الدورة 42: تقرير مجلس حقوق الإنسان يسلط الضوء على الانتهاكات الحقوقية في دولة الإمارات

خلال الدورة 42 العادية لمجلس حقوق الإنسان (المنعقد بين 09 -27 سبتمبر 2019)،وفي التقرير السنوي لمفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان،سلط الأمين العام الضوء على ملف حقوق الإنسان في دولة الإمارات وما يشوبه من انتهاكات كبيرة طالت العمل الحقوقي والمدافعين عنه وغيرها من الممارسات القمعية والترهيبية.

ذكرالتقرير المضايقات التي يتعرض لها المدافعون عن حقوق الانسان في العديد من البلدان بما في ذلك في دولة الإمارات العربية المتحدة.

معتقلات الرأي مريم البلوشي/أمينة العبدولي/ علياء عبد النور

جاء في تقرير أن المفوضية كانت قد ابلغت عن أوضاع 3 معتقلات رأي وهنّ الراحلة علياء عبد النور و مريم سليمان البلوشي وأمينة العبدولي، حيث يقبعن في ظروف سيئة للغاية داخل السجن ويتعرضن لسوء المعاملة بصفة ممنهجة كما واجهن عمليات انتقامية خاصة بعد تداول  معلومات في 2018 حول حقيقة اوضاعهن داخل السجن والشهادات المسجلة التي كشفت هول مايتعرضن له.

تحدث التقرير عن السياسة النتقامية التي واجهت بها السلطات الاماراتية خروج أخبار حول أوضاع المعتقلات خاصة بعد مطالبة الأمم المتحدة في فبراير 2019 بالإفراج عن عنهن وقد طالت تلك الممارسات أهالي المعتقلات أثناء زيارات السجن.وكان رد السلطات في مارس 2019 أنها نفت هذه المزاعم.

واعتقلت علياء عبدالنور  في يوليو2015 بتهمة تمويل الإرهاب وذلك بعد مشاركتها في جمع الأموال للأسر السورية المحتاجة والنساء والأطفال المتضررين من الحرب في سوريا.وكانت عبدالنور قد احتُجزت رهن الحبس الانفرادي لمدة ستة أشهر وتعرضت للاستجواب والتعذيب.

أعيد تشخيص إصابة علياء بالسرطان سنة 2015 بعد فترة قصيرة من توقف انتشار المرض، لكن ورغم حالتها الصحية الصعبة  لم توفر السلطات لها علاج طبي بالشكل الكاف والمناسب.و تم نقلها إلى مستشفى المفرق في نوفمبر 2016 بعد تدهور حالتها الصحية بشكل خطير، وبقيت هناك حتى يناير 2019.

كما أضاف التقرير أن بعد أسابيع قليلة من بيان صحفي حول حالتها، نُقلت عبدالنور في يناير 2019  إلى مستشفى توام حيث كان وصول الطاقم الطبي إليها محدودًا للغاية، وتمت مراقبة العلاج وتصريحه من قبل السلطات. وأكد حسب الأخبار الواردة ان السلطات  فرضت مزيداً من القيود أثناء الزيارات، حيث تعرض أهالي المعتقلة للتفتيش والمضايقات.

توجهت العديد من المنظمات والمؤسسات الحقوقية و الأمم المتحدة بنداءات متكررة في سبيل الإفراج عن علياء عبد النور لكنها توفيت في الحجز في 4 مايو 2019.

المعتقلة الثانية التي تتطرق لها تقرير المفوضية السامية للأمم المتحدة هي مريم البلوشي التي اُعتقلت في 19 فبراير 2015 واتُهمت “بتمويل الإرهاب” بسبب تبرعها لعائلة سورية.وقد تم نقلها إلى مركز اعتقال سري في الحبس الانفرادي حيث بقيت لمدة 5 أشهر.

وقال التقرير أنه وبحسب الأخبار الواردة  تعرضت للضرب على رأسها وهُددت بالاغتصاب خلال الاستجواب . وانتزعت السلطات الاعتراف منها بالإكراه، وفي 12 أبريل 2016، حُكم عليها بالسجن لمدة 5 سنوات في سجن الوثبة.

