الإمارات تستضيف قمة التسامح وفي سجونها العشرات من المدافعين عن حقوق الإنسان
تستعد دولة الإمارات العربية المتحدة لاستضافة القمة العالمية للتسامح بدبي وذلك تحديدا يومي 13 و 14 من شهر نوفمبر الجاري بهدف الترويج لصورة الدولة التي تحترم قيم التسامح والتعايش والانفتاح.
وقد سبق أن تم تنظيم الدورة الأولى لقمة التسامح في نوفمبر من سنة 2018 كما أعلنت الإمارات عن اعلان سنة 2019 كعام للتسامح ومن المفارقات أن هذا الكم من التسامح لم ينعكس بأي صورة على الواقع الحقوقي لدولة الإمارات ولا على سياستها الخارجية خاصة في ما يتعلق بحربها على اليمن وكل الانتهاكات التي ارتكبتها هناك.
استعدادات حثيثة لهذه القمة التي سيحضرها ضيوف ومتحدثين من كافة أنحاء العالم وفي نفس الوقت تواصل السلطات الإماراتية تجاهلها للسجل الحقوقي لها الذي يشهد تدهورا حيث يظل العشرات من الحقوقيين وخيرة أبناء الوطن من أكادميين ومحامين ونشطاء في سجون الدولة وفي ظروف سيئة جدا ثمنا لدفاعهم عن الحريات والحقوق. فكيف تستثني السلطات سجلها الحقوقي من صورتها التي تسعى جاهدة لجعلها انموذجا يحتذى به حول العالم ؟
ان مثل هذه المبادرات التي تطلقها الدولة في كل مرة على غرار عام التسامح و تعيين وزيرًا للسعادة وآخر للتسامح لم توقف في الحقيقة الهجمة الشرسة على النشطاء والانتهاكات ضد معتقلي الرأي والتي انطلقت منذ عام 2011 ومازالت مستمرة الى اليوم.انها دولة التسامح والسعادة التي تحتجز أكثر من مائة معتقل بين نشطاء وأكادميين ومدافعين عن حقوق الإنسان وتذيقهم في سجونها كل أشكال التنكيل وسوء المعاملة والتي تظل دون مراقبة أومحاسبة.
لا صوت لأحمد منصور وبقية النشطاء في قمة التسامح
ستضم القمة العالمية للتسامح عدة متحدثين من داخل وخارج الإمارات ولكن هي قمة يغيب فيها الصوت الحقوقي الحرّ الذي أسكتته الدولة وغيبته في ظلمات سجونها لانهم مارسوا حرية التعبير ودافعوا عن حقوق الإنسان.
لن يستطيع أحمد منصور، الحائز عام 2015 على جائزة “مارتن إينالز” السويسرية المرموقة التي تمنح للمدافعين عن حقوق الإنسان وذلك تكريما لنشاطه الحقوقي في بلاده، أن يكون متحدثا في قمة دبي للتسامح لأنه يقضي حكما بالسجن 10 سنوات في سجون الإمارات بعد محاكمة جائرة غابت فيها كل معايير المحاكمات العادلة وذلك على خلفية ممارسته لحرية التعبير وحديثه عن انتهاكات ضد معتقلي الراي في السجون الإماراتية وكانت عدة منظمات حقوقية على غرار “العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش” قد اعتبرت تلك الممارسات بحق أحمد منصور لمجرد دفاعه عن الحقوق الأساسية “تفضح غياب أي تسامح من جانب الإمارات“.
هذا المصير ليس حكرا على الناشط أحمد منصور في دولة التسامح حيث يلقى العشرات من معتقلي الرأي ممن صدرت بحقهم أحكام مجحفة في القضية المعروفة دوليا ب”الإمارات 94″ وهم لا يعلمون شيئا عن الشعارات التي تروج لها الدولة وتتباهى بها في المحافل الدولية متناسية سجلها الحقوقي السيء والمخجل.
ستقام القمة العالمية للتسامح في دبي خلال هذا الشهر من سنة 2019 وسيشارك العديد في طمس الجريمة الحقوقية التي حصلت بحق معتقلة الرأي الراحلة علياء عبد النور التي حرمت من الرعاية الطبية رغم مرضها بالسرطان ثم منعت حتى من الموت وسط عائلتها بعد أن رفضت السلطات الإماراتية الافراج الصحي عنها في آخر أيامها حتى توفيت مقيدة وتحت الحراسة في غرفة المستشفى.
ترى هل يعلم الحاضرون في قمة التسامح أنهم سيشاركون في الترويج لصورة خادعة وغير حقيقية خلفها يتم حجب المواقع ومصادرة الآراء الحرة وبث شبكات التجسس على النشطاء.كيف يكون التسامح في بيئة قمعية حيث أن الاختفاء القسري والتعذيب والمحاكمات الصورية مصير لكل من يدافع عن حقوق الإنسان أو يمارس حقه في حرية التعبير المكفولة قانونيا وإنسانيا.
لا يمكن حصر المظالم التي تحصل بحق المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات والمعاناة التي يعيشها سجناء وسجينات الرأي في السجون لذلك لابد من ان تبدي السلطات استعدادا حقيقيا في تغيير الواقع الحقوقي بإطلاق سراح كل معتقلي الرأي واحترام الحقوق والحريات لأن التسامح يجب أن يمرّ عبر السجون المليئة بخيرة أبناء الإمارات الذين من حقهم نيل الحرية فورا ودون شروط.