منع حرية التعبير في الإمارات العربية المتحدة ، السلطة تشدد قبضتها الحديدية
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، يذكر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بأوضاع المدونين والصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنة 2016 وبداية 2017.
بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، يذكر المركز الدولي للعدالة وحقوق الإنسان بأوضاع المدونين والصحفيين والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة خلال سنة 2016 وبداية 2017.
الاطار القانوني الإماراتي المتعلق بحرية الراي والتعبير
إن الحق في حرية التعبير والرأي مكفول من قبل حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة، وهو في الواقع مكرس صراحة في أطره القانونية على المستويين الوطني والإقليمي. ويكفل الدستور الإماراتي هذا الحق بموجب المادة 30 التي تنص على أن ” حرية الرأي والتعبير عنه بالقول والكتابة، وسائر وسائل التعبير مكفولة في حدود القانون.” والمادة 31 التي تؤكد الحق في الاتصال وسريته.
وعلى الصعيد الإقليمي، فإن دولة الإمارات العربية المتحدة، باعتبارها دولة طرفا في الميثاق العربي لحقوق الإنسان منذ مصادقتها عليه سنة 2008، ملزمة بتطبيق الالتزامات القانونية لضمان الحقوق والحريات الأساسية المنصوص عليها في الميثاق، بما في ذلك المادة 26 التي تنص على أن “لكل فرد حق مضمون في حرية المعتقد والفكر والرأي”.
استخدام التشريعات المعتمدة مؤخرا كذريعة لقمع وانتهاك حق الأفراد في حرية التعبير والرأي
إن الحق في حرية التعبير والرأي، على الرغم من كونه مضمون بالقوانين، لا يزال مقيدا وغالبا ما ينتهك و في الواقع فان الأفراد، وخاصة المعارضين السياسيين والناشطين في مجال حقوق الإنسان أو المدافعين الذين يمارسون هذا الحق سلميا، يتعرضون لأعمال انتقامية من قبل الحكومة.
و قد تم ادراج تعديلات جديدة سنة 2016 لأحكام قانون العقوبات الإماراتي بموجب القانون الاتحادي رقم (7) وتعتبر هذه التعديلات وسيلة من ضمن الوسائل أو الأجهزة التي تستخدمها الحكومة ضد الناشطين و تمت إضافة مادة جديدة لتقييد الحق في حرية التعبير والرأي و نصت المادة 182 مكرر ” على أنه يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن عشر سنوات كل من استغل الدين في الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى لأفكار من شأنها إثارة الفتنة أو الإضرار بالوحدة أو السلم الاجتماعي”.
وعلاوة على ذلك، قامت الحكومة الإماراتية بإنفاذ التشريعات الأخيرة، وهي المرسوم الاتحادي رقم (5) لسنة 2012 بشأن مكافحة الجرائم الالكترونية والقانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة جرائم الإرهاب، وكذلك المرسوم الاتحادي رقم (2) لسنة 2015 بشأن مكافحة التمييز والكراهية.
وبسبب أحكامها وتفسيراتها الغامضة والواسعة، استخدمت هذه القوانين في مناسبات مختلفة باسم الأمن من قبل السلطات الإماراتية ليس فقط لتقييد الحق في ممارسة حرية التعبير والرأي بل أيضا لمضايقة واضطهاد نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين والسياسيين.
قمع الحق في حرية التعبير والرأي
ومن المهم أن نلاحظ بأن دولة الإمارات العربية المتحدة تحتل المرتبة 119 بين الدول التي لديها أسوأ مستويات حرية الصحافة من اصل 180 دولة تم تقييمها من قبل مؤشر حرية الصحافة العالمية لعام 2017.
خلال سنة 2016 وحتى الآن، لم تتحسن حالة حقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة وخاصة حرية التعبير والرأي بل على العكس من ذلك، فقد ازداد الإبلاغ عن حالات الانتهاك والإساءات ضد المدافعين عن حقوق الإنسان والناشطين.
وفيما يلي أبرز حالات انتهاكات حقوق الإنسان التي وقعت في دولة الامارات العربية المتحدة والمتعلقة بحرية التعبير والتي وقع الابلاغ عنها منذ سنة 2016 إلى الآن:
السيد أحمد منصور: آخر النشطاء الحقوقيين رهن الاعتقال
قبض جهاز أمن الدولة على الناشط الحقوقي السيد أحمد منصور في 20 مارس 2017، بعد مداهمة منزله في عجمان، وتفتيش جميع غرفه وممتلكاته، بما في ذلك غرف الأطفال. كما صودرت حواسيبهم وهواتفهم الخلوية. ولم يكن لدى أسرته أية معلومات عن مكان وجوده إلى أن أصدرت السلطات بيانا رسميا في 29 مارس 2017، قائلة إنه محتجز في السجن المركزي في أبو ظبي.
ومن المعلوم أن أسرة السيد منصور لم يسمح لها إلا بزيارة قصيرة واحدة تحت المراقبة وقعت بعد أسبوعين من اعتقاله في 3 أبريل 2017، عندما نقلته السلطات من مكان احتجازه، الذي يعتقد أنه مرفق احتجاز محاذي لسجن الوثبة، إلى مكتب المدعي العام في أبوظبي. ويذكر أن السيد منصور محتجز في الحبس الانفرادي ولم يتحدث إلى محام.
ويعتبر هذا الاعتقال التعسفي للسيد أحمد منصور نتيجة لأنشطته في مجال حقوق الإنسان واستخدامه الإنترنت للتعبير عن آرائه وفضح الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في دولة الإمارات العربية المتحدة.
السيد أحمد منصور هو مدافع معروف عن حقوق الإنسان من دولة الإمارات العربية المتحدة وهو عضو في المجلس الاستشاري لمركز الخليج لحقوق الإنسان وعضو اللجنة الاستشارية بمنظمة هيومن رايتس ووتش لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وفي سنة 2015، فاز السيد منصور بجائزة مارتن إنالز المرموقة للمدافعين عن حقوق الإنسان.
الدكتور ناصر بن غيث: الإضراب عن الطعام من أجل الحرية
أدانت محكمة الاستئناف الاتحادية الدكتور بن غيث في 29مارس 2017، بالسجن لمدة عشر سنوات ثم نقلته بعد ذلك إلى سجن الصدر. وقد أصدر الدكتور بن غيث بعد ادانته رسالة مفتوحة أعلن فيها عزمه على الدخول في إضراب عن الطعام في 2 أبريل 2017 حتى الإفراج عنه دون قيد أو شرط، و السماح له ولأسرته بمغادرة البلد. وتشكل سلامته البدنية والعقلية مصدر قلق كبير نظرا لسمعة السجن و كثرة انتهاكات حقوق الإنسان فيه والإضراب المستمر عن الطعام.
وقد اعتقلت السلطات الإماراتية الدكتور والخبير الاقتصادي والمدافع عن حقوق الإنسان ناصر بن غيث في أغسطس 2015 بسبب أنشطته السلمية على تويتر بما في ذلك تغريداته التي تعبر عن انتقادات لانتهاكات حقوق الإنسان بدولة الإمارات والحكومة المصرية ونشر أخبار كاذبة عن حكام وسياسات دولة الإمارات العربية المتحدة والتعاون مع المعارضين.
ومنذ اعتقاله، تعرض الدكتور بن غيث للتعذيب والإذلال، اذ أنه احتجز سريا لعدة أشهر وحرم من الاتصال بمحام أو بأسرته. كما أفادت التقارير أيضا أنه تعرض لنفس المعاملة السيئة من جانب السلطات عند نقله إلى سجن الصدر في ماي 2016، وهو سجن عادة ما يستخدم لاحتجاز المغتربين الذين هم في طور الترحيل.
وبعد سلسلة من المحاكمات القضائية، حكم عليه بالسجن لمدة 10 سنوات من قبل محكمة الاستئناف الاتحادية يوم 29 مارس 2017 بسبب التهم المذكورة أعلاه.
السيد أسامة النجار: لم يفرج عنه
تاريخ 17 مارس 2017 كان نهاية رسمية لحكم السيد اسامة النجار بالسجن لمدة ثلاث سنوات بتهمة الانتماء إلى جمعية الإصلاح، والإساءة للدولة عبر تويتر، ونشر الأكاذيب عن تعذيب والده حسين النجار، وهو أحد الناشطين في مجال حقوق الإنسان، ويقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 11 سنة. ومع ذلك، لم ترفض المحكمة الإفراج عنه فحسب، بل قامت بتمديد فترة احتجازه إلى أجل غير مسمى ونقلته إلى مركز مناصحة بعد أن اعتبرته “تهديدا” وفقا للمادة 40 من القانون الاتحادي رقم (7) لسنة 2014 بشأن مكافحة جرائم الإرهاب.
وقد ألقي القبض على السيد أسامة النجار في 17 مارس 2014 على أيدي عشرة من ضباط أمن الدولة أثناء مداهمة منزله وتم نقله بعد ذلك إلى مركز احتجاز سري تابع لأمن الدولة اين وقع استجوابه وتعذيبه. وفي 21 مارس 2014، نقل إلى سجن الوثبة في أبو ظبي.
وفي 25 نوفمبر 2014، حكمت عليه غرفة أمن الدولة بالمحكمة الاتحادية العليا بحكم نهائي بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها 500 ألف درهم (136 ألف دولار أمريكي) ومصادرة جميع أجهزته الإلكترونية ويعتبر حكم المحكمة نهائي ولا يسمح بالاستئناف بموجب التشريع الإماراتي السابق. وفي أغسطس 2016، نقل السيد اسامة النجار إلى سجن الرزين دون أي سبب مشروع.
السيد تيسير النجار: صحفي خلف القضبان
وفي 15 مارس 2017، حكمت المحكمة الاتحادية في أبو ظبي على الصحفي الأردني السيد تيسير النجار بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبغرامة قدرها 500 ألف درهم بتهمة نشر تعليق على الفاسبوك سنة 2014، من شانه ان يعرض أمن الدولة والمصالح الوطنية للخطر مما قد يضر بالنظام العام وفقا للمرسوم الاتحادي رقم (5) لسنة 2012 بشأن مكافحة الجرائم الالكترونية.
تم اعتقال السيد تيسير النجار من قبل جهاز أمن الدولة في 13 ديسمبر 2015 بينما كان في طريق العودة إلى الأردن. وقد تعرض السيد تيسير النجار منذ اعتقاله لعدة انتهاكات لحقوقه، اذ أنه اختفى قسرا لمدة ثلاثة أشهر، ورفضت السلطات في ذلك الوقت الكشف عن مكان وجوده، كما لم تحترم حقوقه كسجين فقد حرم من حقه في زيارة زوجته ومحاميه.
إلى جانب ذلك، تأخرت السلطات الإماراتية عمدا في إحضار السيد تيسير النجار أمام المحكمة. ولم يمثل امامها إلا في 1 فبراير 2017، بعد عامين من اعتقاله. وهذا يدل على انتهاك واضح لحقه، وحق كل متهم في أن يحاكم دون تأخير.
السيد محمد عبد الرزاق الصديق وأبناءه الثلاثة: إلغاء الجنسية
وقع في مارس 2016 الغاء الجنسية لأبناء السيد محمد عبد الرزاق الصديق وهم أسماء الصديق (29 عاما) ودعاء الصديق (25 عاما) وعمر عبد الرزاق الصديق (23 عاما) دون أساس مشروع. كما حرمتهم السلطات الإماراتية من جميع وثائقهم الرسمية بما في ذلك بطاقة الهوية وجواز السفر ورخصة القيادة والتأمين الصحي وبطاقات الائتمان ليصبحوا بذلك عديمي الجنسية.
تم إلغاء جنسية السيد محمد عبد الرزاق الصديق لأول مرة كرد انتقامي على أنشطته السلمية كمدافع عن حقوق الإنسان. ومن المعروف أنه أدين في المحاكمة الجماعية “الامارات 94” في دولة الإمارات ويقضي حاليا عقوبة بالسجن لمدة 10 سنوات في سجن الرزين.
ونذكر أن الأشقاء الصديق الثلاثة الذين جردوا من جنسيتهم لديهم أيضا انشطة على الإنترنت وعلى وسائل التواصل الاجتماعي ينتقدون فيها سياسات الدولة وقد تم الغاء الجنسية لهؤلاء الاشقاء الثلاث فقط من بين عشرة آخرين على خلفية انشطتهم على الانترنت مما يؤكد على سياسة الحكومة القمعية والتي تستخدم فيها الحرمان من الجنسية كأداة لإسكات صوت الناشطين في مجال حقوق الإنسان وقمع حقهم في حرية التعبير والرأي.
المصدر :http://bit.ly/2qrAWas