بعد تقديم معلومات عن حالة السيدة البلوشي وآخرين إلى الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة، ذُكر أن ضابطة من أمن الدولة اتصلت بعائلة مريم وهددت بتقديم مريم البلوشي للمحاكمة مرة أخرى وتوجيه تهم جديدة ضدها. كما هددت بإلحاق الأذى بأفراد الأسرة إذا استمرت البلوشي في إدانة ظروف احتجازها.

 تعرضت مريم البلوشي وأمينة العبدولي بعد وفاة علياء عبد النور في مايو 2019  لمعاملة سيئة في السجن بسبب اتهامات السلطات بكون البلوشي والعبدولي وراء تقديم المعلومات للمنظمات الدولية ومن بينها الأمم المتحدة.

أمينة  العبدولي اعتقلت في نوفمبر 2015 وحُكم عليها في أكتوبر 2016 بالسجن 5 سنوات بتهمة “التحريض على الكراهية ضد الدولة وزعزعة النظام العام ؛ وتقويض سمعة مؤسسات الدولة ، ونشر معلومات كاذبة لتهديد علاقات الدولة مع حلفائها “. وعقب وفاة السيدة عبد النور، ورد أن ستة من ضباط الشرطة دخلوا وتفقدوا زنازين البلوشي والعبدولي وقاموا بمصادركتبها.

وحسب ماجاء في التقرير فان المعتقلتين تتعرضان لسوء المعاملة بشكل مستمر من قبل نزلاء آخرين، وهو ما لم تتعامل معه إدارة السجن، وبالإضافة إلى طلب الحماية من إدارة السجن، فقد اشتكت “العبدولي” و”البلوشي”  من سوء المعاملة المنهجي الذي تتعرضان له مقارنة بالسجينات الأخريات.

قضية أحمد منصور وأسامة النجار

تقرير المفوضية السامية تطرق كذلك لقضيتي الناشطين أحمد منصور وأسامة النجار.وكانت قضية أحمد منصور قد أدرجت سابقا في دورة 2018 و 2017 و 2014 في تقارير الأمين العام المتعلقة بتعاونه مع مجلس حقوق الإنسان.

وقال التقرير أن أحمد منصور قد اعتقل في2017 وتعرض لاعتداءات بدنية وتهديدات بالقتل ومراقبة حكومية.كما كان قد خضع لحظر السفر من عام 2011 لمنعه من الانخراط شخصيا في آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. وفي 6 تموز / يوليو 2018 ، قدمت الحكومة معلومات إلى مفوضية حقوق الإنسان ، تفيد بأن السيد منصور “حوكم وأدين وحُكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات”.

في 4 يناير 2019 ، أعرب المتحدث باسم المفوض السامي لحقوق الإنسان عن قلقه من أن محكمة أمن الدولة  قد أيدت عقوبة السجن لمدة 10 سنوات وغرامة قدرها مليون درهم (حوالي 272000 دولار أمريكي) ضد منصور. وحث المتحدث الرسمي الحكومة “على الإفراج الفوري ودون قيد أو شرط عن منصور وضمان عدم معاقبة الأفراد بسبب تعبيرهم عن آراء تنتقد الحكومة أو حلفائها.” 

في أبريل / نيسان 2019 ، أُفيد أن منصور كان مضربًا عن الطعام للاحتجاج على المحاكمة الجائرة والظروف التي يُحتجز فيها. وفي 7 أيار / مايو 2019 ، أعرب سبعة من الخبراء عن قلقهم البالغ بشأن سلامة منصور الجسدية والظروف السيئة لاحتجازه.

وعن قضية الناشط أسامة النجار، ذكر التقرير أن قضية النجار ادرجت في تقرير عام 2018 وفي العديد من التقارير السابقة للأمين العام. وتحدث عن مزاعم تعرض  النجار للانتقام بعد اجتماعه مع المقررة الخاصة المعنية باستقلال القضاة والمحامين أثناء زيارتها للبلاد في عام 2014. ووفقاً للمعلومات الواردة ، فقد تم اعتقال السيد النجار وتعذيبه واحتجازه بمعزل عن العالم الخارجي في مارس / آذار. 2014 ، ونُقل بعد ذلك إلى سجن الوثبة .

وجاء في التقرير ان النجار سيُطلق سراحه في 17 مارس 2017 ، بعد الانتهاء من عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات. ومع ذلك ، في مارس / آذار 2017 ، رفضت المحكمة العليا الاتحادية الإفراج عنه ، وبناءً على طلب النيابة العامة ، نقلته إلى مركز استشاري (المناصحة) للتوجيه والإصلاح.

وقد أعرب خبراء حقوق الانسان عن قلقهم البالغ إزاء استمرار الاحتجاز التعسفي للنجار بعد انتهاء مدة عقوبته على أساس تشريع واسع وغامض لمكافحة الإرهاب.

في 6 يوليو 2018 ، قدمت الحكومة معلومات مشيرة إلى أن النجار يجري علاجًا وعلاجًا في مركز استشاري يسمى مركز المناصحة “يتكون من جلسات نفسية واجتماعية ودينية لاقتلاع الإيديولوجيات الإرهابية والمتطرفة” على أساس “قلق من أنه قد يرتكب جريمة إرهابية بعد مغادرته السجن” و “تهديدًا للأمن العام”.

ووجب التنويه أن الناشط أسامة النجار تم الإفراج عنه أخيرا في 8 أغسطس/آب 2019 الى جانب اثيني اخرين من معتقلي الرأي الذين أنهوا فترة حكمهم من أكثر من عام. 

ورد كذلك في التقرير حديث عن عن أحمد علي مكاوي، لبناني،حيث أنه تعرض لأعمال انتقامية. وقُبض على مكاوي في 13 أكتوبر 2014، وبحسب ما ورد احتُجز في الحبس السري وفي الحبس الانفرادي لمدة سبعة أشهر، تعرض خلالها للتعذيب الشديد ولحقت به إصابات تطلبت خمس عمليات جراحية.

حُكم على مكاوي بالسجن لمدة 15 عامًا في 4 ديسمبر 2016 ، بناءً على اعترافات انتُزعت تحت وطأة التعذيب. في 5 ديسمبر 2018، بثت قناة العربي التلفزيونية العربية مقطع فيديو حول قضية مكاوي، يعرض بالتفصيل تعذيبه وملاحقته في الإمارات. كما تضمن الفيديو مقابلة مع أخت مكاوي ومحاميه.

وبطريقة انتقامية نُقل مكاوي في 17 ديسمبر 2018 إلى الحبس الانفرادي ووضع في زنزانة تحت الأرض، دون ضوء النهار الطبيعي. منذ ذلك الحين، كانت اتصالات مكاوي بعائلته تتم بشكل متقطع وكانت آخر مكالمة هاتفية أجراها في 15 أبريل 2019.

قضية المعتقل السروي محمد عز كانت قد وردت في تقرير الأمين العام لسنة 2018 بشأن معاملته إثر ما أصدره الفريق العامل المعني الاحتجاز التعسفي الذي اعتبر أن احتجاز عز تعسفي .وكخطوة انتقام, تم وضع عز في الحبس الانفرادي في 2 يوليو 2017 لمدة شهرين بعد صدور رأي الفريق العامل.  

كشف التقرير السياسة الانتقامية التي تنتهجها السلطات الإماراتية ضد النشطاء والحقوقيين الذين يواجهون قمعا وترهيبا حتى بعد اعتقالهم وإصدار أحكام بحقهم ووضعهم في السجون وسط غياب لحقوقهم وسوء معاملة وتنكيل بشكل ممنهج ومتعمد.

ورغم أن الإمارات عضو في مجلس حقوق الإنسان فقد أبدت على مر السنوات الماضية عدم  تعاون مع هيئات وآليات حقوق الانسان الدولية ورغم الاعمال الانتقامية المستمرة,تستمر المطالب بالتوقف عن هذه الممارسات واحترام التوصيات الصادرة عن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة والالتزام بالمعاهدات الدولية. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى