اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب: محاسبة الإمارات على انتهاكات حقوق الإنسان
في اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب الذي يصادف 26 يونيو من كل عام، تتجدد الدعوات العالمية لمحاسبة مرتكبي جرائم التعذيب وضمان العدالة للضحايا. في دولة الإمارات، تبرز الحاجة إلى محاربة الإفلات من العقاب بشكل خاص، حيث تواصل السلطات استخدام التعذيب بشكل ممنهج ضد المعتقلين السياسيين ونشطاء حقوق الإنسان، على الرغم من انضمام الدولة لاتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب في عام 2012.
التعذيب يُعتبر من أفظع الجرائم الإنسانية، فهو ليس فقط انتهاكًا صارخًا لحق الإنسان في السلامة الجسدية والنفسية، بل هو أيضًا اعتداء على كرامة الإنسان وإنسانيته. ورغم ذلك، تواصل السلطات الإماراتية استخدام هذه الأساليب القمعية دون الخضوع لأي مساءلة حقيقية. ومنذ عام 2011، مع اندلاع موجة الاحتجاجات المرتبطة بالربيع العربي، ازداد القمع في الإمارات حيث لجأت السلطات إلى أساليب متنوعة من التعذيب، بدءًا من الإخفاء القسري إلى الاعتقال في ظروف قاسية، والحرمان من الرعاية الطبية، فضلاً عن استخدام العزل الانفرادي لفترات طويلة.
تُظهر التقارير الحقوقية أن العديد من المعتقلين في الإمارات تعرضوا للتعذيب الجسدي والنفسي بهدف انتزاع اعترافات تُستخدم ضدهم في المحاكم، في خرق واضح للمعايير الدولية. ومن بين أبرز الحالات التي وثقتها المنظمات الحقوقية، حالة الناشط الحقوقي أحمد منصور، الذي أمضى سنوات في الحبس الانفرادي في ظروف قاسية دون اتصال بالعالم الخارجي، مما أثر بشكل كبير على حالته النفسية والجسدية.
بالإضافة إلى التعذيب المباشر، يعاني السجناء من سوء المعاملة المنهجي، بما في ذلك استخدام التفتيش المهين، وحرمانهم من حقوقهم الأساسية مثل الرعاية الطبية. ورغم تقديم العديد من المعتقلين لشكاوى حول هذه الممارسات، تجاهلت السلطات الإماراتية تلك الشكاوى ولم تقم بإجراء أي تحقيقات جدية، ما يعكس تواطؤًا واضحًا من السلطات القضائية مع الأجهزة الأمنية.
من أجل وضع حد لهذه الانتهاكات، يتعين على الإمارات الالتزام الكامل بالمعايير الدولية لحقوق الإنسان، بما في ذلك تقديم تقارير دورية حول أوضاع حقوق الإنسان، وفتح الباب أمام لجان التحقيق الدولية لزيارة السجون وتقييم الظروف التي يعيشها المعتقلون. كما يجب محاسبة كل المتورطين في ممارسات التعذيب لضمان تحقيق العدالة وتعويض الضحايا على الأضرار التي لحقت بهم.
في هذا اليوم العالمي لمساندة ضحايا التعذيب، يظل التركيز على ضرورة محاربة الإفلات من العقاب وضمان عدم تكرار هذه الجرائم ضد الإنسانية. إن الوقوف إلى جانب الضحايا ودعم حقوقهم يعد التزامًا إنسانيًا وأخلاقيًا لا يمكن التهاون فيه.