معتقل عماني في السجون الإماراتية بين محاكمة جائرة ووضع صحي متدهور

يقبع المعتقل العماني عبد الله الشامسي في سجون الوثبة بالإمارات في ظروف صحية ونفسية سيئة جدا حيث أنه بالإضافة لإصابته بعدة أمراض , فانه قد أصيب بعدوى فيروس كورونا في أواخر شهر مايو الماضي. كما أنه قبل اعتقاله، كان الشامسي يتلقى علاجا لسرطان الكلى، الذي أدى إلى استئصال إحدى كليتيه، وكان يتلقى أدوية واستشارات للعلاج النفسي. 

اعتبرت منظمة “هيومن رايتس ووتش” ماتعرض له الشامسي من محاكمة جائرة أفرزت حكما بالمؤبد وظروف احتجاز سيئة “مثالا مروعا على ظلم النظام القضائي الإماراتي”.

اُعتقل طالبا وتعرّض للاختفاء القسري

كشفت عائلة الشامسي أنه اختفى  وقد كان عمره حينها 19 عاما في 18 أغسطس 2018 بعد مغادرته منزل الأسرة في العين شرق أبو ظبي ولم تعرف مكانه أو ما حدث له حتى 16 سبتمبر، عندما أحضرته مجموعة من الرجال يرتدون ملابس عسكرية ومدنية، ومعهم شرطية، إلى المنزل، وفتّشوا منزله وصادروا أجهزته الإلكترونية، واقتادوه مرة أخرى دون أن يعرّفوا عن أنفسهم أو يبرزوا مذكرة تفتيش. 

رغم محاولات العائلة بمعرفة أخباره إلا أن السلطات رفضت الكشف عن مكانه. وقال أحد أفراد العائلة لمنظمة “هيومن رايتس ووتش”  إنه حتى 14 فبراير 2019، عندما سُمح لهم بزيارته لأول مرة في سجن الوثبة، وكان عناصر أمن الدولة يحتجزونه انفراديا في مركز اعتقال سري.

وأشارت المنظمة إلى أن الحبس الانفرادي قد يسبب ضائقة نفسية ويفاقمها، وقد يكون ضارا بشكل خاص للأشخاص الذين لديهم حالات الصحة العقلية. الحبس الانفرادي المطول محظور تماما بموجب القانون الدولي، وينبغي ألا يستخدم مطلقا مع الأشخاص الذين لديهم حالات الصحة العقلية، ويمكن أن يصل إلى مصاف التعذيب، أو المعاملة القاسية، أو اللاإنسانية، أو المهينة.

انتهاكات شملت التعذيب و محاكمة جائرة 

كشف الشامسي في إحدى الزيارات العائلية القليلة إنه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الاستجواب، عذبته قوات أمن الدولة بالضرب والصدمات الكهربائية وقلع أظافره، من بين طرق أخرى. حرمته السلطات من الاتصال بمحام طوال فترة احتجازه قبل المحاكمة. كما قال في مكالمة هاتفية إن المحققين أجبروه على التوقيع على اعتراف وهو معصوب العينين، استُخدم ضده لاحقا في المحكمة. وبحسب ما قاله أحد أفراد الأسرة ل”رايتس ووتش” فإنه شاهد علامات تعذيب على جسد الشامسي مرتين خلال الزيارات العائلية، في فبراير 2019 ومارس.

 لم يتم تبليغ الشامسي بأي تهم ضده طوال حبسه الاحتياطي، حيث قال لعائلته “إن الأدلة ضده قُدمت إليه قبل شهر فقط من محاكمته، وشملت تغريدات في “تويتر” نفى كتابتها، ومسابقات عبر الإنترنت شارك فيها عندما كان عمره 17 عاما فقط، استضافتها محطات تلفزيون إماراتية وقناة “الريان” القطرية. كما منعته السلطات أيضا من الاتصال بأفراد الأسرة لنحو ستة أشهر. بينما قال أحد أفراد العائلة للمنظمة  إن السلطات الإماراتية منعت العائلة من حضور معظم جلسات المحكمة والاطلاع على لائحة الاتهام ووثائق المحكمة الأخرى، قال المصدر نفسه إن محاميا على دراية بالقضية أخبرهم أن التهم تشمل التجسس لصالح قطر، والتي تنفيها الأسرة. 

وحسب عائلة المعتقل فان محاكمته التي بدأت في فبراير 2020، بعد أكثر من عام ونصف على اعتقاله، شابتها انتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة، بما فيها منعه من الاتصال بمحام أثناء الاستجواب، وقبول اعتراف يزعم أنه قسري كدليل. قدم محامي الشامسي الذي عيّنته السفارة العمانية طلب استئناف في 4 يونيو. 

كان هناك ثلاث جلسات للمحاكمة التي بدأت في 5 فبرايربـ “محكمة استئناف أبو ظبي الاتحادية”، حيث تُنظر جميع القضايا المتعلقة بأمن الدولة، وذلك  في فبراير ومارس، لم يسمح لعائلته بالحضور في الجلسة الثانية والتي دامت خمس دقائق أما الجلسة حكم نهائية في 6 مايو، التي أبلغ خلالها المدعي العام لأمن الدولة الشامسي لأول مرة بالتهم المحددة التي واجهها. عُقدت جلسة النطق بالحكم عن بعد بسبب الإجراءات المتعلقة بفيروس كورونا وقد حكم على المعتقل بالسجن المؤبد.

وكان “فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي” في شهر أبريل قد أصدر رأيا في قضية الشامسي ووجد احتجازه تعسفيا، مشيرا إلى أن رد الحكومة على ادعاءات التعذيب وانتهاك الإجراءات القانونية الواجبة لا يدحض هذه المزاعم بشكل كاف، وقال إن على السلطات ضمان الإفراج عنه فورا.

وضع صحي سيئ تدهور داخل السجن 

استنكرت منظمة “رايتس ووتش على لسان مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش الحكم الصادر”على رجل لديه الاكتئاب والسرطان بالسجن مدى الحياة، استنادا إلى اعتراف مشكوك فيه كما قال أن السلطات الإماراتية ترفض تقديم معلومات عن حالة الشامسي، وهي تحتجزه خلال أزمة فيروس “كورونا” في سجن معروف باكتظاظه، وظروفه غير الصحية، ونقص الرعاية الطبية”.

وحسب مصدرعائلي فان خلال الحبس الاحتياطي، وُضع الشامسي في قسم الطب النفسي بـ “مدينة الشيخ خليفة الطبية” في أبو ظبي لأسبوعين بعد أن مر بما وصفه المصدر بأنه “انهيار صحته العقلية”. كما كشف حسب ما أوردته المنظمة أن الشامسي شُخِّص بارتفاع ضغط الدم والسكري أثناء الاحتجاز. قال المصدر إن الشامسي أخبرهم بأنه يتلقى أدوية لعلاج السرطان والاكتئاب، لكن عائلته لم تتمكن من الاطلاع على التقارير الطبية أو معلومات أكثر تفصيلا عن حالته، وعلاجه، وأدويته. 

طالبت هيومن رايتس ووتش للسلطات الإماراتية بضرورة تقديم الرعاية الطبية  التي يحتاج إليها الشامسي فورا، وتزود أسرته بالمعلومات ذات الصلة وفي الوقت المناسب فيما يتعلق بصحته العقلية والبدنية. كما اعتبرت ان السلطات “تضاعف معاناة أسرة الشامسي بتعمّد حرمانها من المعلومات بشأن صحته”. 

يذكر أن والدة المعتقل العماني عبد الله الشامسي قد كشفت أمس عبر حساب على موقع “تويتر” أن جلسة استئناف في قضية ابنها تم تأجيلها إلى 20 يوليو الجاري. كما أكدت أن صحته تدهورت وهو مضرب عن الطعام كما أنه محروم من الإتصال والزيارة وعبرت عن قلقها الشديد على مصير ابنها. وناشدت السلطات الإماراتية والعمانية للتدخل ومساعدتها حتى في التواصل مع ابنها للاطمئنان عليه ” أنا أم عبدالله الشامسي .. أناشد المعنيين في دولة الإمارات وسلطنة عمان بمساعدتي .. أريد الإطمئنان على صحة ابني في سجن الوثبة.. هو مصاب بفايروس كورونا و يعاني من مشاكل صحية سابقا .. وممنوع من الإتصال والزيارة .. أرجو المساعدة”. 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى