“رايتس ووتش” تحثّ الإمارات على حماية المعتقلين من خطر فيروس كورونا

طالب المنظمة الحقوقية “هيومن رايتس ووتش” السلطات الإماراتية باتخاذ التدابير اللازمة والعاجلة من أجل ضمان حماية صحة المعتقلين بعد ورود أنباء عن تفشي فيروس كورونا “كوفيد19” في ثلاثة مراكز.ولم تكن هذه المرة الأولى التي تتم فيها مطالبة دولة الإمارات بتوخي الحذر والعمل على حماية النزلاء حيث طالبت منظمة الأمم المتحدة كل الدول بمن فيهم الإمارات بالتعجيل باتخاذ الاجراءات الوقائية خاصة باطلاق سراح المعتقلين الذين سجنوا بسبب حرية التعبير والذين لا يشكلون خطرا على الدولة بالاضافة الى كبار السن والمرضى ولكن لم تذهب السلطات الاماراتية في هذا الاتجاه حتى تمكن الفيروس من الوصول الى السجون وتفشى بين عدد من السجناء.

كورونا يصل ثلاثة سجون إماراتية 

ذكرت “رايتس ووتش” في تقريرها أن معتقلين في كل من سجن الوثبة والعوير ومركز البرشاء قد ثبتت إصابتهم بفيروس كورونا حسب ما أكده أقارب بعض السجناء للمنظمة مؤكدين أن بينهم مصابون بأمراض مزمنة محرمون من الرعاية الطبية وسط ظروف السجن السيئة التي تعدّ بيئة لتفش الفيروس أكثر.

وقد أكد مايكل بيدج ، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش أن : “الاكتظاظ، وانعدام الظروف الصحية، والحرمان الكبير من الرعاية الطبية الملائمة في السجون ليست أمورا جديدة في مراكز الاحتجاز الإماراتية سيئة السمعة”. 

واعتبر بيج أن كورونا هو خطر آخر جديد يهدد سلامة المعتقلين وحياتهم ولذلك يتوجب على السلطات الإماراتية أن تقبل زيارة المراقبين الدوليين المستقلين للسجون من أجل معاينة الأوضاع.

كشف التقرير أن سجناء في الوثبة وعددهم ستة على الأقل في عنبرَين لديهم أعراض كورونا وقد أكد أحد الأقارب بالقول : “اتصل بنا في 25 مايو. قال إنه كان يرقد في السرير ليومين دون أن يتمكن من الحركة. قال إنه لا يستطيع حتى أن يتناول القرآن بجانبه، وإنه يشعر بانسداد في صدره، وكذلك بالحمى والتعب. قال: “لا أستطيع تحريك جسدي، لا أستطيع النوم”.

وأكد أقارب سجينَيْن على الأقل للمنظمة نُقلا إلى خارج زنزانتيهما بعد إجراء الاختبار إنه لم يكن لديهما أي اتصال بقريبيهما المسجونين منذ نقلهما، ولم يعرفوا بإصابتهما المحتملة سوى من معلومات من سجناء آخرين. قال قريب سجين نُقل إلى عنبر آخر في 28 مايو/أيار: “كل ما أريده هو نقل أخي إلى المستشفى وأن يتلقى العلاج”.

كما أخبر سجين آخر في الوثبة عائلته أن الفحص الذي أجري له كان إيجابيا لكن لم يُنقل من زنزانته. قبل عدة أيام، أخبرهم أن لديه ألما شديدا في مفاصله وعظامه، ولا يستطيع النوم أو الأكل، ولم يتلقَ رعاية طبية أو مسكنات للألم. قال قريبه: “قال إنهم ربما أصيبوا جميعا الآن”.

أما في مركز احتجاز البرشاء، حيث تحتجز سلطات دبي أشخاصا رهن المحاكمة، ذكرت “رايتس ووتش” أن أفراد أسرة أحد السجناء قالوا إن مجموعة من المحتجزين الجدد وصلوا في أواخر أبريل/نيسان إلى عنبره المكتظة أصلا، حيث كان المحتجزون نائمين على الأرض بسبب نقص الأسرّة. بدأت أعراض الإصابة بفيروس كورونا تظهر على بعض الوافدين الجدد. وقد ادى هذا الوضع الى عجز السجناء عن مغادرة عنابرهم أو شراء الطعام أو المستلزمات من متجر السجن. بعد إجراء الاختبارات كل بضعة أيام للجميع في العنبر، كان حراس السجن ينادون بأسماء السجناء ويأخذونهم دون تفسير. يعتقد السجناء أن أولئك الذين أُخِذوا ثبتت إصابتهم بالفيروس.

 قالت مصادر لـ هيومن رايتس ووتش أن في سجن العوير مؤخرا منذ منتصف مارس/آذار، منعت السلطات السجناء حاملي فيروس نقص المناعة البشرية من الوصول إلى مستشفى راشد، المسؤول عن رعايتهم، من أجل احتواء انتشار فيروس كورونا حسبما قالوا. وكانت رايتس ووتش في السابق قد تكلمت عن حرمان هؤلاء السجناء بشكل منتظم من أدوية فيروس نقص المناعة البشرية.

جاء في التقرير أن عديد من أفراد عائلات السجناء لم يتمكنوا من التواصل مع أقاربهم المسجونين لأسابيع. راسلت هيومن رايتس ووتش وزير الداخلية الإماراتي في 7 يونيو/حزيران 2020، لكنها لم تتلقَ أي رد.

ظروف السجن مزرية وانتهاكات لحقوق المعتقلين

لم تتخذ السلطات الإماراتية اجراءات وقاية من فيروس كورونا ولم تتعامل بجدية مع الموضوع وتهاونت في متابعة السجناء فقد قال الأقارب إن سلطات السجن بدأت عند تفشي الفيروس الذي أفيد عنه بنقل الذين ظهرت عليهم أعراض إلى مواقع أخرى مجهولة، وأبقت النزلاء الذين لم يُنقلوا دون اختبار أو رعاية طبية لأسابيع. قال أحد الأقارب في 3 يونيو/حزيران: “قال أخي إنهم سمعوا شائعات عن تفشي الفيروس منذ البداية قبل شهر تقريبا. لا أحد يعرف أين أخذوا الذين ظهرت عليهم الأعراض. فقط يعزلونهم عن الآخرين. لم يكن أحد ممن لم يُنقلوا يتلقى أدوية لتسكين الألم، ولا يأتي أطباء لرؤيتهم، وليس لديهم كمامات، ولا قفازات، ولا تعقيم. الزنازين مكتظة كما كانت من قبل. بدأوا بفحصهم منذ حوالي أسبوع فقط”.

 لم تتخذ السلطات حسب شهادات العائلات الإجراءات المناسبة لمنع انتشار الفيروس، مثل توفير كميات أكبر من الصابون ومعقم اليدين أو توزيع القفازات والكمامات على المحتجزين وشملت الإجراءات الاحترازية حراس السجن والعاملين فقط الذين أوقفوا كل اتصال جسدي بالسجناء، ولم يعد السجناء يتمكنون من مغادرة عنابرهم كما من قبل لشراء الطعام أو الضروريات الأساسية. قال قريب سجين آخر: “لديهم عمال وافدون يأتون لإعطائهم الطعام الآن لكن دون دخول الزنازين، فقط عند الباب”. 

يبدو واضحا أنه هناك تلاعب بأرواح وصحة المعتقلين الذين يتم عزلهم في ظروف سيئة جدا تزيد من وطأة المرض وتدهور الصحة الجسدية والنفسية للمعتقل حيث قال شقيق أحد المعتقلين في سجن العوير والذي يعيش خارج الإمارات: “لم يكن لديهم أي اتصال مع العالم الخارجي، ولم يكن لدينا أي معلومات عن مكانه أو إذا كان بخير. اتصلت بالسجن مرارا. لم يخبروني بأي شيء. طلبت من محاميّ التقصي، وطلبت من صديق الذهاب إلى السجن والاستفسار، وأخبروه أخيرا أن أخي على قيد الحياة. أخبرني أخي لاحقا أن تلك الأيام الـ 17 التي قضاها في الانفرادي كانت أسوأ من كل الوقت الذي قضاه في الاحتجاز [ثلاثة أشهر] قبل ذلك”. 

ظروف الاعتقال في سجن الصدر لا تختلف عن البقية حيث قال محتجز سابق غادر الإمارات في مارس/آذار، وأقارب محتجزَين في الصدر أنه هناك اكتظاظ كبير  وظروف غير صحية وجاء على لسان أحدهم متحدثا للمنظمة : “أخبرني قريبي أنه قذر. هناك صراصير في كل مكان. لا توجد بطانيات أو وسائد. المكان مكتظ جدا، يحتجزونهم مثل الماشية. ولا يوجد ضوء شمس”. 

ووسط هذه الظروف التي تمتد تقريبا على كل السجون, يقبع الكثير من معتقلي الراي الذين لاجرم لهم سوى ممارسة حقهم في حرية التعبير والدفاع عن حقوق الإنسان على غرار أحمد منصور وناصر بن غيث ومحمد الركن وغيرهم واليوم هم مهددون بهذا الوضع الخطير خاصة وأنهم يلقون معاملة سيئة مضاعفة بسبب أرائهم ومواقفهم الحرة وتم توثيق عدة انتهاكات ضدهم طالت صحتهم وسلامتهم النفسية.

حماية المعتقلين ضرورة قصوى

حثت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقريرها السلطات الاماراتية على ضرورة تطبيق اجراءات عاجلة لحماية المعتقلين حيث دعت القائمين على سجون الإمارات الى تمكين السجناء من تطبيق التباعد الاجتماعي بحسب التوجيهات المحددة لعامة السكان، دون اللجوء إلى الظروف العقابية التي تشبه الحبس الانفرادي. ينبغي للمسؤولين الحكوميين أيضا ضمان حصول كل محتجز على الرعاية الطبية الملائمة. 

وشددت المنظمة على ضرورة تخفيض عدد نزلاء السجون بشكل أكبر للسماح بالتباعد الاجتماعي وضمان حصول كل شخص في السجن على المعلومات الحيوية والتواصل الآمن مع الأسرة والمحامين.  كما اعتبرت أنه يتوجب على السلطات وضع بروتوكولات ملائمة للنظافة الشخصية والتنظيف، وتوفير التدريب واللوازم مثل الكمامات، والمطهرات، والقفازات للحد من خطر العدوى.

من جهة أخرى جددت “رايتس ووتش” مطالبتها  السلطات الاماراتية باتباع سياسة الشفافية والوضوح في ما يخص الوضع الوبائي في السجون ويتحقق ذلك بالسماح فورا للمراقبين الدوليين المستقلين بدخول البلاد ومراقبة السجون ومراكز الاحتجاز بانتظام.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى