ميدل إيست آي : دولة الإمارات تتسلح بالتكنولوجيا لقمع الناشطين

نشر الموقع البريطاني الشهير ميدل ايست اي تقريراً مهماً للكاتب «جوي أوديل» حول ما قال إنها شبكة سوداء من الرقابة في دولة الإمارات، منذ الربيع العربي 2011، من خلال «حوكمة الأمن السيبراني» بهدف ما وصفه «قمع أصوات» الناشطين الوطنيين

نشر الموقع البريطاني الشهير ميدل ايست اي تقريراً مهماً للكاتب «جوي أوديل» حول ما قال إنها شبكة سوداء من الرقابة في دولة الإمارات، منذ الربيع العربي 2011، من خلال «حوكمة الأمن السيبراني» بهدف ما وصفه «قمع أصوات» الناشطين الوطنيين. وقال «أوديل»: إن المدير التنفيذي لشركة «دارك ماتر» ومؤسسها فيصل البناي أجرى مقابلة نادرة مع وكالة أسوشييتد برس في مقر الشركة في أبوظبي، ونفى أن يكون لشركته أي مسؤولية مباشرة عن انتهاكات حقوق الإنسان في دولة الإمارات.

 وأنشئت الشركة في الإمارات في عام 2015، وحرصت أن تظل شركة تجارية، على الرغم من أن حكومة الإمارات تشكّل 80% من قاعدة عملاء دارك ماتر. والآن تسعى الشركة إلى التأكيد على أنها مستقلة عن الحكومة، مع أنها تصف نفسها بأنها «شريك استراتيجي لحكومة الإمارات». ووفقاً لموقعها على شبكة الإنترنت، فإن الهدف المعلن للشركة هو «حماية الحكومات والمؤسسات من التهديد المتطور باستمرار من الهجمات السيبرانية» من خلال تقديم مجموعة من خدمات الأمن السيبراني غير الهجومية.

البحث عن القراصنة المهرة

ومع أن «دارك ماتر» تقدِّم أنشطتها على أنها دفاع وحماية، إلا أن خبير الأمن الإيطالي، الذي حضر مقابلة مع الشركة في عام 2016، يقول إنها متجذرة في نظام الاستخبارات الإماراتي. كما ادعى سيمون مارجريتيلي، وهو أيضاً قرصان سابق، أنه خلال هذه المقابلة أُبلغ عن نية دولة الإمارات لتطوير نظام مراقبة «كان قادراً على اعتراض وتعديل وتحويل وكذلك أحياناً إخفاء حركة المرور على الملكية الفكرية، 2G، 3G ، وشبكات 4G.

وعلى الرغم من أنه قدّم له راتب شهري بدون أجر قدره 000 15 دولار، فإنه رفض العرض لأسباب أخلاقية. وعلاوة على ذلك، في التحقيق الذي أجراه موقع «إنترسيبت» في عام 2016، قالت مصادر مطلعة على شؤون الشركة الداخلية، أن «دارك ماتر» كانت تسعى «بشدة» للحصول على قراصنة محترفين للقيام بعمليات المراقبة الهجومية. وشمل ذلك خططاً لاستغلال مجسّات الأجهزة المثبتة بالفعل في المدن الكبرى من أجل تتبع وتحديد مكان واختراق أي شخص في أي وقت في دولة الإمارات. ومنذ اندلاع الانتفاضات العربية في عام 2011، أصبحت الحوكمة الداخلية للأمن السيبراني، التي استخدمت لقمع ناشطي الثورة وقمع الأصوات المعارضة، ذات أهمية متزايدة للحكومة الإماراتية والأنظمة الأخرى في جميع أنحاء المنطقة.

السيطرة الاستبدادية

في دولة الإمارات، وُجد هذا التعبير التشريعي في قانون الجرائم الإلكترونية. وقد تم وضع القانون في عام 2012، حيث «أحكامه غامضة وصيغ صياغة توفر أساساً قانونياً لاحتجاز أي شخص ينتقد النظام على الإنترنت»، على حد قول «أوديل». ويأتي ذلك بعد فترة وجيزة من تشكيل هيئة الأمن الإلكتروني في الإمارات، وهي الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني، التي بدأت العمل مؤخراً بالتوازي مع وحدة القيادة الإلكترونية للقوات المسلحة الإماراتية، التي أنشئت في عام 2014.

وقد عملت شبكة من الهيئات الحكومية الإماراتية وصناعات الاتصالات الموجهة للدولة في تنسيق واسع مع الشركات الدولية المصنعة للأسلحة وشركات الأمن السيبراني لتحويل تكنولوجيات الاتصالات إلى «مكونات مركزية للسيطرة الاستبدادية»، على حد وصفه. في عام 2016، أعلن مسؤول من شرطة دبي أن السلطات تراقب المستخدمين عبر 42 منصّة إعلامية اجتماعية، في حين أن متحدثاً باسم هيئة تنظيم الاتصالات في الإمارات يتفاخر بالمثل أن جميع المواقع الاجتماعية ومواقع الإنترنت يجري تتبعها من قبل الوكالات ذات الصلة. ونتيجة لذلك، «تم اعتقال عشرات الأشخاص الذين انتقدوا حكومة الإمارات على وسائل الإعلام الاجتماعية بشكل تعسّفي، واختفوا بالقوة، وتعرّضوا للتعذيب في كثير من الحالات»، بحسب «أوديل». وفي العام الماضي، تلقى الصحفي الأردني تيسير النجار والأكاديمي الإماراتي البارز ناصر بن غيث حكماً بالسجن لمدة ثلاث سنوات وعشر سنوات على التوالي بسبب كتابة تعليقات على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبالمثل، احتجز الناشط الحقوقي أحمد منصور الحائز على جائزة منذ أكثر من عام بسبب أنشطته على الإنترنت. وقد كان هذا موضع اهتمام مشترك في المنطقة ما بعد «الربيع العربي». وتماشياً مع هذا، فُتح سوق مربح للأمن السيبراني في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والتي وفقاً لشركة أبحاث التكنولوجيا الأمريكية غارتنر، بلغت قيمتها 1.3 مليار دولار في عام 2016.

«عين الصقر» وإسرائيل

وعلى الرغم من عدم وجود علاقات دبلوماسية رسمية بين البلدين، إلا أنه في عام 2016، أطلقت أبوظبي نظام «فالكون آي» (عين الصقر)، وهو نظام مراقبة مدنية زودت به إسرائيل دولة الإمارات، على حد قول «ميدل إيست آي». وقال مصدر مقرّب من فالكون آي، إن هذا النظام يُمكّن مسؤولي الأمن الإماراتيين من مراقبة كل شخص «منذ اللحظة التي يغادرون فيها بيوتهم إلى إلى لحظة عودتهم إليها».

وأضاف المصدر أن النظام يسمح بتسجيل أنماط العمل والأنماط الاجتماعية والسلوكية وتحليلها وحفظها: «يبدو الأمر وكأنه خيال علمي ولكنه يحدث في أبو ظبي اليوم»، يؤكد «أوديل». وعلاوة على ذلك، في عام 2016، تم اختراق «آي فون» أحمد منصور من قبل حكومة الإمارات باستخدام برامج قدّمتها شركة أمن إسرائيلية. وتفيد التقارير أن السلطات الإماراتية دفعت مليون دولار للبرمجيات، ما دفع وسائل الإعلام الدولية إلى تسمية منصور «الناشط المليون دولار»، على حد وصف «أوديل». توضّح قضية منصور كيفية قيام السلطات الإماراتية بممارسات «غير أخلاقية». في السنوات الأخيرة، اشترت دولة الإمارات منتجات برمجيات مصمّمة خصيصاً من شركات عالمية مثل «هاكينج تيم» للانخراط في هجمات معزولة وموجهة ضد نشطاء حقوق الإنسان مثل منصور.

وختم «أوديل»، قائلاً: إن عمليات شركة «دارك ماتر»، ونظام فالكون آي، تشير إلى أنه بدلاً من الاعتماد على المنتجات الفردية من الخارج، تقوم سلطات الإمارات حالياً ببناء نظام مراقبة خاص بها، وتوفر القدرات محلياً من خلال تطوير البنية التحتية لدولة بوليسية في القرن الحادي والعشرين، على حد تعبيره.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى