شهادة سجين سابق حول معاناة معتقل الرأي أحمد منصور في سجن الصدر الإماراتي

كشفت شهادة سجين سابق مع الناشط الحقوقي أحمد منصور الظروف السيئة والمهينة التي يقبع فيها منصور في سجن الصدر الإماراتي. 

رواية أرتور ليغيسكا، رجل الأعمال البولندي،نقلتها المنظمة الحقوقية “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها بعنوان ” أرتور وأحمد: نزيلان في جحيم السجن الإماراتي” حيث نقلت تفاصيل على لسان هذا السجين السابق كشفت معاناة الحقوقي المعتقل أحمد منصور في سجن الصدر الإماراتي.

 بعد ان عاش تجربة السجن في السجون الإماراتية من اعتقال وحكم بالسجن مدى الحياة  قبل أن تتمكّن السلطات البولندية من إطلاق سراحه، أراد أرتور ، عبر منظمة “هيومن رايتس ووتش” ،ان ينقل قصة صديقه، أحمد منصور، المعارض الأبرز في الإمارات العربية المتحدة، والذي لم يسمع منه أي خبر منذ اختفائه القسري في مارس/آذار 2017. رواية أرتور عن الوقت الذي قضاه مع أحمد هي أول تقرير تفصيلي عن أحوال المدافع الحقوقي الإماراتي منذ احتجازه.

ارتور عاش تجربة ان يكون معتقلا في احد سجون دولة الإمارات وهو سجن الصدر ولم يفته ان يصف اهوال تلك التجربة علىيه رغم أنه حرّ الآن فهو ما زال  يحمل ندوب تجربته المؤلمة حتى انه يراجع الآن اختصاصيا للتعامل مع اضطراب ما بعد الصدمة الذي يعزوه إلى الوحشية التي رآها في السجن، والاغتصاب الذي يقول إنه تعرّض له على يد حراس السجن. 

لكن تجربة ارتور داخل السجن كانت كذلك فرصة لبناء صداقة مع احد الحوقوقيين البارزين في الامارات والعالم والذي اعتقلته السلطات بسبب دفاعه عن حقوق الانسان وهو أحمد منصور.

جاء في تقرير “رايتس ووتش” على لسان المعتقل الكندي السابق”ارتور” قوله : “لم أر أحمد يتعرض لعنف جسدي قطّ. لكنك تجلس في زنزانة مساحتها أربعة أمتار مربعة، وليس لديك الحق في الذهاب إلى المكتبة. يعرفون أنك شخص مثقّف ويحرمونك من الكتابة. تُحرم حتى من الضوء في زنزانتك. لا حاجة إذن للعنف البدني. هذا أمر فظيع وكارثي. هذا تعذيب نفسي. تمكّن أرتور من الاحتفاظ بمذكرات عما قضاه في السجن، وفي الصفحة 150 رسم زنزانتَه: ثقب رطب يعج بالحشرات، لا تتجاوز مساحته أربعة أمتار مربعة، في أرضه ثقب بمثابة مرحاض.

كان احمد منصور صامدا منذ اول اعتقال له  في 2011  وذلك لدعوته إلى الإصلاح وتعرض للتهديد بالقتل علنا، ولاعتداءين بدنيين، وسرقة مشبوهة لسيارته، واختفاء غامض لمدخرات شخصية تقدّر بآلاف الدولارات الأمريكية من حسابه المصرفي. رغم كل ذلك، واصل نضالَه. وعاودوا اعتقاله في 2017 وظل صامدا دون أن ينهار حتى ديسمبر/كانون الأول 2018. عندها، كان قد مضى نحو عامَيْن على توقيفه، وسبعة أشهر بعد حكم المحكمة عليه بالسجن بعشر سنوات بتهمة “الإضرار بسمعة الدولة ومكانتها ورموزها”.

بعد تأييد الحكم على منصور في ديسمبر/كانون الأول 2018، بالسجن عشر سنوات،انهار منصور حيث قال أرتور: “أتذكر اليوم الذي خسر فيه الاستئناف، عاد أحمد إلى حبسه الانفرادي وأخذ يصرخ”. بعد ذلك بوقت قصير، قرر أحمد الإضراب عن الطعام. أرتور، الذي كان يُسمَح له بمغادرة الحبس الانفرادي للذهاب إلى الكافيتيريا، بخلاف أحمد، شاهد كيف تدهورت حالة أحمد الصحية كلما مرّ بنافذة زنزانته الصغيرة. خسر فورا الكثير من وزنه وتغيّر لون وجهه”.

تأثرت حالة منصور بسبب الاضراب “بدا على شفير الموت بعد أربعة أسابيع من الإضراب عن الطعام” قال  “ارتور” واصفا لحالة صديقه . ورغم ان تواصله بأحمد صار صعبا بسبب نقله لزنازانة اخرى  لكن من خلال سجناء آخرين يتكلمون الإنغليزية، تمكّن أرتور من الحصول على رقمَيْ هاتف من أحمد.

“كان أحمد دائما يُحدثني عنكم. عن أصدقائه الناشطين الحقوقيين في أنحاء العالم. كان يعلم دائما أنه مهما سيحدث، ستبقون بجانبه”.

حسب ماذكرته “رايتس ووتش” على لسان السجين السابق”أرتور” فأن وضع أحمد تحسّن قليلا بعدما ذاعت أخبار إضرابه عن الطعام. أصبح قادرا على مغادرة زنزانته للذهاب إلى الكافيتيريا والاتصال بوالدته والخروج إلى باحة السجن. “أتذكر أنه كان يبكي كطفل صغير”.

كان هناك معملومة اخرى مهمة ذكرها “ارتور” في شهادته ل”رايتس ووتش” وهي ان سلطات سجن الصدر أبلغت أحمد أن “لا سيطرة لديها على ظروفه، وأن جميع التعليمات جاءت مباشرة من قصر الرئاسة”.

المفارقة أن شهادة “ارتور” حول وضع الناشط الحقوقي أحمد منصور تأتي بعد أيام من اصدار الإمارات بيانا قالت فيه إن المزاعم بسوء وضعية منصور  “لا أساس لها من الصحة” وهدفها “تشويه وتزوير الحقائق” وذلك بعد ان عبرت مجموعة من خبراء حقوق الإنسان في “الأمم المتحدة” في  بيان في مايو/أيار 2019 عن “قلق بالغ بشأن السلامة الجسدية للناشط أحمد منصور المسجون في دولة الإمارات العربية المتحدة”.

لكن ترفض السلطات الاماراتية الى اليوم السماح  للخبراء الأمميين بدخول سجن الصدر لمعاينة وضع احمد وغير من المعتقلين.

لقد وصف السجين السابق أن “تجربته في سجن الصدر كانت كمن دخل الجحيم” ولنا ان تخيل اذا وضع الناشط الحقوقي أحمد منصور هناك وبقية معتقلي ومعتقلات الرأي في السجون الاماراتية خاصة مع تعمد السلطات التنكيل بهم والانتقام منهم بسبب رفضهم للانتهاك حقوق الانسان قبل وبعد اعتقالهم. 

متحدثة عن منصور قالت هيمون رايتس ووتش “كان أحمد آخر مدافع حقوقي في الإمارات، وآخر بصيص أمل في بلد أصبح بمثابة ثقب أسود للنشاط الحقوقي. سلطات الإمارات لا تتسامح مع منتقديها، ولديها حزمة كبيرة من القوانين القمعية المصممة لسحق المعارضة والتي تضمن إسكات الانتقادات. لسنوات، رفض أحمد الرضوخ، وفي نهاية المطاف، استهدفته السلطات الإماراتية. عانى أحمد من نفس ما عانى منه الإماراتيون والإماراتيات الذين ناضل طويلا من أجلهم: جاءته زيارة في وقت متأخر من الليل من جهاز أمن الدولة على متن سيارات رباعية الدفع مظلّلة النوافذ، ثم أُخِذ مُقيّدا بالأصفاد إلى السجن.

مازال الحقوقي أحمد منصور رهن الاعتقال الي اليوم في ظروف سيئة بسبب دفاعه عن حقوق الانسان ومازال مصيره مجهولا رغم كل الدعوات المطالبة بالافراج عنه ووقف ملاحقة كل النشطاء. هذا ليس مصير احمد وحده لانه هناك العشرات غيره يلقون نفس المصير في سجون الامارات لانهم مارسوا حقهم في حرية التعبير في دولة لا تقبل الا بصوت واحد وهو صوت السلطة الحاكمة. 

ليس هناك من خطر على الدولة أكثر من اسكات الأصوات الحرة السلمية وملاحقة النشطاء الذين يمكلون رؤية أوسع وارحب للوطن وهذا الخيار قاد العديد من النشطاء والاكادميين والمحامين في دولة الامارات الى السجن. 

 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى