهد اليمن، منذ نحو أربعة أعوام، حرباً عنيفة بين القوات الحكومية الموالية للرئيس عبد ربه منصور هادي، المسنودة بقوات التحالف السعودي الإماراتي، من جهة، ومسلحي جماعة الحوثي من جهة أخرى.

وتتهم جهات دولية الرياض وأبوظبي بالتورّط في الحرب التي أدّت إلى مقتل أكثر 9200 يمني، في حين أُصيب أكثر من 53 ألف شخص، منذ تدخّل تحالف السعودية والإمارات، في مارس 2013.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى