تراجع على عدة مستويات في الإمارات .. يناقض ما يروج رسمياً عن رؤية “السعادة والرفاهية”

تظهر انتهاكات أمن الدولة في الإمارات صورة مختلفة عما تسعى السلطات إلى إظهار محلياً ودولياً، بحسب ما تكشفه المنظمات الدولية في تقاريرها أو في المؤشرات التي تقيس مدى درجة قدرة وصول الإمارات لتحقق طموح “السعادة”.

تظهر انتهاكات أمن الدولة في الإمارات صورة مختلفة عما تسعى السلطات إلى إظهار محلياً ودولياً،  بحسب ما تكشفه المنظمات الدولية في تقاريرها أو في المؤشرات التي تقيس مدى درجة قدرة وصول الإمارات لتحقق طموح “السعادة”.

ما تظهره هذه التقارير  يتناقض مع ما تتحدث عنه رؤية الإمارات نحو السعادة والرفاهية- كما يصورها الإعلام- إذا ما أظهرت المؤشرات الدولية تراجعاً في العديد من المستويات، بعيداً عن تلك الطموحات التي تتخلق في مواطن البؤس وفقدان الثقة  بعد أن حُولّت “السعادة” و “التسامح” إلى عبارات هلامية تمضغها وسائل الإعلام لتبتعد الحقيقة إلى وادٍ آخر لا تقربه الأجهزة الأمنية و وسائل إعلامها.

أحد تلك المواطن التي تظهر تعاسة (الإمارات)، الحكم على أمينة العبدولي ومصعب بالسجن في أسوء محاكمات سياسية في البلاد تستهدف دفع الدولة نحو تطور جديداً من (البوليسية) التي تستهدف (الهوية الإماراتية) وانحدار الدولة نحو (الاستبدادية)، فقد جرى الحكم على مصعب محمد العبدولي سبع سنوات كما قضت المحكمة ذاتها بسجن أمينة مدة خمس سنوات وغرامة مالية مقدارها 500 ألف درهم (136 ألف دولار)، ومصادرة أجهزتها المضبوطة وذلك على معنى القانون الاتحادي عدد 7 لسنة 2014 بشأن الجرائم الإرهابية.

 

تنديدات دولية بسجن (العبدولي)

ونددت منظمة العفو الدولية (امنستي) والمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان و المركز الدولي لدعم الحقوق والحريات بأحكام السجن تلك افي وقت قضت محكمة أمن الدولة بسجن مواطن عُماني 7سنوات بسبب تغريدات على تويتر اعتبرها جهاز الأمن تروج لتنظيم الدولة.

وفيما دعا الدولي للعدالة إلى الإفراج الفوري عن أمينة ومصعب العبدولي، دعت (امنستي) نشطاء حقوق الإنسان إلى مراسلة السلطات الإماراتية للضغط من أجل الإفراج عليهم فالأحكام الصادرة من دائرة أمن الدولة في المحكمة الاتحادية العليا لا يمكن الطعن فيها، ولا يستطيعون الحصول على حق الإنصاف الفعال وكل ما يحصلونه هو الإدانة بالحكم عليهم.

وحث المركز الدولي لدعم الحقوق والحريات السلطات الإماراتية أن تقوم بتعديل تشريعاتها لكي تتفق مع دستور الدولة وكذلك كافة المواثيق والمعاهدات التي قامت بالتصديق عليها للمضي قدما نحو تحسين سجلها في حقوق الإنسان.

وأرسل المركز مناشدته لرئيس الدولة بإصدار مرسوم بالعفو عن الناشطة أمينة العبدولي، وتعديل قانون العقوبات والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بشكل يتماشي مع دستور الدولة والمواثيق والاتفاقيات التي صادقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة.

قيود صارمة على الانترنت

يأتي ذلك في وقت تفرض الإمارات قيودا كبيرة على شعبها فيما يخص استخدام الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، إذ ظهرت في قائمة أكثر الدول مراقبة للإنترنت.

 وكان نائب مدير مكافحة الجرائم الالكترونية في إدارة البحث الجنائي في دبي، الرائد سالم عبيد سالمين قال: “سيقوم فريق من مكافحي الجرائم الالكتروني بمراقبة كل من موقع تويتر وفيسبوك”، تحت ذريعة منع جرائم الإساءة والتشهير.

سجل الإمارات البائس

ونتيجة لهذا التعسف الأمني المتواصل انتقدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” في تقرير لها “السجل البائس” لحقوق الإنسان في الإمارات، وفق تعبيرها، وذلك بسبب الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، الذي تمارسه السلطات الإماراتية بحق المعارضين والحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان.

وهاجمت المنظمة الحوقية السلطات الإماراتية، وذلك لانتهاكها حقوق الإنسان، مشيرة إلى أنه تم تقديم طلب بموجب قانون “حرية المعلومات” في حزيران/ يونيو 2015، حول شكاو قدمها 43 مواطنا بريطانيا إلى مسؤولين في بريطانيا بأنهم تعرضوا للتعذيب أو سوء المعاملة في إطار نظام العدالة الإماراتي، بين حزيران/ يونيو 2010 وحزيران/ يونيو 2015.

من جهته، لفت “المرصد الأورومتوسطي” لحقوق الإنسان الأنظار إلى أن السلطات الإماراتية تستخدم عادة بعض المواد التي تتعارض مع حقوق الإنسان، التي يتضمنها قانون العقوبات الإماراتي، “من أجل التغطية على الانتهاكات الجسيمة لحرية الرأي والتعبير”.

 

أوضاع الاقتصاد ومصادرة كتب “بشارة”

وفي إطار ذلك تستدعي التصريحات التي تُطلقها إدارة “معرض الشارقة الدولي للكتاب”، كلّ عام، بأنّ لا رقابة على جميع دور النشر المشاركة، مراجعة جديّة في الدورة الخامسة والثلاثين من المعرض التي انطلقت فعالياتها في الأول من تشرين الثاني/ نوفمبر الجاري وتتواصل حتى الثاني عشر من الشهر نفسه.

 وجاء المنع هذه المرة مختلفاً، إذ تمّت مصادرة كتب المفكّر العربي عزمي بشارة من جناح “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات” عن طريق “شرائها” دفعة واحدة من قبل الإدارة وجهات أمنية، وبفرض نسبة الحسم الذي تريده على إدارة الجناح.

لا تقتصر المراوغة الإماراتية على مطاردة المؤلفات لكنها تشمل الاقتصاد حيث تخطط مجموعة الدول العشرين وضع قائمة سوداء «للملاذات الضريبية غير المتعاونة» بحلول يوليو المقبل، وهو أحدث تطور في حملة عالمية على التهرب الضريبي التي بدأت خلال الأزمة المالية العالمية لكنها حازت على زخم ودفعة جديدين هذا العام بعد الكشف عن وثائق بنما.

وقد تسربت هذه الوثائق في ابريل وتظهر استخدام شركات وهمية ومجهولة في الخارج للتهرب من دفع الضرائب وغسل الأموال.

المؤشرات الدولية

ولا تعكس المؤشرات الدولية أياً من مؤشرات “السعادة” و”الرفاهية” الموعودة حكومياً وأمنياً في مستقبل الإمارات القريب، فلا تظهر إلا تراجعاً مستمراً وكبيراً في تلك التصنيفات العالمية.

وانطلاقًا من كون الأصل أن تختلف نظرة الحكام في الإمارات إلى هذه المؤشرات والتقارير الدولية، التي تصدرها هيئات ومؤسسات عالمية، على اعتبار أنها معينٌ لأصحاب القرار ورجال التخطيط، غير أن الواقع الإماراتي مأزوم في حروبه العبثية في الخارج وفي تسليم الدولة إلى جهاز الأمن ما يعكس صورة مُـؤسفة، حيث لا تلقي أبوظبي بالاً لنتائج ومؤشِّـرات هذه التقارير، سواء كانت لقِـياس سيادة القانون أو ضيق الحريات العامة أو حرية الصحافة، وإن علّـقوا على تراجع الدولة فيها، فباتِّـهام ناشريها بالتآمر والعمالة والتقليل من شأنها والتحقير من قيمتها العِـلمية والعمَـلية، أو أن تظهر الصحافة الرسمية في واد والتقارير الدولية في واد آخر لتنشر لها ما طاب من تفاصيل التقرير وتلقي التعتيم على بقية النتائج.

ونشر مركز الإمارات للدراسات والإعلام تقريراً كشف فيه حجم التضليل الذي يُقال في الدولة أن البلاد تذهب نحو “السعادة الدائمة” و “العدالة” و “المساواة” ليقارن نتائج المؤشرات الدولية خلال الثلاث السنوات الماضية (2014، 2015، 2016)، متمنياً أن يأخذ المسؤولون كلاً في منصبه من أجل تحسين حياة الإماراتيين.

 

تقرير البرلمان البريطاني

هذه الصورة المقيتة للإمارات في المؤشرات الدولية والتقارير العالمية يقابلها فقدان صورة دولية وخسارة ملايين الدولارات من أجل مشاريع جهاز الامن الفاشلة، وهو ما ظهر في بريطانيا، فرغم ما مارسته أبوظبي من ضغوط على الحكومة البريطانية السابقة التي تراسها ديفيد كاميرون في سبيل التضييق على جماعة الإخوان المسلمين في بريطانيا واعتبارها جماعة إرهابية، ومحاولة أبو ظبي استخدام ورقة “الصفقات التجارية” مع بريطانيا لتحقيق هذا الهدف ، إلا أن تقرير لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان البريطاني دفعت تلك الضغوط عرض الحائط وأنصفت  “جماعة الإخوان المسلمين ” مع رفض أي تحيز من الحكومة البريطانية ضد قيم الحرية والعدالة.

وعلق الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، على التحقيق أن ذلك ا جاء انصياعا لأوامر ما وصفه بـ”دولة بوليسية”، هي الإمارات العربية المتحدة، وفي مخالفة صريحة لما أوصى به جهاز المخابرات البريطاني.

واعتبر هيرست في مقاله المنشور على موقع “ميدل إيست أونلاين” أن تجاهل بريطانيا لدور الإسلام السياسي كجدار واق في مواجهة تنظيم الدولة والجماعات الإسلامية المشابهة سيكبدها ثمنا باهظا.

وقال إن الغرب لا يمكن أن يحاضر في العرب بدروس عن الديموقراطية والقيم الليبرالية بعد أن اتهمت الصحف البريطانية ثلاثة من كبار القضاة في بريطانيا بأنهم “أعداء الشعب” لأنهم أصدروا حكما لا يوافق هواهم، وبعد الحملة الانتخابية الأمريكية “السوقية”.

من جهته ربط الأكاديمي الإماراتي، عبد الخالق عبد الله، ه بين القرار وبين زيارة ولي عهد بريطانيا، الأمير تشارلز للإمارات، مغردا: “في وقت يزور فيه ولي عهد بريطانيا الإمارات، البرلمان البريطاني يبرئ الإخوان من تهمة العنف والإرهاب، ويقول هم سند وسد منيع ضد قوى التطرف والتشدد”.

بين السيسي والسعودية والاتفاق مع صالح

في لقاء هو الثالث خلال الستة الأشهر الأخيرة ظهر ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد في القاهرة للقاء الرئيس المصري الحالي عبدالفتاح السيسي، في وساطة تحيي العلاقات بين السعودية ومصر والتي تبدو مسألة نجاحها مرتبطة بالنظام المصري والنظام الإماراتي الذي يتوافق معه في كثير من نقاط الخلاف.

يأتي ذلك في وقت قالت شركة “دانة غاز” الإماراتية، إنها ستراجع خططها الاستثمارية في مصر خلال عام 2017، في حال عدم سداد مصر المستحقات المتأخرة عليها خلال الفترة الماضية.

ولا يبدو أن المياه ستعود بين السعودية ومصر في القريب العاجل حتى بوساطة إماراتية فيما صدرت المحكمة المصرية حكماً بملكية جزيرتي صنافير، تيران، لبلادها وليست للملكة، وهي جزر سعودية كانت تحت حماية مصر كما يقول مؤرخون.

في سياق مشابه تظهر أبوظبي متفقة مع الرئيس اليمني المخلوع علي عبدالله صالح لإيجاد سُبل وطرق بقاءه السياسي مقابل انهيار الحوثيين.

وظهر العقيد أحمد علي عبدالله صالح نجل “صالح” وقائد قوات الحرس الجمهوري (سابقاً) التي تقاتل قوات التحالف العربي باليمن في صور جديدة مبتسما برفقة أحد قيادات حزب والده التي في أبوظبي يتنقل بينها ودبي وتحتضنه منذ سنوات، وذلك في تحد جديد لمشاعر الإماراتيين.

يأتي ذلك على وقع زيادة التطبيع بين أبوظبي والاحتلال الإسرائيلي حيث شارك دبلوماسي “إسرائيلي” في مؤتمر دولي أقيم الأسبوع الماضي إمارة دبي، ليزيد التأكيد بالعلاقة الأكثر من جيدة بين الدولة والكيان الصهيوني. 

وقالت وسائل إعلام فلسطينية و”إسرائيلية”: “شارك سفير إسرائيل بالأمم المتحدة، داني دانون في أعمال المؤتمر الدولي للتنمية الذي استضافته قبل عدة أيام، دولة الإمارات العربية المتحدة في إمارة دبي”.

  وحضر دانون المؤتمر بصفته الرسمية كرئيس لجنة القانون في الأمم المتحدة، بيد أن دانون لم يخف هويته كدبلوماسي إسرائيلي “يزور دبي”

الإيماسك 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى