الوضع الحقوقي في الإمارات تحت مجهر المجتمع الدولي

شهد شهر يونيو تركيزا ملفتا على الوضع الحقوقي في دولة الإمارات حيث تصاعدت المطالب الحقوقية و الدولية بتسليط الضوء على الانتهاكات التي تحصل بصفة ممنهجة في الدولة خاصة بعد الحكم القاسي الذي صدر بحق الحقوقي أحمد منصور و التقارير الواردة من السجون الاماراتية والتي تكشف عن تعذيب السجناء السياسيين وبينهن معتقلات راي.

شهد شهر يونيو تركيزا ملفتا على الوضع الحقوقي في دولة الإمارات حيث تصاعدت المطالب الحقوقية و الدولية بتسليط الضوء على الانتهاكات التي تحصل بصفة ممنهجة في الدولة خاصة بعد الحكم القاسي الذي صدر بحق الحقوقي أحمد منصور و التقارير الواردة من السجون الاماراتية والتي تكشف عن تعذيب السجناء السياسيين وبينهن معتقلات راي.

تنديد واسع النطاق بالحكم الصدار بحق أحمد منصور

توالت ردود الفعل المنددة باصدار محكمة اماراتية حكما ب10 سنوات سجن مع غرامة مالية على الناشط الحقوقي أحمد منصور بعد مضي أكثر من سنة على اعتقاله. وكانت محكمة استئناف أبوظبي قضت بسجن منصور عشر سنوات، وتغريمه مبلغ مليون درهم إماراتي، وأدانته بالتشهير بالإمارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي.​

أبدت كل من منظمة “هيومن رايتس” و “العفو الدولية” استنكارهما الشديد بالحكم الذي صدر بحق أحمد منصور حيث اعتبرت رايتس ووتش انه  “فضح دولة الإمارات و برهن على انها دولة قمعية يهمها سجن الحقوقيين أكثر من القيام بإصلاحات فعلية. طالما يقبع منصور في السجن، لن ينفع أي مبلغ مالي أو جيش من شركات العلاقات العامة في تبييض سمعة الإمارات”. كما أكدت “الحُكم على منصور هو تذكير قاسٍ بتصميم الإمارات على القضاء على أي شكل من أشكال النقد أو الحوار حول الحقوق. على الحلفاء المفترضين للإمارات – واشنطن ولندن ضمنا – الدفاع عن منصور والمطالبة بالإفراج عنه”.

في ذات السياق اعتبرت العفو الدولية الحكم “ضربة قاسية لحرية التعبير” مطالبة السلطات الإماراتية بالإفراج الفوري وغير المشروط عن الناشط الإماراتي، واعتبرت اعتقاله هجوما مباشرا على المدافعين عن حقوق الإنسان معتبرين  إن أحمد منصور اعتقل لأنه مارس حقه في التعبير عبر وسائل التواصل الاجتماعي.

 من ردود الفعل الأخرى حول الحكم على أحمد منصور فان مايقارب عن 31 منظمة حقوقية تقدمت بمطلب تسمية شارع بمدينة “مانشستر” البريطانية باسم أحمد منصور وهو مطلب توجهوا به الى عُمدة بلدة “مانشستر” في بريطانيا.و قد شملت رسالة المطلب توقيع العديد من الجهات الحقوقية على غرار “هيومن رايتس ووتش، ومنظمة مناهضة التعذيب، ومراسلون بلاحدود، وفرونت لاين، ومؤسسة مارتن إيالينز”. وقد أكدت الرسالة على عمل المنظامت الحقوقية في دولة الإمارات معدوم بسبب حظر السلطات لتواجدها  كما ان  الأشخاص الذين يتحدثون عن انتهاكات حقوق الإنسان معرضون لخطر شديد من الاحتجاز التعسفي والسجن والتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة. كثير من هؤلاء الناس يقضون فترات سجن طويلة أو يشعرون أنه ليس لديهم خيار سوى مغادرة البلاد.

عبرت صحيفة فانشينال تايمز البريطانية بدورها عن استنكارها للحكم الصادر بحق منصور وقالت أن مثل هذا الحكم  يكشف ضيق المساحة المخصصة للأصوات الناقدة في الإمارات، ودرجة القمع في الدولة مضيفة ان قرار حبس أحمد منصور للسنوات العشر المقبلة لمجرد مشاركة رأيه في وسائل الإعلام الاجتماعية هو ما يسبب الضرر الحقيقي لسمعة الإمارات وما يسمى “النسيج الاجتماعي”، وليس النشاط السلمي لأحمد منصور”.

من جهته طالب طالب رئيس لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي الإمارات بالإفراج عن الناشط أحمد منصور وإلغاء حكم حبسه “بلا شرط”، كما طالب المسؤول الأوروبي أبوظبي بالإفراج عن جميع معتقلي الرأي. وقال انه يجب التراجع عن هذا القرار و انه على السلطات الاماراتية ان تفرج عنه و تسمح له بالاجتماع من جديد مع عائلته كما طالب بالكشف عن مكان اعتقاله و حمايته من كل مظاهر التعذيب و سوء المعاملة و السماح لخبراء الامم المتحدة و المنظامت الحقوقية بزيارته و التواصل معه.

سجن أحمد منصور هو خرق للقانون الدولي هكذا عبر موقع “ميدل ايست آي” عن رأيه على الحكم على منصور معتبرا انه حكم مخزي في حقه وهو الذي طالما حارب الظلم و دافع عن حقوق الانسان التي تنتهكها السلطات الاماراتية.وأضاف ان هذا الحكم هو المسمار الأخير في نعش الحركة المؤيدة للديمقراطية في الإمارات العربية المتحدة. وأوضح أن حبس أحد أبرز المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم أدى إلى نتائج عكسية على مستوى العلاقات العامة.. ببساطة لا يوجد مبرر لحكم أحمد منصور، والحكومة الإماراتية تعرف ذلك.

مخاوف على مصير أحمد منصور و الأمم المتحدة تطالب بالإفراج عنه

عبرت بعثة حقوقية عن “مخاوفها” من تلك المحاكمة ووصفتها بأنها “جائرة للغاية.” كما قال تقرير البعثة: “أنه لم يعلن عن موعد المحاكمة. ذكرت وسائل الإعلام التهم والحكم، ولكن لم يصدر أي بيان علني أو معلومات حول المحاكمة نفسها. وبينما كان منصور يمثله محام ٍ، إلا أنه لم يتم الإعلان عن ذلك في الصحف إلا بعدها. وعلاوة على ذلك، يبدو أن عملية الاستئناف ستعقد في نفس المحكمة.”

 و قال تقرير البعثة أنه: “بالنظر إلى استخدام السلطات الإماراتية للتعذيب والحبس الإنفرادي الموثق على نطاق واسع، وعدم وجود أي معلومات من مصدر مستقل عن منصور، فأن هناك ما يدعو للخوف الشديد على سلامته. ولا يزال مكان احتجازه مجهولاً، ويُعتقد أنه محتجزاً في سجنٍ تابع لجهاز أمن الدولة. لا توجد معلومات عن كيفية معاملته، أو ما إذا كان في الحبس الانفرادي.”

 من جهتهم استنكر خبراء في الأمم المتحدة الحكم الصادر بحق الناشط الحقوقي أحمد منصور القاضي بسجنه 10 سنوات بسبب منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي و قد عبر الخبراء عن عميق ادانتهم لمثل هذا القرار.و طالبوا في بيانهم دولة الإمارات بالافراج الفوري عن منصور معتبرين ان الحكم عليه هو ” اعتداء غير مقبول على حرية التعبير.” كما أضافوا أن الحكم الصادر بحق منصور يعد انتهاكا لحقه في التعبير الذي تكفله المواثيق الدولية، ودعوا إلى إلغائه والإفراج عنه بلا شرط أو قيد.

الانتهاكات الحقوقية في الإمارات تحت مجهر المجتمع الدولي

تعرضت دولة الإمارات خلال شهر يونيو لانتقادات دولية شديدة بسبب الانتهاكات الحقوقية على غرار المسيرة التي شهدتها العاصمة البريطانية لندن و التي نظمها نشطاء حقوقيون من بريطانيا و الإمارات للتنديد بما يحصل من انتهاكات حقوقية في دولة الإمارات.وكان المشاركون قد طالبوا خلال المسيرة, التي جابت أنحاء العاصمة البريطانية, الحكومة البريطانية بالضغط على السلطات الإماراتية من أجل الإفراج عن معتقلي الرأي من السياسيين والحقوقيين.

وكان للملف القطري جانب من هذه الانتقادات التي بلغت حد رفع دولة قطر دعوى أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة بسبب ما وصفته بأنه انتهاكات لحقوق الإنسان. وطالبت دولة قطر من المحكمة أن تأمر الإمارات بوقف الانتهاكات بحق القطريين و باتخاذ خطوات لتنفيذ التزاماتها بموجب الاتفاقية، وذلك بوقف العمل بهذه الإجراءات وإلغائها .كما طلبت أيضا أن تصلح الإمارات الأضرار، بما يشمل دفع تعويضات.

بدورها نظمت جمعيات حقوقية تظاهرة تم فيها تنصيب خيمات  في ساحة الأمم المتحدة في جنيف للمطالبة بإطلاق سراح معتقلي الرأي في الإمارات و تم وضع صور لمعتقلين و نشطاء تعرضوا للانتهاكات من اختفاء قسري و حجز تعسسفي و تعذيب. وقد عبر  منظمو هذه المظاهرة إن الهدف منها إبلاغ الرأي العام في سويسرا بالانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها النشطاء الحقوقيون في الإمارات.

معتقلات رأي في سجون الإمارات يتعرضن للتعذيب 

كشف تسريب صوتي لإحدى معتقلات الرأي في دولة الإمارات “أمينة العبدولي” عن حجم سوء المعاملة و التنكيل الذي يتعرضن له دون رقيب أو حسيب في سجون سيئة السمعة تغيب فيها الحقوق و تحضر الانتهاكات بكل الأشكال.​ 

و قد تحدثت العبدولي عن حجم التنكيل الذي تتعرض له حيث تتعمد السلطات اهانتها و الحط من معنوياتها من خلال إخبارها بحالة اولادها السيئة و ضياعهم من بعدها وقد ذكرت أنه عند اعتقالها تم ترويع أطفالها ولم يكترث جهاز الأمن الذي اقتحم منزلها لبكائهم وهم يأخذون والدتهم أمام أعينهم.واشتكت أمينة كذلك من الاهمال الطبي و تعمد أطباء السجن التهاون في معالجتها وهي التي تعاني إصابة في العين و إعوجاج في الأسنان السفلية رغم مطالبتها بتلقي العلاج مرارا. و أثناء التحقيق يتم التنكيل بها و تقييدها بشكل مهين وكأنها من مجرمي الحرب كما أكدت أن أقوالها لا تؤخذ بعين الاعتبار بل يتم كتابة اعترافات لا تعلم عنها شيئا و لا تمت للحقيقة بشيء.

وتتعمد سلطات إدارة سجن الوثبة عدم توفير الرعاية الطبية اللازمة للمعتقلات كما لم نجد حرصا من الأطباء على احترام المدونة الطبية وأخلاقيات الطبيب ولم يستفرغوا الجهد اللازم للإحاطة الطبية بالمساجين ولمراقبة الأوضاع الصحية داخل السجن. 

وقد كان ما تتعرض له السجينات من انتهاكات و تنكيل محور ندوة تزامنا مع انعقاد الدورة الثامنة والثلاثين لمجلس حقوق الإنسان, حيث قامت منظمات حقوقية بعقد ندوة في قصر الأمم بجنيف بهدف تسليط الضوء على استخدام أبوظبي للتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والمهينة ضد النساء المحتجزات في سجون الامارات بالاضافة الى النظر في سبل الانتصاف المحلية والدولية للحد من انتهاكات حقوق الإنسان.

وسلط المشاركون في الندوة الضوء حول قضايا التعذيب وإساءة معاملة النساء في الإمارات معتبرين انها ليست أحداثاً منعزلة ولكن هناك في الواقع استخدام منهجي لكل تلك الممارسات. كما أشاروا الى التشريعات القانونية في الإمارات، مثل المادة 53 من قانون العقوبات الإماراتي، التي لا تعترف بالمساواة بين الرجل والمرأة ووجود حقوق المرأة.و تم التطرق كذلك الى سبل الانتصاف القانونية الدولية الحالية لمعالجة استخدام التعذيب ضد النساء في السجون الإماراتية وكيف أن دولة الإمارات ليست طرفاً في المحكمة الجنائية الدولية أو نظام روما الأساسي، وطالب المشاركون ضرورة تشجيع الامارات على التوقيع عليها. وتحدثوا أيضاً عن أهمية الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة بينما تناول مسائل استخدام التعذيب في سجون الإمارات.

تنديد بالانتهاكات ضد سجناء في سجون تديرها الإمارات في اليمن 

أبدى مرصد حقوقي تنديده الشديد بالانتهاكات التي تحصل في سجون اليمن التي تديرها قوات اماراتية مطالبا السلطات الإماراتية بالتحقيق في ممارسة التعذيب بحق معتقلين معبراً عن خشيته من أن تكون تلك الممارسات “ممنهَجة وتتم على نطاق واسع”، مشيراً إلى أن هذه الانتهاكات قد ترقى لأن تمثل جرائم حرب، وهو ما يستدعي فتح تحقيق عاجل فيها ومحاسبة المتورطين.

 مئات من المعتقلين في اليمن تعرضوا للتعذيب الجسدي والجنسي والاعتداء الجماعي في سجون تديرها تشكيلات مسلحة تتبع لدولة الإمارات العربية المتحدة، العضو في التحالف العربي، وفي هذا الصدد تم الاشارة إلى الشهادات والرسومات التي تم تسريبها من سجن “بئر أحمد” الواقع في مدينة عدن جنوب البلاد، والذي يجري فيه احتجاز 150 معتقلاً على الأقل.

وحسب المرصد فان التحقيق الذي نشرته وكالة “الأسوشياتد برس” الأمريكية حول سبل التعذيب في السجون التابعة للإمارات في اليمن يبين أن التعذيب لا يقتصر فقط على العنف الجسدي بل يطال المعتقلين تعذيب جنسي تمارسه القوات ضد المعتقلين من كلا الجنسين، ويتضمن التحرش والاغتصاب وتصويرهم وهم عراة، وصعق الأعضاء التناسلية، وإدخال أعمدة خشبية وفولاذية داخل فتحة الشرج للمعتقلين، وذلك بهدف إذلالهم أو سحب اعترافات منهم أو إجبارهم على التعاون.

و اعتبرت المتحدثة باسم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، سارة بريتشيت، “إن هذه الممارسات قد ترقى لجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وإنه من المشين أن مثل هذه الممارسات تتم في سجون تتبع للدول التي من المفترض أنها جاءت لتساعد اليمن وتحمي المدنيين. يجب على حكومة الإمارات، وعلى المجتمع الدولي ككل -متمثلاً في مجلس الأمن- فتح تحقيق عاجل في هذه الجرائم وإحالة الملف إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المتورطين”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى