الدولي للعدالة”: استمرار الإنتهاكات لحقوق الإنسان بالإمارات وتجريم المدافعين عنها

أصدر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان تقريره السنوي 2017 والذي يرصد حالة حقوق الإنسان في دولة الغمارات للعام 2016 ، حيث اعتبر التقرير ان وضع حقوق الإنسان في الإمارات لم يتحسن خلال سنة 2016 مع وصده لعدد من الحالات التي انتهكت فيها السلطات الاماراتية حقوق الانسان ولم تمتثل للمعايير الدولية ومنها حالات الاختفاء القسري والعزل عن العالم الخارجي والاعتقال التعسفي والتي جعلت المعتقلين عرضة لخطر التعذيب وسوء المعاملة.

أصدر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان تقريره السنوي 2017 والذي يرصد حالة حقوق الإنسان في دولة الغمارات للعام 2016 ، حيث اعتبر التقرير ان وضع حقوق الإنسان في الإمارات لم يتحسن  خلال سنة 2016 مع وصده لعدد من الحالات التي انتهكت فيها السلطات الاماراتية حقوق الانسان ولم تمتثل للمعايير الدولية ومنها حالات الاختفاء القسري والعزل عن العالم الخارجي والاعتقال التعسفي والتي جعلت المعتقلين عرضة لخطر التعذيب وسوء المعاملة.

وأوصى التقرير بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، بمن فيهم الأكاديميين والمدونين والمحامين المحتجزين في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية الرأي والتعبير وكذلك حرية التجمع وتكوين الجمعيات.

كما طالب باتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان السلامة البدنية والنفسية للأشخاص المحرومين من حريتهم في دولة الإمارات العربية المتحدة ومعاملتهم بكرامة واحترام، ووضع حد لممارسة التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي والحبس الانفرادي، والاختفاء القسري، وتنفيذ إجراءات وقائية مانعة لتلك الممارسات وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

وطالب المركز الدولي السلطات بفتح تحقيق جدي وسريع ومستقل في جميع حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وكذلك حالات التعذيب وسوء المعاملة، وتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا مع جبر ضررهم وإعادة تأهيليهم ومحاسبة الجناة، و قبول دعوات هيئات حقوق الإنسان المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة لزيارة ومراقبة السجون الإماراتية لضمان احترام القواعد النموذجية الدنيا والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والقواعد الدولية الأخرى. 

وشدد المركز على ضرورة المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب للاستفسار عن أي مزاعم تعذيب حصلت، و توفير محاكمة عادلة وعلنية لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم أمام محكمة مستقلة ومحايدة وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي تضمن الحق في استئناف الحكم أمام محكمة أعلى درجة.

وحول التشريعات القانونية طالب المركز بوضع حد للسياسات القمعية ضد الحق في حرية الرأي والتعبير والكف عن رصد ومراقبة وسائل الاعلام على الانترنت. ووضع حد لتجريم الجمعيات والمنظمات وضمان حرية التجمع للجميع،  و إلغاء التعديلات التشريعية الجديدة التي تزيد من قمع الحريات الأساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومراجعة القوانين الإماراتية بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم المتعلقة بالشبكات الإلكترونية من أجل جعلها متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتنفيذها بشكل شفاف وبطريقة فعالة.

كما طالب بالمصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بها، فضلا عن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري، و الالتزام بالتعهدات التي قبلتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان سنة 2013، بما في ذلك إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وتعزيز التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والآليات الدولية لحقوق الإنسان، فضلا عن قبول آليات المساءلة الدولية لحقوق الإنسان ومواصلة الحوار مع مؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان. 

وفيما يلي أبرز ما تضمنه التقرير السنوي للمركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان : 

كما أعرب المقرر الخاص المعني بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان في سبتمبر 2016 عن قلقه فيما يتعلق بانتهاكات طالت المدافعين عن حقوق الإنسان في الامارات.

ويؤكد التعديل المضاف لقانون العقوبات في ديسمبر الفارط السياسة القمعية الذي اتبعتها حكومة الإمارات العربية المتحدة سنة 2016حيث وقع ادراج تعديلات جديدة وعقوبات صارمة تخص الحقوق الأساسية. 

وعلاوة على ذلك فقد انتهكت السلطات الاماراتية في 2016 الحق في حرية الرأي والتعبير على الانترنت وفي الفضاء العام واضطهدت العديد من الاشخاص بتعلة الامن القومي كما وقع تجريم الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات من قبل الحكومة طوال السنة.

كما واصلت السلطات منع آليات الرصد الدولية من زيارة ومراقبة مراكز الاعتقال، فظروف السجن لا تلبي الحد الأدنى من المعايير الدولية كما تتعرض أسر المعتقلين للاضطهاد عند زيارة أقاربهم المحتجزين.

وبالإضافة إلى ذلك، ظل عدم امتثال السلطات لضمانات المحاكمة العادلة ساريا في العديد من الحالات على الرغم من الخطوة الأولى التي اتخذتها الامارات بإقرار حق الاستئناف امام محكمة الاستئناف العليا، كخطوة أولى في عرض القضايا قبل إرسالها للمحكمة الاتحادية العليا والتي تعتبر أحكامها نهائية. ومع ذلك، لا يزال هذا الاجراء غير واضحا وليس لديه اي تطبيق بأثر رجعي.

ولا يزال العمال المهاجرين وعديمي الجنسية والنساء ضمن الفئات الضعيفة جدا في دولة الإمارات العربية المتحدة فالسلطات لم تلتزم بتوقعات المجتمع الدولي فيما يتعلق بحماية حقوق المهاجرين وإصلاح نظام الكفالة الذي لا يزال على حاله. 

ولا تزال أيضا قضية انعدام الجنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة تثير القلق حيث تجاوز عدد “البدون” خلال سنة 2016 المائة ألف. وبالإضافة إلى ذلك، واصلت الدولة ممارساتها باعتماد إلغاء الجنسية كوسيلة لقمع النشطاء وأسرهم، وهو ما ادانه المركز الدولي للعدالة وحقوق الانسان في أكثر من مناسبة. 

الجزء الأول: القمع في دولة الإمارات العربية المتحدة

1.1 تجريم المدافعين عن حقوق الإنسان

 1.1.1 لمحة موجزة عن 2016

فشلت السلطات الاماراتية طوال سنة 2016 في الامتثال للمعايير الدولية لحقوق الانسان من خلال الانتهاكات التي رصدها المركز ومن خلال منعها لحق النشطاء في الممارسة السلمية لحرية التعبير وتكوين الجمعيات.

فقد تعرض عدد من المواطنين الاماراتيين وغير الإماراتيين خلال سنة 2016 للمضايقة والاعتقال الغير قانوني في دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد رصد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان طيلة السنة المنقضية عدة حالات من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان في الإمارات، والتي تضمنت ممارسة التعذيب والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي بمعزل عن العالم الخارجي، وكذلك المحاكمات الجائرة ضد النشطاء والإصلاحيين والمحامين والمدونين والصحفيين.

وقد ادانت المحكمة الاتحادية العليا اوائل سنة 2016، ثلاثة مدونين بسبب انشطتهم على الانترنت كما حكم على كل من السيد أحمد محمد الملا والسيد بدر البحري والسيد عبد الله الحلو والسيد فيصل الشحي يوم 13 يونيو 2016، بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد أن اختفوا قسريا واعتقلوا تعسفيا لأكثر من عامين بتهمة إنشاء منظمة. وعقب الاختفاء القسري للأشقاء امينة ومصعب العبدولي وادانتهم في اكتوبر 2016، صدر الحكم في الشهر الموالي وفي محاكمة جائرة على السيد عبد الرحمن بن صبيح بعشر سنوات سجنا. كما شهدت سنة 2016 ازديادا في قمع واضطهاد عائلات المدافعين عن حقوق الإنسان وسجناء الراي في دولة الإمارات العربية المتحدة وقد ادان المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان التدابير التي اتخذتها السلطات الإماراتية للضغط على أسر المساجين.

هذه التجاوزات الخطيرة وان كانت تدل على السياسة القاسية التي تعتمدها سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة لتقييد الحريات الأساسية ولانتهاك حقوق مواطنيها، فإنها لا تمثل سوى جزء صغيرا من عدد النشطاء المضطهدين من قبل السلطات الإماراتية سنة 2016 وفي الواقع، فإن وضعية حقوق الانسان في دولة الإمارات العربية المتحدة لم تتحسن منذ 2015

1.1.2   

المدافعين عن المجتمع المدني وحقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة

لاحظ المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان أنّ سنة 2016 شهدت تشديد مراقبة الدولة  للفضاء العام عبر إدخال المزيد من التدابير القمعية،مما أدى إلى  تقلص مساحة مشاركة المجتمع المدني في دولة الإمارات العربية المتحدة كما هو مذكور في بياناتنا المنشورة على مدار السنة و التي وقع تسليط الضوء فيها على القمع الفظيع الممارس ضد المدونين والنشطاء والمدافعين عن حقوق الإنسان،  كما لاحظنا أن منتقدي الحكومة، إضافة إلى نشطاء المواقع الاجتماعية والانترنت، و سواء عبروا عن آرائهم الشخصية أو عن انتقادهم علنا لسياسات الدولة، كانوا الأكثر عرضة للاضطهاد من قبل السلطات الإماراتية.

كما وقع في يوليو 2016، إحياء الذكرى الثالثة للقضية المعروفة “الإمارات 94″حيث اعتقل 94 ناشطا حقوقيا وحوكم أكثر من 60 منهم في محاكمة جماعية جائرة على خلفية انتقادهم لسياسات الحكومة الإماراتية وهي قضية تقوم دليلا على حملة القمع المنتهج باسم الأمن الوطني. 

وتعرض السيد أحمد منصور في شهر اغسطس، وهو من أبرز الإماراتيين المدافعين عن حقوق الإنسان وأكثرهم نشاطا، إلى التجسس ومحاولة اختراق بياناته ولكنه لم يعتقل ولا يزال يقيم حاليا في دولة الإمارات العربية المتحدة. هذا وتجدر الإشارة أيضا إلى أنّ السيد أحمد منصور، وهو أحد عناصر مجموعة “الامارات 5” وهي قضية حقوقية معروفة، يخضع حاليا للمراقبة من قبل الدولة ولحظر السفر، وهو ما يعيق عمله لتعزيز وحماية حقوق الإنسان ويعرضه باستمرار لخطر الاعتقال والمضايقة من جانب السلطات.

 كما دعا المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان الى إطلاق سراح الدكتور محمد الركن الذي اعتقل وسجن سنة 2013 في محاكمة جائرة بغاية إعاقة عمله القانوني كمحامي وكناشط في مجال حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة ومرت أكثر من ثلاث سنوات على اعتقاله بتهمة كيديه تمثلت في إنشاء منظمة تهدف إلى قلب نظام الحكم كما تم منعه من مزاولة مهنة المحاماة وحكم عليه بالسجن لمدة عشر سنوات ولا يزال حتى الآن وراء القضبان.

وخلال سنة 2016، ومع اعتقال معظم المدافعين عن حقوق الإنسان وانتهاج سياسة قمعية صارمة ضدهم، فان أي مواطن يتحدث مطالبا بتعزيز الحريات الأساسية، يعرض نفسه لخطر الاعتقال والاضطهاد وانتهاك حقوقه على يد جهاز امن الدولة. ووفقا لمرصد “سيفيكوس”، والذي يختص بالفضاء المدني، تصنف دولة الإمارات العربية المتحدة كدولة “مغلقة” حيث يعتبر “الاحتجاج العام أمرا مستحيلا، وتفرض رقابة صارمة على محتوى الإنترنت كما تدقق الدولة كثيرا في منظمات المجتمع المدني”.

1.1.3 

الإطار القانوني القمعي

قام المركز سنة 2016 بمراقبة تنفيذ القوانين التي تهدف إلى تقييد حقوق الإنسان والحريات الأساسية في البلاد والتي استخدمت لمضايقة واضطهاد المدافعين عن حقوق الإنسان. 

 ومنذ سنة 2011، تم سن العديد من القوانين القمعية مثل قانون مكافحة الإرهاب وتكوين الجمعيات السلمية وقانون الجريمة الالكترونية إضافة إلى التعديلات المقيدة للتشريع الإماراتي الحالي وهو ما خلق بقعا سوداء في الإطار التشريعي للإمارات تستخدمها السلطات لاستهداف منتقدي الحكومة من ناشطين سياسيين وحقوقيين ومدونيين.

وتستند السلطات الإماراتية أساسا إلى قانون العقوبات والقانون الاتحادي لسنة 2012 لمكافحة الجريمة الإلكترونية والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 لمكافحة الإرهاب لفرض قيود صارمة على المدافعين عن حقوق الإنسان.  وعلى سبيل المثال فان قانون مكافحة الإرهاب يخول إصدار عقوبة الإعدام لكل ما يعتبر تهديدا “للوحدة الوطنية أو السلم الاجتماعي”، حتى لو كانت تحركات سلمية، وكثيرا ما تستخدم هذه القوانين لقمع حرية التعبير ومنع تكوين الجمعيات.

وفي ديسمبر 2016، قامت السلطات الإماراتية بواحدة من أهم التحويرات التي طرأت على الإطار القانوني الإماراتي باعتماد القانون الاتحادي رقم 7، الذي ادخل 130 تعديلا على قانون العقوبات واحتوى أكثر من عشرين مادة من 130 تخص عقوبة الإعدام. هذا وتفرض هذه العقوبة على الجرائم التي لا تزال غامضة التعريف في النص وبالتالي ستكون قابلة للتأويل والتوظيف من قبل السلطات. وعلاوة على ذلك، فإن المسؤولين الإماراتيين تعمدوا تعديل المواد المتعلقة بالعقاب والتجريم بطريقة غامضة وعامة لتسهيل اضطهاد السياسيين والنشطاء والمدونين وإطالة فترة احتجازهم.

1.1.4 اضطهاد العائلات

يعرب المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان عن قلقه الشديد ازاء تزايد اضطهاد أسر المدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة سنة 2016.  ففي يوليو من نفس السنة، أبلغ المركز عن انتهاكات سلطات سجن الرزين لحق الزيارة عبر منع العائلات، في اليوم الأول من العيد وحتى اليوم الخامس منه، من زيارة أقاربهم المحتجزين. كما تكررت هذه الممارسات مرة أخرى يومي 25 و26 ديسمبر عندما استخدمت السلطات السجنية ذرائع كاذبة لحظر الزيارات العائلية. وعلاوة على ذلك تم تخفيض مدة الزيارة في سجن الوثبة من 30 دقيقة مرتين في الأسبوع الى 15 دقيقة مرة واحدة اسبوعيا. 

ندد المركز ايضا في مارس 2016 بحالة الاشقاء الصديق اسماء الصديق (29 عاما) ودعاء الصديق (25 عاما) وعمر عبد الرزاق الصديق (23 عاما)، ابناء السيد محمد عبد الرزاق الصديق المعتقل ضمن قضية “الامارات”94، والذين وقع سحب جنسيتهم الاماراتية منهم دون أي أساس أو مبرر قانوني واجبارهم على مغادرة البلاد. وتم سحب الجنسية لثلاث أشقاء فقط من بين عشرة بسبب انشطتهم على شبكة الإنترنت وهي ممارسة قمعية بامتياز.

تقييد الحقوق والحريات الأساسية

1.2.1 انتهاك حرية الرأي وحرية التعبير 

تابع المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان خلال سنة 2016 إدخال النصوص التشريعية الجديدة والتي تعمل بتوافق مع الإطار التشريعي القمعي فيما يتعلق بمسألة حرية التعبير والتي تعزز صلاحيات السلطات في ملاحقة أي شخص يشكك في النظام السياسي للدولة. 

هذا وقد تم اعتماد قانون مكافحة التمييز في يوليو 2016 الذي يجرم أي إجراء من شانه أن يثير الكراهية الدينية أو يهين المعتقدات الدينية من خلال أي شكل من أشكال التعبير، ويجرم النص بث أو نشر أو نقل أي مواد استفزازية بأي وسيلة كانت، بما في ذلك وسائل الإعلام أو الانترنت. وعلاوة على ذلك، فإن القوانين تحظر انتقاد الحكام الوطنيين بأي نوع من الكلام قد يخلق أو يشجع على الاضطرابات الاجتماعية.

وقد شجعت التعديلات المضافة لقانون العقوبات في ديسمبر الفارط، على تجريم الحق في حرية التعبير والرأي من خلال إدراج المادة 182 مكرر التي تنصّ على ما يلي: “يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار من شأنها إثارة الفتنة أو الإضرار بالوحدة أو السلم الاجتماعي”. 

ووجد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في المادة 182 مكرر من قانون العقوبات انتهاكا لحرية الرأي والتعبير وللحق في حرية الفكر والمعتقد وللحق في إذاعة الأفكار والآراء وتلقيها بأي وسيلة كانت دون تقيّد بحدود ودون مضايقة من أحد.

ولقد تعمّدت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة صياغة مواد التجريم والعقاب بشكل عام وفضفاض من أجل التمكن بسهولة من ملاحقة الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين وحبسهم لمدد طويلة فلقد خلا تعديل قانون العقوبات والمادة 182 م

كرر من صياغة دقيقة تلتزم الضوابط المعتمدة في مجتمعات ديمقراطية حين تقييد الحريات وأهمها الضرورة والتبعية والتناسب والهدف المشروع.

فلا معنى من ثمّة لمفردات من مثل ” إثارة الفتنة ” و ” الإضرار بالوحدة ” و ” السلم الاجتماعي ” والتي قد تستوعب بالتجريم التعبير الحر عن رأي وتفتح الباب أمام التأويل التعسفي وإساءة الاستخدام. وتأخر ترتيب دولة الإمارات عالميا في مؤشر حرية الإعلام والصحافة لتحتل المركز 119 من أصل 167.  

1.1.2

الحد من حرية التعبير على الانترنت

ركز المركز في تقريره عن حرية التعبير الصادر في شهر ماي، على الاضطهاد الذي يتعرض له الناشطون والمدونون على الانترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة. 

في شهر فبراير، حكم على المدون السيد صالح بن محمد بن صالح بالسجن لمدة ثلاث سنوات لنشره تغريدات على حسابه الخاص، وفي الشهر التالي، أدانت المحكمة الاتحادية العليا السيد عبد الله نواب البلوشي والسيد مروان محمد عتيق بن سفيان الفلحي وحكمت عليهم بالسجن لمدة 5 سنوات على التوالي على خلفية نشرهم لفيديو وقصيدة على واتس اب واصدار موقع على شبكة الانترنت. 

وفي شهر اكتوبر، حكم على السيدة أمينة العبدولي بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة إنشاء حسابين على موقع التواصل الاجتماعي” تويتر” ونشر معلومات تحرض على الكراهية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة وتعمل على خلق اضطرابات في النظام العام. كما اتهمت أيضا بالسخرية بسمعة الدولة ونشرها لمعلومات كاذبة من شانها ان تعرض علاقات دولة الإمارات العربية المتحدة وعدة دول أخرى للخطر. 

ونشير أيضا إلى الاعتقال التعسفي المستمر دون محاكمة للسيد تيسير النجار، وهو صحفي أردني اعتقل منذ 2015 بسبب تعليق نشره على الفيسبوك بشأن وجود الجيش المصري والإسرائيلي في غزة.

1.2.3

القيود المفروضة على الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات

شهدت السنوات الماضية اعتماد تشريعات جديدة تهدف إلى منع المدافعين عن حقوق الإنسان والمجتمع المدني من المشاركة في المجال الاجتماعي، هذا وقد تم حظر أي منظمة من شانها أن تشكل خطرا على امن الدولة. 

وبالتالي، فإنّ الحق في حرية التجمع وتكوين الجمعيات في البلاد أصبح ممنوعا من خلال التشريعات والممارسات. 

ويحتوي القانون الاتحادي رقم 2 لسنة 2015 حول مكافحة التمييز والكراهية التي اعتمد في السنة الماضية، أحكاما من شانها أن تنتهك الحق في حرية التعبير وتكوين الجمعيات وتسمح للمحاكم بحل الجمعيات واعتقال مؤسسيها.

وعلاوة على ذلك، فإن القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الإرهاب يتضمن فصلا كاملا عن الجرائم ذات الصلة بالمنظمات الإرهابية وهو يحظر الانضمام والمشاركة وإعداد وتجميع مشاركين إلى منظمة تصنف على أنها إرهابية. ولا يزال تعريف المنظمة الإرهابية غامضا وغير دقيق وهو ما يفتح الباب على التعسّف في التأويل ليطال الجمعيات السلمية والحقوقيين والمعارضين السياسيين.

وهو ما حصل مع الدكتور بن غيث الذي وجهت عليه تهمة التعاون مع تنظيم “حزب الأمة”، وهو تنظيم سياسي موجود في منطقة الخليج، وخصوصا مع “حزب الأمة الإماراتي”، الذي تم تصنيفه “منظمة إرهابية” من قبل دولة الإمارات العربية المتحدة في 2012 كما اتهم الدكتور ناصر بن غيث أيضا بحضور اجتماعات حزب الأمة الإماراتي وتقديم المحاضرات والتواصل مع أعضائه، فضلا عن تقديم المشورة لهم والمشاركة في إستراتيجيتهم المستقبلية التي تهدف إلى تنفيذ فكرة المعارضة السياسية بشكل غير قانوني.

وبالإضافة إلى ذلك، فقد خولت التعديلات المضافة لقانون العقوبات، إنزال عقوبة الإعدام أو عقوبة السجن مدى الحياة بأي شخص تثبت إدانته بإنشاء منظمة تهدف إلى “إسقاط الحكومة” أو “العمل ضد المبادئ الدستورية” ورغم عدم إنفاذه إلى حد الآن، إلا أننا نعرب عن قلقنا الشديد تجاه هذه التعديلات الجديدة التي سيتم استخدامها لإسكات التجمعات السلمية في دولة الإمارات العربية المتحدة.

1.2.4

الإصلاحيون والأمن الوطني

استخدم القانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 والخاص بمكافحة الإرهاب لتجريم المدافعين عن حقوق الإنسان والإصلاحيين والناشطين خلال سنة 2016. كما يتضمن النص عبارات غامضة لتعريف الإرهاب إضافة إلى فشله في الامتثال للمعايير الدولية كما ورد في تقرير المقرر الخاص المعني باستقلال القضاة والمحامين في ماي 2015.

إضافة إلى ذلك، فقد اسْتُندت سلطات الإمارات سنة 2016 إلى هذه القوانين لقمع حرية التعبير والرأي وإدانة كل من يحاول معارضة السياسة العامة للدولة ويشكل خطرا على أمنها. وفي الواقع، يعتبر أي شكل من أشكال التعبير من خلال وسائل الإعلام أو الانترنت أو أي تجمع من شانه أن يشكك في سياسة الدولة اعتداء على هيبتها. 

وعلاوة على ذلك، فإن الأشخاص الذين تمت محاكمتهم لأسباب أمنية يمثلون أمام المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى محكمة في النظام القضائي الاتحادي ولا تسمح بالطعن في أحكامها. وإلى نهاية 2016، لا تزال الأحكام الصادرة من قبل المحكمة العليا ضد النشطاء نهائية وغير قابلة للطعن، مما يشكل انتهاكا خطيرا لحقهم في محاكمة عادلة.

وتعتبر القضية المعروفة «بالإمارات 94″ والتي اضطهد فيها 94 ناشطا وحقوقيا فقط لانتقادهم سياسات السلطات الإماراتية، أفضل دليل على القمع الممنهج والممارس باسم المحافظة على امن الدولة. كما رصد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في 2016 عدة انتهاكات لحقوق الإنسان من بينها الحالات المذكورة أعلاه كقضية السيد تيسير النجار، والأشقاء العبدولي، والدكتور ناصر بن غيث والذين وقع تجريمهم باسم المحافظة على أمن وهيبة الدولة.

1.2.5

مراقبة الدولة

في أغسطس 2016، وصف ” المليون دولارديسنت”، وهو تقرير من “سيتيزن لاب”، استهداف دولة الإمارات للمدافع والحقوقي البارز أحمد منصور، وربط برامج تجسس متطورة بهاتفه الجوال. وقد كشف التقرير عن العديد من المعلومات التي تشير الى وجود رابط بين برامج التجسس والحكومة الإماراتية، كما اشار ايضا إلى أن هذا الاستهداف وقع رصده منذ سنة 2011.

 الجزء الثاني: انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الأساسية بدولة الإمارات العربية المتحدة لسنة 2016 

2.1 الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري والتعذيب وإساءة المعاملة

2.1.1

الأشخاص المعرّضون للانتهاكات

تنتشر في دولة الإمارات العربية المتحدة ممارسات التعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري والاعتقال التعسفي وزادت حدّتها في سنة 2016 لتطال الناشطين السياسيين والحقوقيين والمدونين من الإماراتيين ومن غير الإماراتيين وهو ما جعلهم الفئة الأكثر تعرضا للمخاطر ولتهديدات سلطات الإمارات. 

وطالت انتهاكات حقوق الإنسان بدولة الإمارات العربية المتحدة كلّ من له علاقة بحرية الرأي والتعبير وحرية المعتقد و الضمير ، فلقد وثقت التقارير الحقوقية في الربع الثاني من سنة 2016 محاكمة (116) شخصاً من الناشطين السياسيين والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنهم (5 نساء) ويحملون 18 جنسية، بينهم (47) إماراتياً، (34) اليمن، (5) لبنان، (4) سوريا، (4) ليبيا(بينهم ثلاثة ذو جنسيات مزدوجة، (4) الولايات المتحدة، (3) من مصر، (3) عمان، (2) كندا،(2) العراق، و (2) الأردن، (2) فلسطين، (2) الصومال، (2) جزر القمر، (1) السودان، (1) باكستان،  (1) بلجيكا، (1) إيران. لينضمّوا إلى (61) جرى الحكم عليهم الربع الأول من هذا العام (يناير-فبراير-مارس)، بينهم 51 إماراتي، واثنين من سلطنة عمان، و2 من بنجلادش، و2ليبيين، وشخص واحد لكل من الجنسية (السورية – والبريطانية-وآخر من جزر القمر”. فيما يجري محاكمة (34) شخصاً خلال الربع الثاني من سنة 2016.

وعبّر المقرر الأممي الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان عن انشغاله مما يتعرّض له المدافعون عن حقوق الإنسان داخل دولة الإمارات العربية المتحدة من انتهاكات طالت كرامتهم وأمانهم الشخصي وحريتهم وحرمتهم الجسدية والمعنوية أثناء الدورة 33 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت بجينيف من 13 إلى 30 سبتمبر 2016 وتعرّض لحالة د. ناصر بن غيث.

وشملت الاعتقالات التعسفية المدونين من أجل تغريدات سلمية على حساباتهم بمواقع التواصل الإجتماعي ومنهم المدوّن والناشط الحقوقي أسامة نجار الذي نشر على حسابه على التويتر تغريدة يدافع فيها عن والده حسين النجار والمدون تيسير النجار من أجل منشور على الفيس بوك يدافع فيه عن غزّة.

2.1.2 الاعتقال التعسفي ومقار الاحتجاز التعسفي 

لقد تعمّدت سلطات دولة الإمارات طيلة سنة 2016 احتجاز المعارضين والناشطين الحقوقيين لغرض استنطاقهم في مراكز احتجاز سريّة وتكتمت عن مواقع مراكز الاحتجاز ومقرات الاعتقال التي يقاد إليها الموقوفين وهم معصوبي الأعين منعا للتعرّف على مكان تواجدها كما وظّفت السلطات الإماراتية لإدارة هذه المعتقلات حراسا نيباليين يحتجزون المعتقلين لأشهر.

وأفاد معتقلون تكفّل جهاز أمن الدولة باعتقالهم ونقلهم إلى جهات غير معلومة تعرضهم للاختفاء القسري وللتعذيب وللمعاملة المهينة والحاطة من الكرامة حين التحقيق معهم لتتم إحالتهم بعدها على دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا لمحاكمتهم على معنى قوانين سيئة السمعة ومخالفة لمبدأ الشرعية والمرسومة بالقانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2012 في شأن مكافحة جرائم تقنية المعلومات والقانون الاتحادي رقم 7 لسنة 2014 بشأن مكافحة الجرائم الإرهابية.

ومنعت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة عن المعتقلين الحقّ في إشعار الأهل بوقوع القبض عليهم وفي زيارتهم والتراسل معهم والحقّ في الاتصال الفوري بمحام والحقّ في الاتصال بطبيب وفي طلب إجراء فحص طبي.

وتشهد حالة السيد ناصر بن غيث على مثل هذه الممارسات، فقد تعرض السيد ناصر بن غيث إلى الاختفاء القسري سنة 2015 ووقع احتجازه بمعزل عن العالم الخارجي حتى يوم 4 أفريل 2016 عند مثوله أمام المحكمة الاتحادية العليا في أول جلسة له أين أفاد بتعرّضه للتعذيب أثناء فترة احتجازه.

وهو عين ما حصل مع أمينة ومصعب وموزة ووليد العبدولي الذين اختفوا قسرا في 19 نوفمبر من سنة 2015 ووقع احتجازهم بمعزل عن العالم الخارجي وهو ما مثّل اعتقالا تعسفيا نال من حريّتهم ومن أمانهم الشخصي ومن حرمتهم الجسدية والنفسية ولم يعرض مصعب وأمينة على دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا إلاّ بتاريخ 27 يونيو 2016.

وقد تم بتاريخ 30 مايو 2016 إطلاق سراح موزة العبدولي بعد حكم بالبراءة من التهم التي وجهت لها. وسبقها في شهر مارس 2016 سراح شقيقهم الأكبر وليد العبدولي الذي اعتقل موفي نوفمبر 2015 أياما بعد اعتقال إخوته.     

وفي 28 مارس 2016 مثل الناشط عبد الرحمن بنصبيح لأوّل مرة أمام دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية بعد اختطافه في إندونيسيا أواخر شهر ديسمبر 2015 ونقله عبر طائرة خاصة إلى أبو ظبي ليتعرض إلى الاعتقال في مكان غير معلوم داخل دولة الإمارات العربية المتحدة مدة 101 يوما في أماكن احتجاز سريّة في خرق لدستور دولة الإمارات وللمواثيق الدولية ذات الصلة.

ولقد توجه يوم 20 جوان 2016 كل من المقرر الأممي الخاص بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير والمقرر الأممي الخاص المعني بأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان برسالة نشرت بتاريخ 9 سبتمبر/ايلول 2016   والتي طالب فيها بتوضيحات عن الاحتفاظ بعبيد الزعابي بمستشفى مدينة الشيخ خليفة الطبية في ابو ظبي بعد تبرئته في 23 جوان/يونيو 2014.

وجاءت تبريرات حكومة الإمارات العربية المتحدة واهية وغير مقنعة فرغم تبرئة السيد الزعابي بحكم قضائي بتاريخ 23/06/ 2014 تمّ إبقائه في محبسه الصحّي بأمر من جهاز أمن الدولة وهو ما جعله في وضع احتجاز تعسفي بعيدا عن رقابة قضاء مستقل ونزيه كما منع من الزيارات ومن الاتصال بأهله إلا بإذن من جهاز أمن الدولة ولم يحصل ذلك إلا خلال فترات متباعدة و لم يسمح لوالدة عبيد الزعابي  بزيارة ابنها كما أخفي عنه نبأ وفاة والدته بتاريخ 3 سبتمبر/ايلول2016 ولم يعلم بذلك إلاّ يوم 8 سبتمبر/ايلول 2016 وحرم من حق التظلم أمام جهة قضائية ضدّ احتجازه تعسفيا  وعدم تخويله الحقّ في الاستعانة بمحام وذلك عملا بأحكام المبدأ 11 من مجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.

2.1.3 غياب التوثيق والتحقيق حول شكاوى الانتهاكات 

رغم نداءات المنظمات الدولية بفتح تحقيق حول إدعاءات التعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري تصر سلطات الإمارات على منع أي تحقيق وعلى حماية المنتهكين وعلى إفلاتهم من العقاب وعلى رفض زيارة المقررين الأمميين الخاصين.

فلم يسبق للنيابة العمومية أن تحرّت فيما وصلها من تشكيّات بخصوص تعرّض موقوفين للتعذيب وسوء المعاملة والاختفاء القسري وهو ما وثّقته الرسائل التي تسربت من السجون الإمارتية وخطّها سجناء ما يعرف بقضية ” إمارات 94 ” كما لم تفتح بحثا على إثر ما صرّح به كمال الضراط وسليم العرّادي والذين تمّ إيقافهم من أجل تغريدات وأنشطة حقوقية وطالهم الاختفاء القسري والاعتقال التعسفي والضرب وسوء المعاملة نال من حرمتهم الجسدية وسلامتهم النفسية وكرامتهم وأمانهم الشخصي.

وفي أفريل من سنة 2016 منعت دائرة امن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا د. ناصر بن غيث من عرض ما ناله من تعذيب وحتى هذه الساعة لا زال يعاني من عديد من الأمراض بسبب تعذيبه وسوء معاملته وبسبب التقصير في علاجه وحرمانه من عديد الأدوية ومنها أدوية ارتفاع ضغط الدم. 

ولم تغيّر سلطات الإمارات سنة 2016 من توجهها في التعامل مع الآليات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان فلم تسمح بزيارة كل من المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة والمقرر الخاص المعنى بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب والمقرر الأممي الخاص بالمدافعين عن حقوق الإنسان  والفريق العامل المعني بحالات الاختفاء القسري أو غير الطوعي رغم تعهّد دولة الإمارات العربية المتحدة حين الاستعراض الدوري الشامل المقدّم لمجلس حقوق الإنسان سنة 2013 بتعزيز تعاونها مع الآليات الدولية لحقوق الإنسان.

2.2 الحرمان من الحرية ومن الحق في المحاكمة العادلة 

2.2.1 ظروف الإيقاف داخل السجون 

انقضت سنة 2016 ولم تحوّل سلطات الإمارات سجونها إلى سجون تحترم المعايير الدولية ذات الصلة. 

فلقد تعمّدت سلطات الإمارات إخضاع المعارضين الإصلاحيين والناشطين الحقوقيين والمدونين داخل سجون الإمارات عامة لسلسلة من الانتهاكات الجسيمة ولم تؤمن لهم الحصول على قدر كاف من الطعام والماء النظيف وسرير للنوم والهواء النقي كما لم توفّر الإحاطة الطبية للمرضى من المساجين في مخالفة لمجموعة المبادئ الأممية المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن.

سنة 2016 سجلنا تقاعس سلطات الإمارات عن توفير الرعاية الصحية اللازمة للدكتور ناصر بن غيث الموقوف في سجن الصدر فغالبا ما يقع حرمانه من تناول دواء ارتفاع ضغط الدم بحجج كاذبة.

ورفضت سلطات السجن مراقبة وعلاج ارتفاع ضغط الدم لدى الدكتور بن غيث بشكل دائم ومستمر وهو ما يعرضه لمزيد من المخاطر إضافة إلى معاناته من مضاعفات صحية خطيرة تتطلب اهتماما فوريا من طبيب مختص وقد رفضت إدارة السجن ذلك.

كما يتعرض الدكتور ناصر بن غيث لسوء المعاملة من قبل ضباط السجن، الذين منعوه تعسفا من استدعاء محاميه أو زيارة عائلته لعدة أسابيع وغالبا ما يماطلون في إعطاءه المال المرسل من أقاربه لتوفير احتياجاته داخل سجنه.

ويقبع تيسير حسن محمود سلمان النجار من تاريخ اعتقاله يوم 13 ديسمبر 2015 بالعنبر 9 من سجن الوثبة وساءت صحته بسبب سوء التغذية والحرمان من رؤية ضوء الشمس منذ 9 أشهر وهو رهن الاعتقال حتى الآن في انتظار محاكمته التي تأخرت دون موجب ومنعت سلطات الإمارات المحامي الأردني فيصل الخزاعي موفد نقابة المحامين الأردنيين من مقابلة تيسير النجار والدفاع عنه.

2.2.2   أسر المعتقلين عرضة للمضايقات

كما تتعمد سلطات الإمارات مضايقة العائلات حين زيارتهم لأبنائهم المساجين من النشطاء الحقوقيين والسياسيين والمدونين في خرق لقواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن التي تقرّ للسجين بحقّه في أن يبقى على اتصال مع عائلته أو أصدقائه من خلال المراسلات أو من خلال استقباله للزيارات وشددت على حق السجين في الحصول على زيارات عائلية.

2.2.3   انعدام ضمانات المحاكمة العادلة 

رصد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان في سنة 2016 إحالة سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة لمعارضين إصلاحيين وناشطين حقوقيين على قضاء دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا وهو قضاء استثنائي يصدر أحكاما نهائية لا تقبل المراجعة والطعن بأي وجه من وجوه الطعن كما أنّ قضاته يتبعون السلطة التنفيذية في تسميتهم ومسارهم المهني وتأديبهم.

وفي سبتمبر 2016 رحّب المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بالتعديل التشريعي الأخير بالمرسوم عدد 11 والذي جعل من المحكمة الإستئنافية العليا درجة ابتدائية تقبل أحكامها الطعن أمام المحكمة الاتحادية العليا ورسم التعديل بالتخلي عن القضايا التي سبق التعهد بها من قبل دائرة أمن الدولة ولم يفصل فيها بعد لفائدة المحكمة الإستئنافية العليا.

غير أنّ هذا التعديل الجديد الذي اعتمد في سبتمبر 2016 لا يكفي لاعتبار القضاء الإماراتي قضاء مستقلا في غياب الفصل بين السلطة التنفيذية والقضائية فلقد سبق للمقررة الأممية الخاصة باستقلال القضاء والمحاماة السيدة غابريلا نول في زيارة لها لدولة الإمارات سنة 2014 أن عاينت ضعف الحضور القضائي ضمن المجلس الأعلى للقضاء الاتحادي وترأسه من قبل وزير العدل في مخالفة صريحة للمبادئ الأساسية بشأن استقلال السلطة القضائية التي اعتمدت بموجب قراري الجمعية العامة للأمم المتحدة 40/32 المؤرخ في 29 تشرين الثاني/نوفمبر 1985 و 40/146  المؤرخ في 13 كانون الأول/ديسمبر 1985 .

كما لا زالت سلطات الإمارات تمنع عن المتهمين جميع ضمانات المحاكمة العادلة ومنها على وجه الخصوص الحقّ في الاستعانة بمحام وافتراض البراءة واستبعاد الاعترافات التي انتزعت تحت وطأة التعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة السيئة والمهينة والحاطة من الكرامة والحق في التقاضي على درجتين ووثّق المركز انعدام الشفافية في جلسات الاستماع التي منع الصحفيون وعائلات المتهمين من حضورها.

وفي نوفمبر 2016 أدانت المحكمة الاتحادية السيد عبد الرحمن بن صبيح وحكمت عليه بحكم نهائي بعشر سنوات سجنا وبالمراقبة الإدارية مدة ثلاث سنوات.

وفي 31 أكتوبر 2016 قضت دائرة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا في الإمارات بسجن مصعب محمد العبدولي سبع سنوات ومصادرة ما ضُبط معه من أجهزة إلكترونية.

وقضت المحكمة ذاتها بسجن شقيقته أمينة مدة خمس سنوات وغرامة مالية مقدارها 500 ألف درهم (136 ألف دولار)، ومصادرة أجهزتها المضبوطة وذلك على معنى القانون الاتحادي عدد 7 لسنة 2014 بشأن الجرائم الإرهابية.

وفي 13 يونيو 2016 أدانت دائرة أمن الدولة كل من السيد أحمد محمد الملا والسيد بدر البحري والسيد عبد الله الحلو والسيد فيصل الشحي بالسجن لمدة ثلاث سنوات بعد اعتقالهم تعسفيا واختفاءهم قسريا لأكثر من سنتين.

كما تأخرت دائرة أمن الدولة في الفصل في قضايا كانت براءة المتهمين فيها بيّنة فبعد ستة أشهر من الاعتقال التعسفي قضت ببراءة المواطن العماني ثامر البلوشي والإفراج عنه من سجن إيقافه وذلك في أواخر شهر أوت أغسطس 2016 بعد أن اطّلعت المحكمة على نتائج الفحوصات الطبية وتحقّقت من براءته من جميع التهم.

كما علم المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بتأخر سلطات دولة الإمارات في عرض الصحفي الأردني تيسير حسن محمود سلمان النجار على المحاكمة فبعد أن أسندت لملفه القضائي رقم 63/ 2016 تعمّدت تأخير محاكمته إلى غرّة فيفري 2017 في مخالفة لحق كلّ متهم في أن يعرض دون تأخير على محاكمة تتوفر له فيها جميع الضمانات الضرورية لدفاع عن نفسه.

2.3 حقوق المهاجرين 

2.3.1 نظام الكفالة 

انقضت سنة 2016 ولم تبادر سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة إلى إنهاء العمل بنظام الكفالة خاصة بعد الانتقادات الكثيرة التي وجهت لهذا النظام والذي جعل البعض من المنتقدين يصفه بنظام العمل القسري وبالعبودية الجديدة كما عدلت بعض دول الخليج عن هذا النظام في استقبال العمال المهاجرين.

ونظام الكفالة ينتهك أكثر من حق من حقوق الإنسان ومنها حقّ العامل في تغيير العمل دون إذن الكفيل
 وحقّه في الاستقالة من الوظيفة وحقّه في ترك البلاد دون إذن الكفيل.

ومن الانتهاكات التي تستتبع العمل بنظام الكفالة اشتراط ” إذن خروج ” كي يتمكن العامل من السفر خارج البلد وإن بلّغ عنه الكفيل بالتغيب عن العمل فيتعرض للملاحقة القانونية وللتتبّعات القضائية كما يحق للكفيل أن ينهي إقامة العامل الوافد فلا يستطيع الخروج من البلاد إلاّ بإجراءات الترحيل التي تعرّضه للإيقاف.

وفي يناير من سنة 2016 دخلت حيّز التنفيذ ثلاث مراسيم وزارية أرادت بها سلطات الإمارات الحدّ من إساءة استخدام هذا النظام واستغلال العمال المهاجرين فسمحت هذه المراسيم لهم بتغيير العمل بموافقة وزارة العمل ودون الرجوع إلى الكفيل مع فرض شروط ومنها إثبات تعرضهم لانتهاك من قبل الكفيل أو القطع التعسفي لعقد العمل من قبل الكفيل وخارج هذه الاستثناءات فعلى العامل أن يستظهر بورقة ” لا مانع ” ليتمكن من تغيير المؤجر.

غير أنّ هذه التعديلات لا تكفي خاصة وأنّ عبء إثبات انتهاك الحقوق هو على العامل وهو الطرف الضعيف في مواجهة شركات ومقاولات ضخمة للبناء كما لا تضمن هذه التعديلات بشكل فعلي وناجع حقوق العمال المهاجرين كما لا تشمل فئة الخدم وعمال المنازل.

هذا فضلا عن شيوع حجز ومصادرة جوازات سفر العمال المهاجرين من قبل أرباب العمل رغم قضاء المحاكم الإماراتية بعدم قانونية مصادرة جوازات السفر.

وقد ركّز المقرر الخاص المعني بأشكال الرق المعاصرة في تقريره الذي قدّمه في الدورة 33 لمجلس حقوق الإنسان التي عقدت بجينيف من 13 إلى 30 سبتمبر 2016 على قضية حقوق العمال المهاجرين وانتقد نظام الكفالة في منطقة الخليج عامة وفي دولة الإمارات العربية المتحدة خاصة.

2.3.2 ظروف عمل المهاجرين 

سنة 2016 تخلت سلطات دولة الإمارات العربية المتحدة عن مسؤوليتها في حماية حقوق العمال المهاجرين من خلال التحقيق في أي سلوك مجحف أو غير قانوني يمارسه أرباب العمل تجاه العمال المهاجرين وإقامة الدعوى القضائية على المخالفين وإنصاف المتضررين أو تعويضهم في انحياز كامل إلى شركات البناء الكبرى داخل دولة الإمارات العربية المتحدة.

كما لم تصادق ولم تنضم دولة الإمارات العربية المتحدة إلى العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والاتفاقية الدولية لحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم.

وفوق ذلك تنتهك حقوق العملة المهاجرين وأفراد أسرهم على مرأى ومسمع من السلطات فالأجور منخفضة بالقياس مع العمل لساعات طويلة كما لا نجد التزاما من أرباب العمل بالحدّ الأدنى للأجور.

كما أنّ مخاطر العمل عالية جدّا مع فقدان شروط السلامة والأمان للعمل ونجد المخاطرة خاصة فيما يتعلق ببناء المباني المرتفعة وهو ما تسبب في ارتفاع معدلات الإصابة والموت بين العملة يضاف لها تقاعس أرباب العمل عن التكفل بالمصابين وتوفير الرعاية الطبية المناسبة لهم.  

ويتأخر أرباب العمل في صرف رواتب العملة المهاجرين ويحتجزون جوازات سفرهم لمنعهم من ترك العمل والانتقال إلى غيره.

وعلاوة على هذا، فلا يسمح للعمال الأجانب بتنظيم نقابات عمالية وبالتفاوض الجماعي مع أرباب العمل ولا ترخص سلطات دولة الإمارات لمنظمات المجتمع المدني برصد انتهاكات حقوق العمال وتسليط الضوء عليها والإحاطة بالمتضررين ونصحهم.

ويتشارك العديد من العمّال في غرفة واحدة في ظروف مهينة ولاإنسانية الذين يحوّلون القسط الأكبر من رواتبهم إلى ذويهم ببلدانهم الأصلية وهو ما فاقم ضيقهم وزاد في حالات الانتحار.  

2.4 انعدام وإسقاط الجنسية 

2.4.1 عديمي الجنسية بدولة الإمارات العربية المتحدة

تفاقمت مشكلة عديمي الجنسية في دولة الإمارات العربية المتحدة وازدادت أعدادهم فلقد ذكر تقرير نشرته مجلة ” فورين أفيرز” في جويلية 2016 أنّ عدد ” البدون” تجاوز سنة 2016 المائة ألف شخص.

2.4.2 إسقاط الجنسية بدولة الإمارات 

سنة 2016، رصد المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان خمسة عشر حالة من سحب الجنسية وإسقاطها وقد شمل بعضها الأب والزوجة والأطفال وبعضها لم يشمل غير الأب والأطفال دون الزوجة وبعضها الآخر شمل الأب والزوجة والأبناء والأحفاد وبلغ العدد فيما وصل المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان من معلومات ستين فردا.

كما انتهكت دولة الإمارات بتجريد الأطفال من الجنسية بالتبعية المادة 8 من الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل التي نصت على أن تتعهد الدول باحترام حق الطفل في الحفاظ على هويته بما في ذلك جنسيته.

وتتولى إدارة الجنسية والإقامة بدولة الإمارات استدعاء المعنيين وتطلب منهم إحضار أوراقهم التعريفية كالهوية ورخصة القيادة وغيرها من أجل تحديثها وتجديدها ليأخذوا الأوراق منهم بعدها ويبلغونهم أنّه تم سحب جنسيتهم ويمهلونهم بعض الوقت ليوفروا جنسية بديلة أو يتم اعتقالهم للإقامة غير الشرعية.

وهو ما حصل على سبيل الذكر مع المواطن الإماراتي عبيد علي الكعبي في أفريل 2016 أحد شيوخ ووجهاء قبيلة بني كعب الممتدة بين الإمارات وسلطنة عمان والذي أفاد باعتقاله من قبل جهاز أمن الدولة واختفائه قسريا ليفرج عنه فيما بعد ولتسحب منه تعسفيا جنسيته الإماراتية وشمل إسقاط الجنسية زوجته وأطفاله بزعم خطورته على أمن الدولة وسلامتها دون محاكمة ودون دليل على ذلك وهو ما حصل كذلك في 7 مارس 2016 مع أبناء الشيخ محمد عبد الرزاق محمد الصديق المولود بالشارقة المعتقل حاليا في سجن الرزين على خلفية حكم بالسجن لمدة 10 سنوات صدر بحقّه في إطار القضية المعروفة ” الإمارات 94 ” وهم كل من أسماء وعمر ودعاء طلب منهم موظف بإدارة الجنسية بإمارات الشارقة الحضور إلى الإدارة وإحضار: جواز السفر –خلاصة القيد –بطاقة الهوية – رخصة القيادة – البطاقة الصحيّة وزعم تحايلا أنّ الغرض من ذلك هو تحديث البيانات والتحقيق ليأخذ منهم الوثائق وليخطرهم شفاهيا بعدها بتجريدهم من جنسيتهم وادعى وجود مرسوم يقضي بذلك دون تمكينهم من الإطلاع عليه.

وبتاريخ 20 أفريل 2016 توجه المقررين الأمميين الخاصين بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير وبأوضاع المدافعين عن حقوق الإنسان بطلب إيضاحات من سلطات الإمارات حول حرمان أبناء الصديق من الجنسية ، ردّت سلطات الإمارات بوجود مرسوم يقضي بذلك وبأنّ والدهم اكتسب المواطنة الإماراتية بالتجنيس وهو ما يسمح بسحب الجنسية بالتبعية من أبنائه وهو ما وجد فيه المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان مغالطة خاصة وأنّ الشيخ محمد عبد الرزاق الصديق ولد بالشارقة واكتسب الجنسية بقوّة القانون ولا يملك غيرها كما أنّ أبناءه العشرة ولدوا هم كذلك بالإمارات ولا يعرفون دولة غيرها وانتقت سلطات الإمارات ثلاثة من الأبناء وهم أسماء ودعاء وعمر وجردتهم من جنسيتهم دون باقي الأبناء لنشاطهم على مواقع التواصل الاجتماعي مساندة لوالدهم الناشط السياسي المعتقل .

ولم تضمن دولة الإمارات للمسحوب منه الجنسية حق اللجوء إلى القضاء والتظلم قضائيا من انتهاك الحق في الجنسية بل ثمّة من قانونيي دولة الإمارات من عدّ المراسيم التي ترسم بسحب الجنسية من ضمن الأعمال السياسية والسيادية التي لا تقبل الطعن قضائيا ولا تطالها الرقابة القضائية في مخالفة للمعايير الدولية ذات الصلة.

2.5 حقوق المرأة بدولة الإمارات 

تحظر المادة الأولى من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة التي صادقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة:

” أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه، توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.”

غير أنّ دولة الإمارات العربية المتحدة ورغم تباهيها برياديتها في التمكين للمرأة وبمركزها المتقدم في مؤشر المساواة بين الجنسين لا زالت تمنع عن الناشطات الحقوقيات والمدونات الحق في التنظم والاجتماع وتشكيل جمعيات وأحزاب والحق في التعبير الحر عن أرائهن ولو خالفت آراء حكام دولة الإمارات وغير ذلك من الحقوق المدنية والسياسية كما لا زالت سلطات الإمارات تضايق عائلات المساجين السياسيين والنشطاء الحقوقيين وزوجاتهم وأبنائهم.

ولم تكتف سلطات الإمارات بحبس نساء إماراتيات وإخفائهن قسريا بل تعمّدت فضلا عن ذلك تحميلهن وزر غيرهن وتجريدهن من جنسيتهن الإماراتية تعسفيا بعد سجن الأب أو الزوج وهو ما حصل في مارس 2016 مع أسماء ودعاء بنتا الشيخ محمد عبد الرزاق محمد الصديق المعتقل حاليا في سجن الرزين على خلفية حكم بالسجن لمدة 10 سنوات صدر بحقّه في إطار القضية المعروفة ” الإمارات 94 ” فلقد جردن من جواز السفر وخلاصة القيد وبطاقة الهوية ورخصة القيادة والبطاقة الصحيّة. وحرما فوق ذلك من الإطلاع على المرسوم القاضي بتجريدهن من الجنسية ومن حقهن في التظلم إداريا وقضائيا ضد التجريد التعسفي للجنسية وللوثائق الثبوتية.

وهو عين ما حصل مع زوجة الإماراتي عبيد علي الكعبي في أفريل 2016 أحد شيوخ ووجهاء قبيلة بني كعب الممتدة بين الإمارات وسلطنة عمان والتي جرّدت من جنسيتها بالتبعية بعد إسقاط جنسية زوجها دون أدنى ضمانات ودون محاكمة. 

كما تتعرض زوجات المعتقلين من السياسيين والنشطاء الحقوقيين والمدونين وأمهاتهم وبناتهم وأخواتهم إلى سوء المعاملة باستمرار خلال زيارة السجون مثل المنع من الزيارة دون سابق إبلاغ بحيث تقطع الأسرة مسافة لا تقل عن ساعتين ونصف وتمكث لساعات أمام بوابات السجن وقد تخضع بعدها لتفتيش مهين وحاط من الكرامة ليتم إبلاغهن بعدها بالمنع. 

كما تعاني زوجات المعتقلين من العسف الإداري بوضع السلطات الإماراتية لعديد العراقيل أمامهن تعسّر قضاء حوائجهن وحوائج أبنائهن إداريا بقصد التشفي والتنكيل بالأب والزوج المعارض والناشط الحقوقي مثال ذلك تعطل الحصول على الوثائق الإدارية للأبناء في حال غياب الأب واشتراط حضوره أو تقديم بطاقة هويته لمتابعة الإجراء وهو ما يعجز الزوجة عن إدارة شؤون أبنائها في غياب الزوج.

أمّا بخصوص الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمرأة فمن المهم الإشارة لعاملات المنازل الذين ظلوا دون ضمانات تحمي حقوقهم المادية والمعنوية فقانون العمل يستثني صراحة عاملات المنازل من حمايته وهو ما حرمهن من العمل في حدود ساعات العمل القانونية كما حرمهن من إجازة مرضية ومن التعويض عن ساعات العمل الإضافية وقد برّر وزير الموارد البشرية صقر غباش ذلك بخصوصية التوظيف المنزلي.

   

التوصيات :

– الافراج الفوري وغير المشروط عن جميع سجناء الرأي والمدافعين عن حقوق الإنسان والنشطاء السياسيين، بمن فيهم الأكاديميين والمدونين والمحامين المحتجزين في دولة الإمارات العربية المتحدة بسبب ممارستهم السلمية لحقهم في حرية الرأي والتعبير وكذلك حرية التجمع وتكوين الجمعيات.

– اتخاذ جميع التدابير اللازمة لضمان السلامة البدنية والنفسية للأشخاص المحرومين من حريتهم في دولة الإمارات العربية المتحدة ومعاملتهم بكرامة واحترام.

– وضع حد لممارسة التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي والحبس الانفرادي، والاختفاء القسري، وتنفيذ إجراءات وقائية مانعة لتلك الممارسات وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان. 

– فتح تحقيق جدي وسريع ومستقل في جميع حالات الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري وكذلك حالات التعذيب وسوء المعاملة، وتوفير سبل انتصاف فعالة للضحايا مع جبر ضررهم وإعادة تأهيليهم ومحاسبة الجناة.

– قبول دعوات هيئات حقوق الإنسان المكلفين بولايات في إطار الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة لزيارة ومراقبة السجون الإماراتية لضمان احترام القواعد النموذجية الدنيا والمبادئ الأساسية لمعاملة السجناء ومجموعة المبادئ المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن والقواعد الدولية الأخرى. 

– المصادقة على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والاعتراف باختصاص لجنة مناهضة التعذيب للاستفسار عن أي مزاعم تعذيب حصلت.

– توفير محاكمة عادلة وعلنية لجميع الأشخاص المحرومين من حريتهم أمام محكمة مستقلة ومحايدة وفقا للمعايير الدولية لحقوق الإنسان، والتي تضمن الحق في استئناف الحكم أمام محكمة أعلى درجة.

– وضع حد للسياسات القمعية ضد الحق في حرية الرأي والتعبير والكف عن رصد ومراقبة وسائل الاعلام على الانترنت. ووضع حد لتجريم الجمعيات والمنظمات وضمان حرية التجمع للجميع.

– إلغاء التعديلات التشريعية الجديدة التي تزيد من قمع الحريات الأساسية في دولة الإمارات العربية المتحدة ومراجعة القوانين الإماراتية بما في ذلك قانون مكافحة الإرهاب وقانون الجرائم المتعلقة بالشبكات الإلكترونية من أجل جعلها متوافقة مع المعايير الدولية لحقوق الإنسان وتنفيذها بشكل شفاف وبطريقة فعالة.

– المصادقة على العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبروتوكولين الاختياريين الملحقين بها، فضلا عن الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري.

– الالتزام بالتعهدات التي قبلتها دولة الإمارات العربية المتحدة خلال الاستعراض الدوري الشامل أمام مجلس حقوق الإنسان سنة 2013، بما في ذلك إنشاء مؤسسة وطنية مستقلة لحقوق الإنسان وتعزيز التعاون بين دولة الإمارات العربية المتحدة والآليات الدولية لحقوق الإنسان، فضلا عن قبول آليات المساءلة الدولية لحقوق الإنسان ومواصلة الحوار مع مؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بملفات حقوق الإنسان. 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى