معاناة الزيارات لمعتقلي الرأي وعائلاتهم

يقبع في السجون الإماراتية أكثر من معتقل رأي غيبتهم السلطات داخل ظلمة الزنازين بسبب دفاعهم عن حقوق الإنسان وممارسة حرية التعبير. أحكام مجحفة صدرت بحق العشرات من خيرة أبناء دولة الإمارات من أساتذة ومحامين وأكادميين وقضاة ونشطاء وكتاب ومهندسين وغيرهم. ورغم فقدانهم لحريتهم دون وجه حق بتهم تتعلق بحقهم الإنساني والمشروع في حرية التعبير، فان الإنتهاكات ضدهم تتواصل داخل السجن حيث تسلّط عليهم شتى أنواع الإهانة والتنكيل وسوء المعاملة والحرمان.

زيارات من وراء الحاجز الزجاجي

من بين أشد الانتهاكات وطأة في السجون الإماراتية ضد معتقلي الرأي هي الزيارات التي يترقبها المعتقل وعائلته بنفس اللهفة من أجل الالتقاء ولايخفى على أحد بعد مواقع السجون الإماراتية التي توجد في عمق الصحراء كسجن الرزين مما يكبد العائلات مشقة كبيرة للوصول وسط حرارة مرتفعة وطول المسافة. هذا الواقع يهئ لمُناخ تكثر  فيه الانتهاكات خاصة في غياب الرقابة المستقلة واستمرار المعاملة السيئة و الظروف المتردية. منع الزيارات أو ندرتها له أثر مباشر على حقوق المعتقلين كرؤية عائلاتهم والتواصل المباشر معهم ومعرفة أخبارهم وأخبار العالم الخارجي وكذلك الحصول على المقتنيات والأشياء التي يجلبها الأهل للمعتقلين من ثياب وأدوية وكتب وغيرها من الضروريات.

تزيد السلطات من انتهاكها لحقوق المعتقلين بفرض الحاجز الزجاجي أثناء الزيارات التي تكون صعبة في حد ذاتها حيث أنه يتم الغاؤها دون سبب ودون اعلام المعتقلين ولا أهاليهم.ويعتبر الحاجز الزجاجي تنكيلا واضحا واستهتارًا بالحالة النفسية للمعتقل وعائلته على حد السواء. وتعتبر مثل هذه الممارسات والتضييقات انتهاكا صارخا لما ينص عليه القانون الإتحادي رقم 43 لسنة 1992 في شأن تنظيم المنشآت العقابية وقواعد “نيسلون مانديلا” وكذلك للمادة 10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والتي تنص على أن “يعامل جميع المحرومين من حريتهم معاملة إنسانية، تحترم ا لكرامة الأصيلة في الشخص الإنساني”.

ان الزيارات وظروفها لها دور مهم وتعتبر عاملا نفسيا قويا لدى المعتقلين وعائلاتهم لتحمل كل المشاق والمظالم ولو لفترة قصيرة لما تحققه من بعض التوازن لديهم ولكن يتم التضييق عليهم فيها فلا يسمح لمعتقلي الرأي التواصل  خلال الزيارات الا من خلف الحاجز ووسط مراقبة شديدة مع تحديد لعدد الأشخاص من الدرجة الأولى  كما تمنع على الأحفاد.

تهديد والدة الدكتور المعتقل محمد الركن بعد رفضها رؤيته من خلال الحاجز الزجاجي

من بين صور معاناة المعتقلين وعائلاتهم أثناء الزيارة ماتعرّضت له والدة الدكتور محمد الركن المعتقل في سجن الرزين حيث منعت من رؤيته الا بوجود الحاجزفي وهو مارفضته السيدة السبعينية حيث أنه لا يفي حقها في رؤية ابنها بعد ماتكبدته من عناء التنقل لسجن يوجد في عمق الصحراء. كانت والدة الدكتور الركن قد تنقلت لرؤية ابنها بعد طول مسافة استغرقت 3 ساعات بكل ماتحمله من مشقة وتعب من السفر لسوء الطريق ثم يتواصل التعب في الانتظار أكثر قبل بلوغ غرفة الزيارات حيث اضطرت والدة الركن للسير تحت أشعة الشمس للذهاب للغرفة التي ينتظرون فيها قبل الدخول للزيارة وقد رفضت أن يتم نقلها بسيارة تابعة للسجن عادة مايتم التنقل بها ولكنها وبعد هذا العناء تكتشف أنها ستقابل ابنها من خلال الحاجز الزجاجي. لم تستطع والدة الركن تقبل الأمر ورفضت رؤيته بهذه الطريقة وأصرت على موقفها ولكن السلطات رفضت طلبها برؤيته مباشرة دون حاجز وقاموا بتهديدها برفع قضية ضدها وكان رد فعلها أن غادرت الغرفة في حالة غضب دون ان ترى ابنها الدكتور الركن وعادت أدراجها تحت الشمس متكبدة نفس العناء دون أن تتمكن من رؤيته بسبب الحاجز الزجاجي الذي يفرض بين المعتقل وعائلته. 

وتعتبر هذه الحادثة مثلا بسيطا وشاهدا يوثق ماتتحمله عائلات معتقلي الراي من انتهاكات وتنكيل متعمد تمارسه السلطة ضدهم ضاربين بعرض الحائط القوانين المحلية والدولية التي تنص على احترام حقوق المعتقلين على كافة المستويات. 

المعتقلة أمينة العبدولي لم تعانق أولادها الخمسة بسبب الحاجز 

صورة أخرى للتضييق الذي يحصل أثناء الزيارات هي حرمان المعتقلة أمينة محمد العبدولي من رؤية أطفالها الخمسة مباشرة خلال الزيارة حيث تضطر لرؤيتهم من خلف الحاجز دون القدرة على معانقتهم ويسمح لها فقط بالتواصل معهم ومع العائلة بالهاتف الموجود خلال الزيارة وهذا يعدّ شكلا من أشكال التعذيب النفسي الذي لا يقل خطورة على التعذيب الجسدي. وكانت العبدولي في تسجيل مسرب من سجن الوثبة قد اشتكت من هذا الانتهاك ومن بعدها عن أولادها وعدم قدرتها حتى على الاتصال بهم بشكل دائم خارج وقت الزيارة. 

الحق في الزيارات من بين الحقوق التي يعاني فيها معتقلو الرأي من الانتهاكات الجسيمة حيث غالبا مايتم الغاؤها والتضييق فيها دون ذكر الأسباب وحتى في حال احترام مواعيدها يتم التنيكل بهم وبعائلاتهم من خلال المراقبة الحاجز أثناء وقت الزيارة وهذه حلقة في سلسلة انتهاكات لاحصر لها ضد معتقلي الرأي في السجون الإماراتية. 

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى