في تقريرها السنوي، الخارجية الأمريكية تسلّط الضوء على الانتهاكات الحقوقية في الإمارات
نشرت الخارجية الأمريكية تقريرها السنوي في مارس 2020 وسلطت فيه الضوء على وضع الحقوقي في عدة دول خليجية من بينها الإمارات مدينة استمرار الانتهاكات الحقوقية التي طالت الحريات وعددا كبيرا من النشطاء والمدافعين عن حقوق الانسان.
تطرّق التقرير لعدة نقاط متعلقة بالوضع الحقوقي في الإمارات من ذلك تعذيب السجناء من المعارضين، والاعتقال التعسفي، والإخفاء القسري، وانتهاك حرية التظاهر، وحرية التعبير، وانتهاك حقوق العمال معلقا أن السلطات اعتمدت في هذا النهج القمعي على قوانين فضفاضة كقانون الاهراب والجرائم الالكترونية.
حرية التعبير والصحافة
تحدث التقرير عن القبضة الحديدية التي تعاملت بها السلطات الامراتية مع الحريات والممارسات القمعية التي أطلقتها على أصحاب الاصوات الحرة فعلى الرغم من ان الدستور الاماراتي يكفل الحق في حرية التعبير فانه هناك قوانين تمنع انتقاد الحكام واي أراء من شانها زعزعة الشان العام. وقد وضعت السلطات قيودا كثيرة على الصحافيين والكتاب.
ذكر التقرير أنه ومنذ انطلاق موجة الثورات في المنطقة سنة 2011، قيدت السلطات بشدة الانتقادات العلنية للحكومة وواصلت الحكومة إجراء اعتقالات أو فرض قيود حول الأراء المتعلقة بالأنشطة السياسية ودعاة الإصلاح، أو تلك التي فيها انتقاد للسلطة والمؤسسات الحكومية. وبلغ الامر انه في نوفمبر 2018 حكمت المحكمة العليا بأن الإهانات اللفظية والكتابية على الإنترنت هي جريمة قابلة للمقاضاة.
وعند بداية الازمة مع قطر شددت السلطات على ان ابداء اي تعاطف مع قطر او انتقاد للدولة لموقفها منها يعرض صاحبها للعقوبة بالسجن قد تصل 15 عاما وللغرامات المالية.
قال التقرير أن المنظمات الحقوقية تصنف الصحافة المكتوبة والالكترونية غير حرة في الامارات حيث تحكم السلطات قبضتها على أغلب الصحف والمواقع والمحطات التلفزيونية الاذاعية العمومية وحتى الخاصة منها اي أنه لاشيء خارج دائرة السلطة.
كل الأراء التي لا تتفق مع نهج السلطة او فيها انتقاد لاحد افرادها تتم مراقبتها وحجبها ومعاقبة أصحابها وتعتمد السلطة في ذلك على عدة قوانين “فضفاضة” كقانون الجرائم الالكترونية الذي يمكنها من ملاحقة ومقاضاة كل من يمارس حرية التعبير خارج قيدو الدولة وقد انتقدت المنظمات الحقوقية تلك القوانين لأنها تقمع بشكل كبير الحق في حرية التعبير والراي.
تحدث التقرير كذلك على حرية الانترنيت حيث قال أن الحكومة فرضت قيودًا على الوصول إلى بعض المواقع الإلكترونية واعتمدت مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي وخدمات الرسائل الفورية والمدونات. ذكرت السلطات أنها يمكن أن تسجن الأفراد لسوء استخدامها الأنترنيت. كانت الرقابة الذاتية واضحة على وسائل التواصل الاجتماعي. واضاف انه هناك العديد من المعلومات الموثقة لحالات المراقبة عبر الإنترنت لتتبع المعارضين في الإمارات وخارجها. ويشمل ذلك التقارير التي تحدثت عن شراء الحكومة برامج تجسس واستخدامها قراصنة أجانب في حملات ممنهجة لاستهداف النشطاء والصحفيين.
وعن الحرية الأكاديمية، قال التقرير ان السلطة فرضت قيودا على الحرية الأكاديمية بما في ذلك الآراء داخل وخارج الفصل الدراسي من قبل المعلمين، وأخضعت المواد الأكاديمية للرقابة. وطلبت الحكومة إذنًا رسميًا لعقد المؤتمرات وتقديمها معلومات تفصيلية عن المتحدثين وموضوعات المناقشة المقترحة. كان هذا أيضًا مطلوب حتى في المدارس الخاصة. وقد تجنبت المؤسسات الثقافية عرض الأعمال الفنية التي تنتقد الحكومة.
تناول التقرير كذلك مسالة حرية التجمع السلمي وتكوين الجمعيات والتي اعتبرها مقيدة بشكل كبير في دولة الامارات رغم ان الدستور يكفلها حيث تفرض الحكومة تراخيص لاي من تلك الانشطة وغالبا لا تسمح الا بتلك التي تدعم سياسات الدولة.ويجب على الجمعيات اتباع إرشادات الرقابة الحكومية واستلامها مسبقًا موافقة الحكومة قبل نشر أي مادة. في أبو ظبي المعارض والمؤتمرات والاجتماعات تتطلب تصريحا من السياحة و هيئة الثقافة. للحصول على تصريح ، يجب على منظم الحدث تقديم وثائق تعريف المتحدثين مع مواضيع المتحدثين.
الاعتقالات التعسفية
تطرق تقرير الخارجية الأمريكية كذلك الى قضية الاعتقالات التعسفية والتي يحظرها الدستور ولكن تم تسجيل انه يتم احتجاز أشخاص لفترات طويلة دون تهمة أو جلسة قضائية أولية كما يسمح القانون بالاحتجاز لأجل غير مسمى ، بما في ذلك الاعتقال بمعزل عن العالم الخارجي و دون استئناف. وفي بعض الحالات لم يكن يسمح للمحتجزين بالاتصال بالمحامين أو أفراد الأسرة أو غيرهم لأجل غير مسمى أو فترات غير محددة. أفاد بعض المعتقلين أنهم خضعوا للمراقبة أثناء الاجتماعات مع أفراد الأسرة ، بالإضافة إلى منعهم من ذلك مناقشة قضاياهم أو ظروف اعتقالهم. وكشفت تقارير بأن الحكومة قامت باعتقالات بدون إبلاغ الفرد بالتهمة ، لا سيما في حالات الانتهاكات المزعومة لـ لوائح أمن الدولة. في هذه الحالات ، لم تخطر السلطات فرد أو أفراد الأسرة فيما يتعلق بموضوع التحقيق أو الاعتقال.
سلط التقرير الضوء كذلك على المنتهية أحكامهم حيث قال ان السلطات تسمتر في اعتقال ناشطين أنهيا عقوبتهما في 2017 وهما خليفة الربيع و أحمد الملا ويذكر أن عدد المنتهية أحكامهم والذين مازالوا قيد الاعتقال التعسفي بلغ 11 معتقلا ترفض السلطات الى اليوم الافراج عنهم.
المحاكمات ومعتقلي الرأي
قال التقرير ان السلطات اعتمدت الحبس الاحتياطي المطول لا سيما في الحالات المتعلقة لقضايا أمن الدولة.واستشهد التقرير بقضية الناشط الحقوقي احمد منصور ففي ديسمبر 2018 أيدت محكمة أمن الدولة في المحكمة العليا الاتحادية 10 سنوات عقوبة بالسجن وغرامة مليون درهم (272،000 دولار) صدرت في مايو 2018 ضد المواطن والناشط الحقوقي أحمد منصور وكان منصور قد قضى أكثر من سنة في الحبس الاحتياطي. وأدانت السلطات منصور بموجب قانون الجرائم الإلكترونية بتهمة إهانة “مكانة الإمارات ورموزها “والسعي إلى الإضرار بعلاقة الدولة بدول الجزار من خلال نشر معلومات كاذبة على وسائل التواصل الاجتماعي. بحسب المنظمات الحقوقية. وتم احتجاز منصور في الحبس الانفرادي ومنع التواصل مع المحامي ومنح فقط عدد محدود من الزيارات العائلية.
ورد في التقرير كذلك تنويه بالمحاكمات غير العادلة التي يتعرض لها معتقلي الرأي خاصة والتي تفتقر للمعايير الدولية حسب ما اكدته كذلك منظمة العفو الدولية التي أكدت ان المعتقلين لا يتمكنون من مقابلة المحامي ويتم انتزاع اعترافات منهم تحت التعذيب.
اعتمدت السلطات الاماراتية قانون الارهاب لعام 2014 وقانون الجرائم الإلكترونية لعام 2012 في مراقبة والتحكم في الأنشط بما في ذلك استخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وذكر التقرير ام العديد من المراقبين انتقدوا هذه القوانين معتبرين انها تتجاوز كونها بسبب مخاوف على الامن لتصبح قيودا لحظر الانشطة الاراء ذات الطابع السياسي.
جاء في التقرير ان السلطات فرضت رقابة على البريد الالكتروني والهواتف وقال انه وبحسب تقارير إعلامية ، فقد قامت الحكومة بحملات ممنهجة لاستهداف الصحفيين والنشطاء باستخدام برامج التجسس ويعد الناشط الحقوقي أحمد منصور من بين الذين تم استهدافهم. كما جاء في التقرير ان منظمات حقوق الإنسان خلال دعت الحكومة إلى إطلاق سراح محمد الركن وهو محام وأكاديمي ومدافع عن حقوق إنسان المدافع الذي اعتقل تعسفيا في عام 2012.
موقف السلطات من المنظمات غير الحكومية التي تبحث في مزاعم انتهاكات حقوق الانسان
قال التقرير انه بشكل عام ، لم تسمح الحكومة للمنظمات المحلية أو الدولية بمتابعة الشان السياسي والحقوقي للبلاد كما تشترط السلطات اذنا لتلك المنظمات قبل ممارسة اي نشاط وقيدت دخول المنظمات الدولية الى البلاد. ولم تسمح الحكومة بوجود مكاتب للمنظمات غير الحكومية الدولية لحقوق الإنسان في البلاد لكنها سمحت ممثليهم بالزيارة لكن بشكل محدود. واعتبر التقرير انه لم يكن هناك شفافية في المعايير التي تحكم زيارات ممثلي المنظمات غير الحكومية الدولية.
مراكز الاحتجاز ومعاملة السجناء وأشكال سوء المعاملة والتعذيب
قال التقرير أنه وبالرغم من ان الدستور يحظر مثل هذه الممارسات ، ولكن هناك بعض التقارير كشفت بناءا عن شهادات السجناء المفرج عنهم و أفراد الأسرة والمراقبين الدبلوماسيين ومنظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة فان بعض الاشخاص المعتقلين بتهم تتعلق بأمن الدولة تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة. وزعمت مراكز حقوق الإنسان أن هذه الانتهاكات وقعت أثناء الاستجواب كوسيلة لانتزاع اعترافات موقعة. خبراء الأمم المتحدة في مجال حقوق الإنسان والمفرج عنهم من الاحتجاز في السنوات الأخيرة زعموا أن السلطات استخدمت الضرب والوقوف القسري والتهديد بالاغتصاب أو القتل و الصعق بالكهرباء.
كما ذكر التقرير الضرب الشديد الذي تعرض له الناشط الحقوقي المسجون أحمد منصور لاحتجاجه على ظروف السجن وقد تركت كدمات واضحة على وجهه.
بالنسبة لوضع السجون فقد تحدث التقرير عن اكتظاظ الزنازين وغياب المتابعة الطبية والشروط الصحية والتعذيب وسوء المعاملة مادفع البعض لمحاولة الانتحار.كما لم يُسمح لبعض السجناء بممارسة الرياضة أو الحصول على مواد القراءة.وهناك تقارير عن بعض السجناء الذين لم يكون لديهم إمكانية الخروج والتعرض لضوء الشمس كما يحرمون من مكيفات الهواء خلال فترات درجات الحرارة العالية.
وسلط التقرير الضوء على سوء نوعية التغذية والطعام الذي قد يحتوي على الحشرات وغياب النظافة داخل السجون الاماراتية كما تطرق كذلك لغياب الرعاية الطبية اللازمة.وسمحت الدولة بشكل محدود للمنظمات الخيرية غير الحكومية بزيارة ومتابعة وتقديم الدعم للسجناء.
الراحلة علياء عبد النور والحقوقي أحمد منصور
جاء في التقرير ان مراكز حقوقية والأمم المتحدة قالت أن الحكومة الاماراتية فشلت في توفير الرعاية الطبية الكافية لعلياء عبد النور وهي معتقلة مريضة في اخر مراحل المرض بالسرطان والتي اعتقلت واتهمت بتمويل الإرهاب بعد جمع الأموال للاجئين السوريين. وتوفيت عبد النور وهي قيد الاحتجاز في مايو / أيار 2019.
وبالنسبة للناشط الحقوقي أحمد منصور قال التقرير أنه بحسب خبراء الأمم المتحدة ، فإنه محتجز في الحبس الانفرادي لفترات طويلة في سجن الصدر في أبو أبوظبي بدون سرير أو ماء في زنزانته وليس متاح حتى الاستحمام.